نائبا أمير الرياض والشرقية يعزيان أسرة بن ربيعان    رئيس الشورى يستقبل سفراء خادم الحرمين المعينين حديثًا    أمير المدينة يستعرض أداء الأجهزة الأمنية    أربع اتفاقيات جديدة لتدريب وتمكين الكوادر الوطنية    اهتزاز سوق السندات الأميركية وراء تعليق رسوم ترمب    12.6 مليار عملية دفع إلكترونية منفذة في عام    الحرب على غزة.. تصعيد في رفح.. وتدهور للأوضاع الإنسانية    العام الثالث من الحرب السودانية: فظائع متصاعدة ومجاعة كارثية    الشارقة يكسب التعاون ويتأهل إلى نهائي أبطال آسيا 2    ذهبية سعودية في إفتتاح ألعاب القوى الأسيوية للناشئين    نفاد تذاكر مباراة الهلال وجوانجغو في نخبة آسيا    تعزيز الوعي بنظام الإفلاس وتطوير عمل جمعيات حماية المستهلك    أمير الجوف يقلد مدير مكافحة المخدرات رتبته الجديدة    شرطة مكة: القبض على شخص لنشره إعلانات حملات حج وهمية ومضللة بتوفير سكن للحجاج ونقلهم داخل المشاعر المقدسة    20 ناطقا بغير العربية ينافسون عربا بمسابقة قرآنية    حاملة طائرات أمريكية ثانية في المنطقة قبيل المحادثات مع إيران    على أرض المملكة.. يتجسّد تحدي الأبطال في بطولة سباق الفورمولا1    46 ألف دعوى بالمظالم    صاروخ الدون أجمل الأهداف    بخيل بين مدينتين    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    جود بيلينغهام: تاريخ ريال مدريد يمنحنا الثقة في قدرتنا على الثأر من آرسنال    فرع الإفتاء بجازان يختتم برنامج الإفتاء والشباب في الكلية الجامعية بفرسان    394 مليار ريال نمو الائتمان المصرفي السعودي خلال عام    وزير الداخلية يبحث مع السفير السوداني عددًا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك    السعودية للكهرباء تحصد 5 ميداليات في معرض جنيف الدولي للاختراعات    خالد باكور: فيلم "هو اللي بدأ" خطوة لصناعة أفلام طويلة برؤية مختلفة    "زين السعودية" شريك إستراتيجي مع "جمعية لأجلهم "لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير منطقة الرياض يكرم الفائزين بجائزة الملك فيصل لعام 2025    «سلمان للإغاثة» يدشن بالأردن برنامج "سمع السعودية" التطوعي    برعاية أمير المدينة.. انطلاق أعمال الدورة ال 45 لندوة البركة للاقتصاد الإسلامي غدًا    بدء استقبال طلبات صرف تعويضات ملاك العقارات المستوفية للإجراءات في موقع الكدوة بمكة    السجن خمس سنوات لمواطن بتهمة الاحتيال المالي على 41 ضحية عبر منافذ البيع الإلكترونية    أمير نجران يعتمد الهيكل الإداري للإدارة العامة للإعلام والاتصال المؤسسي بالإمارة    59 بلاغًا عن آبار مهجورة في القصيم    وزير الطاقة ونظيره الأمريكي يزوران أول بئر بترول في المملكة    السوق السعودي يغلق على ارتفاع    "واتساب" تمنع الآخر من تخزين صورك وفيديوهاتك    الشرطي الشبح    مها الحملي تتألق في رالي الأردن وتحقق المركز الثاني عالميًا    بعد قرار مفاجئ.. إلقاء مدير مستشفى في حاوية قمامة    4 أيام على انتهاء مهلة تخفيض المخالفات المرورية    الحقيقة التي لا نشاهدها    انعدام الرغبة    لا تخف    القوات الجوية الملكية السعودية تشارك في تمرين "علم الصحراء 10"    5 مكاسب بتبني NFC في الممارسة الصيدلانية    نادي الثقافة والفنون في جازان يحتفي بعيد الفطر في أمسية شعرية من أجمل أماسي الشعر    تفوق ChatGPT يغير السباق الرقمي    10 سنوات على تأسيس ملتقى أسبار    الفلورايد تزيد التوحد %500    تأثير وضعية النوم على الصحة    دول غربية تعالج التوتر بالطيور والأشجار    (16) موهوبة تحول جازان إلى كرنفال استثنائي    أمير تبوك يزور الشيخ محمد الشعلان وبن حرب والغريض في منازلهم    الزامل مستشاراً في رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين    شيخ علكم إلى رحمة الله    إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سماسرة الفتن (2)
إسباندالوس
نشر في الجزيرة يوم 17 - 02 - 2018

ما كاد العقد السابع من القرن الثامن الهجري يشرق على مملكة بني نصر حتى طرقها نبأ الانقلاب الذي انتهى بخلع الحاكم الشرعي محمد الخامس، وصعود محمد السادس (المعروف بالبرميخو) لسدة الحكم. والغريب أن أحدًا لم يشعر بالتدبير ولا حدس بالمؤامرة، حتى لسان الدين ابن الخطيب نفسه، على فرط قلقه وشدة توجسه؛ بقي مشدوهًا لهذا الصباح الأسود الذي وجد نفسه فيه مجردًا من مراسم الوزارة وحيدًا من الجاه في الوقت الذي طار فيه سلطانه المخلوع فجرًا، ولم يمهله الطارئ لاستركاب أهم أعمدة الدولة وعقلها المدبر.
