قرار صائب للغاية، ذلك الذي اتخذته وزارة الصحة بمنع بيع المواد الغذائية المضرة بالأطفال الصغار داخل مقاصف المدارس الحكومية، خاصة إذا عرفنا أن هؤلاء الصغار لا يدركون حجم الضرر الواقع عليهم، فيقبلون على هذه السلع بلا توقف، ويرون أن تناولها يحقق لهم أقصى درجات المتعة والسعادة. ولكن يبقى الجميل في القرار أنه قنن «منع الخطر» الذي يعلمه الآباء جيدًا، ولكن الكثير منهم فشل في منع أطفاله من تناول هذه السلع، ولو خلسة، بعيدًا عن رقابة الكبار لهم. ويعزى الحزم والحسم في تطبيق قرار «الصحة» بلا مهادنة أو رحمة إلى أنه جاء بعد فترة مريرة وطويلة من المعاناة التي دفع ثمنها الصغار وحدهم، عندما تركناهم طواعية منا يتناولون كل ما يحلو لهم، دون رقيب أو حسيب، ووفرنا لهم في مقاصف المدارس الحكومية كل أنواع المقرمشات والحلويات والسكاكر والمشروبات الغازية والوجبات السريعة، يتناولونها وقتما يشاؤون وبالكميات التي تُرضي غرورهم، وتسد جوعهم، وكانت النتيجة أجيالاً من الصغار، يعانون أمراضًا شتى، وتنفق عليهم الدولة مبالغ طائلة في العلاج، الذي قد يكون ذا جدوى في حالات، وغير ذلك في حالات أخرى. ثمار القرار ظهرت في الإحصائية الأخيرة، التي أعلنتها وزارة الصحة، عندما قالت إنها تلقت منذ بدء الموسم الدراسي حتى الآن 767 بلاغًا عن تجاوزات صريحة لقرار المنع في المدارس، في إشارة جلية وواضحة إلى نجاح الحملة، وتفاعُل الطلاب وآبائهم معها بالصور التي تدفع هذا العدد للإبلاغ عن تجاوزات، شاغلهم الأول «صحة الأطفال»، وتجنبيهم الأضرار الناجمة عن تناول مأكولات، لطالما كانت سببًا في ظهور أمراض بين الطلبة والطالبات الصغار، ليس أولها تسوس الأسنان والسمنة، وليس آخرها الأمراض المستوطنة. نجاح التجربة، لم يكن ليتحقق، لولا التنسيق الجيد والمستمر بين وزارة الصحة من جانب، ووزارة التعليم من جانب آخر، واتفاقهما في نهاية الأمر على حماية الصغار، والمحافظة على صحتهم، ليس عبر التوعية والتثقيف المستمر بأهمية اتباع الحمية الغذائية السليمة والصحية فحسب، وإنما بالقرارات الملزمة للجميع، وبالعقوبات الصارمة بحق كل من يتجاوز هذه التعليمات، خاصة أن جانب التوعية قد لا يصل إلى مبتغاه من أطفال صغار، لا يدركون كل الحقائق الصحية في هذه السن المبكرة، فكان لازمًا اتباع قرارات المنع الملزمة. ما آمله وأتمناه أن نتبع آلية وزارة الصحة في وقف بيع السلع الغذائية المضرة، ليس في المقاصف المدرسية للأطفال الصغار، وإنما في كل مراكز التسوق، سواء بالمفرق أو الجملة، ومصادرة هذه السلع من المنبع، قبل أن تصل إلى المواطنين والمقيمين بجميع أعمارهم. وما أكثر هذه السلع بيننا الآن، التي يتناولها الكبار والصغار دون أن يدروا. وإذا نجحنا في تفعيل هذه الآلية وتعميمها نكون قد حققنا الكثير من النجاحات في حماية الصحة العامة «أولاً»، وتنقية أسواقنا من السلع الفاسدة «ثانيًا»، ووقف هدر ملايين الريالات في سلع لا فائدة منها «ثالثًا».