هذه المرآة التي أعود إليها كل يوم لأتذكر ملامحي، وأتهجى خطوط الزمان تجري ينابيعه على وجهي، فأراني مخطوفة اللون تائهة النظرات، هذه المرآة التي اختزلت قصص النساء في «بريق».. في التماعة قصة قد تحدث دائما، وتحكيها المرايا أذهب إليها كغيري كي أستعيد شموخي؛ كي يمر وجهي عبر مساحاتها قافلة من القصص وهو يحدثني عن بريق عيني الذي تغير وعن كلي الذي يغيب أحيانا خلف كواليسها ويبدو أحيانا ما بين فرح وحزن وبهجة.. ما بين طفولة وشباب وشيخوخة يمر عبر روزنامة الوقت وينعكس جلياً أمامي لأعرف ماذا تغير؟ تظل المرآة هي الوجه الثاني للذات والميراث الفلسفي المرتبط بالمعرفة وانعكاس العقل على نفسه، في ثنائية المعرفة الذاتية، والتعددية الرمزية عند المبدعين ونماذج تجريبية الملامح، سريالية القسمات، أو لوحات قلمية.. إنها الدليل الدامغ على تغيرات وجه المرأة، هذا الكائن البراق يلمع جلياً في الذاكرة، هذا ما ذكرته الحكايات والقصص التاريخية عن النساء، ككائنات تنتمي للمرآة، وهو ما اختصرته الفنانة «إليسا» بطريقة احترافية في كليب «يا مرايتي» لقصيدة أحمد ماضي، في حكاية بسيطة لامرأة واحدة قد تنطبق على كثير من النساء ممن يقرأن في هذا الكليب سيناريو مواجعهن غير قادرات على الانتصار على الشروخ التي تتزايد في المرايا أو على إزالة ضبابية الصورة التي تسيطر على وجه المرايا تلك التي طمست معاني الاعتزاز في وجوه تربت على دروس تقديس الصبر والانتظار حتى يتغير الحال ويمضي العمر. قالت «إليسا» في نهاية الكليب في نصيحة للمرأة «اكسري صمتك ولا تكسري المراية»، كانت متيقنة من أن كثيراً من النساء المعذبات لا يستطعن رؤية وجوههن في المرايا، من أن وقوف المرأة في خذلانها وانكسارها أمام المرأة هو شرخ يضرب في صميم الحياة والأمل في مقتل الأنوثة، كانت هناك رسالة واحدة تدعم شموخ المرأة وقوتها وسيادتها العاطفية وإرادتها الواثقة، كانت هناك رسائل كثيرة للنساء برفض الظلم والصراخ ضد كل مبادئ السكوت والانتصار للعدالة في معاملة النساء. يقول محمود درويش أما أنتَ فالمرآة قد خذلتك أنت.. ولست أنتَ، تقول: أين تركت وجهي ثم تبحث عن شعورك خارج الأشياء بين سعادة تبكي وإحباط يقهقه.. هل وجدتَ الآن نفسك؟