حينما تقلب آثار ابن الخطيب المكتوبة، تلمع بين الأسطر عبارات تخوف واضطراب من هؤلاء السماسرة الكامنين على حواشي الفتنة، وكم كان يحذر سلطانه من عاقبة إسقاط العيون عن الكيانات السائبة بعد تسريحها من الخدمة أو توبيخها أمام الملأ، وهي حصافة سائس دولة، يرى الهوامش البشرية أشد خطورة من المتون المتنفذة، وأن خفافيش الظلام المنتحية جانب الأنوار، تقض المضاجع أكثر من الأحزاب والعساكر في وضح النهار. والحاصل أنه بقي في مهب العاصفة، واضطر للمداهنة مع المنتزين على السلطة، حتى أثمرت فيه الوشاية، وزج به في غياهب السجون، وكان عليه أن يتحرى وساطة تستنقذه من بعيد، فشفع فيه سلطان المغرب وألحقه بأميره الذي سبقه في اللجوء إلى عاصمة السلطنة المرينية.
وإن كانت خاتمة الانقلابي محمد البرميخو وعصابته على يد بدرو القاسي ملك قشتالة باتت حديث الركبان عن خرق التدبير وسوء المصير؛ فإن سماسرة الفتنة أخلدوا إلى الأرض ونال عفو السلطان محمد الخامس بعضَهم حين آب إلى دار ملكه. ولقد صدق فيهم ظن ابن الخطيب فيما بعد، لكنه كان الضحية الوحيدة لهم للأسف لما شاغبوا على كتاب له عدّوه من الزندقة بعد أن ألجأوا مؤلفه إلى الفرار خفية إلى بلاد المغرب. وفي حديث ابن خلدون عن محنة صديقه القديم ابن الخطيب وكيف أظلم الجو بينه وبين سلطانه، تشخيص أمين لتلك المرحلة التي نجح فيها السعي ضد صاحبه، وتسلم سماسرة الفتن ملف إدانته والتشنيع عليه.
لقد كان وعي الرجل بما يحيطه عظيمًا، وأعظم منه براعته في فرز فتائل الأزمات وحصر عدتها، وتوجيه الذهن باتجاه الخطر الساكن فيها.
ويبدو أن وزير غرناطة وهو يشير لهذا النوع من الشخصيات البشرية، إنما كان يقوم بتنميطها ورسم ملامحها العامة من منظوره القابل للتعميم قطعًا. لقد عاينهم في بلاد المغرب إبان لجوئه هناك، وكان يصفهم وفي ذهنه نظراؤهم في الأندلس، واقرأ -إن شئت- في كتابه «نفاضة الجراب في علالة الاغتراب»، في معرض سرده لحكاية السلطان المريني «أبو سالم»، وكيف أنزلوه من كرسي ملكه، وشردوه في السكك، حتى تمكنوا منه بعد أن وجدوه متنكرًا، فعاجلوه بالسكين، ولم يمنعهم مدافعته إياها عن نحره حتى فصلوا رأسه عن جسده.
وعلى قدر نكران هذا الموقف في عرف الطبيعة السوية، تكون ألفته عند سماسرة الفتن ومن لف لفهم، ولنا مع هذا المشهد وقفة قادمة إن شاء الله تعالى، فالتاريخ دواليب هواء عتيقة يعود بعضها على بعض.
** **


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.