فاصلة: ((إنّ الكلمات هي التي تقتل أولاً، أما الرصاصات، ففيما بعد)) - آدم ميهنيك - تهتم الوزارات والشركات والمؤسسات الكبرى بحساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن البعض يجهل أنّ إدارة مثل هذه الحسابات مهمة لا يستطيع القيام بها الصحفي التقليدي وحده، أو التقني الذي لم يمارس الصحافة وحده، لأنها ليست محتوى إعلامياً اختلفت وسيلة نشره فقط، بل أسلوب جديد لا يمكن للتعامل معه أن يتم دون تطوير للفهم والإدراك لما يعنيه التواصل الاجتماعي. برأيي إن المرحلة الحالية لصناعة الصحافة تؤكد على مبدأ مهم لصناعة متطورة لا تستغني عن القديم ولا تهمل الحديث، بينما يشهد الوضع في غالبه لدينا عدم التعاون بين المهنيين والتقنيين لصالح صناعة الإعلام الإلكتروني. ولو لي من الأمر شيء لاشترطت أن يتمتع كل صحفي اليوم بمهارات التعامل مع مختلف مواقع التواصل الاجتماعي لأسباب عدة، من أهمها أنّ مخزونه المعرفي السابق يقف به عند حدود التحرير، فالنشر لم يَعُد تقليدياً والقارئ لم يَعُد مطواعاً مسالماً يستقبل دون أن يكون طرفاً في الرسالة الإعلامية كأكثر من مستقبل. لذلك فإنّ محتوى تغريدات الحسابات الرسمية للوزارات والمؤسسات الكبرى ليست أمراً سهلاً، لأنها تعبِّر عن رؤية الوزارة ونهجها، فإذا ما أدارها أناس غير مهنيين في الصحافة فإنّ لذلك عواقب وخيمة. عندما أقول غير مهنيين فإني أعني أنهم لا يمتلكون الحس الصحفي أولاً والذي اعتبره من أساسيات معايير المهنة، فالحس الصحفي هو الحس الإنساني تجاه ما حولك، ثم يأتي بعد ذلك المعرفة التي يكوّنها الصحفي في تراكم سنوات ممارسته للمهنة. ولذلك لا أصف محترف الصحافة بسنوات عمله بل بقدرته على تطوير أدواته من خلال هذه السنوات (ماذا فعل لأجل مهنته، ماذا فعل لأجل تطوير شخصيته الصحفية، وليس كم عملاً صحفياً نشر أو كم جائزة حصل عليها وكم خطاب شكر؟). تغريدات الحسابات الرسمية ليست مجرد 140 حرفاً، إنها مهارة توظيف الرسالة الإعلامية التي تبثها الوزارة أو المؤسسة إلى الجمهور، ومن خلالها يتم التفاعل الذي تنشده، هذه التغريدات هي صورة الوزارة الذهنية بل وصورة الوزير شخصياً في ذهنية المجتمع.