لم تنتظر الأطراف المعارضة لاستفتاء الأكراد في شمال العراق نتيجة ما حصل يوم الاثنين، وبدأت إجراءات مقاطعة حكومة إقليم كردستان، وأخذت التصريحات التصعيدية تتناثر من بغداد وأنقرة وطهران، وشهدت الحدود العراقية - التركية مناورات مشتركة بين القوات العراقية، والتركية وتوجّه الرئيس التركي، ورئيس هيئة الأركان التركية إلى طهران لإجراء مشاورات سياسية عسكرية بين البلدين الأكثر رفضًا للاستفتاء ونتائجه، ومتوقع أن يحظى الإعلان بتأييد كبير للاستفتاء المقرر إعلانه رسميا صباح يوم الخميس، والأكراد أعلنوا أن أكثر من ثمانين بالمئة قد أيدوا انفصال إقليم كردستان عن العراق. بغداد بدورها أعلنت أنها لن تعترف بنتيجة الاستفتاء وأنها أحالت الأمر إلى المحكمة الاتحادية، وهدد رئيس الوزراء حيدر العبادي باتخاذ إجراءات تصعيدية ضد كل من شارك في الاستفتاء، وهو ما يعرض كثيرا من المسؤولين الأكراد الذين يشغلون مناصب رسمية في الحكومة الاتحادية إلى العزل وبالذات النواب الأكراد في مجلس النواب العراقي الذين شاركوا في الاستفتاء إضافة إلى محافظ كركوك والسفراء الأكراد، كما أن منصب رئيس الجمهورية الذي يشغله الكردي فؤاد معصوم معرض للتغيير، إن لم يعلن معصوم تبرأه من نتيجة الاستفتاء، وهو لم يعلن تأييده له ولا معارضته، ولن ينجو من عمليات الإبعاد للأكراد عن العملية السياسية في بغداد سوى نواب حركة التغيير بزعامة نشيروان مصطفى التي انشقت عن الحزب الاتحادي الوطني الكردي الذي يرأسه جلال الطلباني وبعض من نواب الحركة الإسلامية الذين أعلنوا قبل الاستفتاء بصورة واضحة وعلنية معارضتهم للاستفتاء. عدم تحمس بعض المسؤولين الأكراد سواء من الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة الاتحادية أو السياسيين في الإقليم الكردي وبالذات من الأحزاب الكردية الأخرى، وبالذات المتواجدة في السليمانية أو في كركوك يجعل السهام موجهة إلى السيد مسعود البرزاني رئيس الإقليم ورئيس الحزب الديمقراطي الكردي الذي يقود معركة الحصول على استقلال الأكراد، ويرى كثير من خصوم البرزاني بما فيهم من سياسيي الأكراد أنه يخوض معركة سياسة شخصية، وهي ذات نتائج مهمة فإذا نجح في تحقيق هدفه النهائي بتحقيق الانفصال عن العراق وإعلان الدولة الكردية يكون قد حقق أقصى ما يتمنى أن يصل إليه زعيم كردي، أما إذا استطاعت القوى الإقليمية والمحلية إحباط مشروعه وإفشاله فيعني نهاية عمله السياسي وقد يؤدي إلى إفشال مشروع الأكراد برمته سواء في العراق أم في سورية وتركيا وإيران. ولهذا فإنّ كثيراً من الأكراد وبالذات من يتبعون جلال الطالباني ونشيروان مصطفى وقادة الحركات الإسلامية الكردية يرون فيما قام به مسعود البرزاني مغامرة تتعدى مستقبله السياسي إلى مستقل ومصير الأكراد خاصة وأن بغداد وأنقرة وطهران ستتحالف ضده وقد تهاجم إقليم كردستان عسكرياً إضافة إلى مقاطعته اقتصادياً وإغلاق حدوده، ومنع تصدير النفط الذي يستخرجه الأكراد من كركوك وتصدره عبر الموانئ التركية.