هذا العنوان يريد أن يحيلك منك إليك..؟! فالتاريخ هو حياتك كلها.. أو بعضها أو ربما معظمها. أما الجغرافيا فهي وجهك. ولك أن تحدد المسافة بين المرآة و(شوفته).. فأنا أكاد أجزم أن معظم الناس يقفون أمام المرآة كل يوم.. يغسلون وجوههم وينظفون أسنانهم .. ويحلقون ويشذبون لحاهم وشواربهم ويكملون توظيب مظهرهم.. هم من النوع الذي يرى مظهره ولا يرى وجهه. وأنا شخصياً حتى عندما أجلس بين يدي (الحلاق).. أغمض عيني حرصاً على ألا تقع عيني على (طخة) ذاك الذي يطل على من صفحة مرآة الحلاق. وذات مرة كان بصحبتي أحد أبنائي.. وفوجئت به يسألني: - ليش جالس قدام المراية مغمض عينك.. ايش ما تبغى تشوف وجهك..؟ قلت بضيق: - ايش تبغاني أشوف فيه.. وجهى..؟! ماشي وشايله معايا محل ما أروح.. كفاية الناس شايفته.؟! وعارفين البلاوي اللى مرت عليه..؟! وتذكرت أبي. أحيانًا استيقظ من النوم وأأتي للجلوس قرب أمي وأتمتم: - صبي شاهي.. ؟! فأسمعه يقول: - يالله صباح خير.. أشبك قايم ووجهك يلطش بعضه.. قوم أتشطف ووحد الله. لكني كنت أحياناً أدور على مراية وأطالع فيه.. وكان عاجبني قبل أن تتكاثر عليه الهموم.. وتتغير خريطته. أما إذا بدأت بالتاريخ.. ودخلت على الجغرافيا فى أى (مراية) وأخذت تتفقده.. وتفتش فيه عن التجاعيد.. وها لك أن الشعر الأبيض قد ازداد في لحيتك وشاربك.. فأنا انصحك نصيحة لله.. لا تخلي عينك تجي فى عينه. طبعاً هناك فرق جوهري بين الرجل والمرأة فى مفهوم النظر للمراية.. لأن المرأة ترى بوجدانها وخيالها.. أما أنت فلا ترى إلا بما يحركه فيك عقلك. المرأة ترى الغد.. وأنت ترى الأمس. هى ترحل للغد.. وأنت تسعى للهرب من مجهول ذلك الغد.. وتعيدك ملامح وجهك للأمس. هل حقيقتك ملامح وجهك..؟! أم حقيقتك ماضيك..؟! ترى ما الذي تبقى فيك منك. تفقد وجهك من (بعيد لبعيد) علك ترى بعض ما فقدته منك. لكن.. إذا غفلت عن نفسك.. والتقت عينك بعين من يحدق فيك من المرآة.. فلا أدري من منكما الذى سوف يخجل من الآخر.