في الوقت الذي تتطلع فيه شعوب المنطقة إلى أن انفراج الأزمة الخليجية باستجابة قطر لصوت الحكمة ودعوة الوحدة بتلبية مطالب الدول الأربعة الداعية إلى مكافحة الإرهاب؛ نجد النظام القطري يُرسل سفيره إلى إيران تأكيداً لعودة العلاقات الدبلوماسية، وكأنه (يُكفّر عن ذنبه) بقطع تلك العلاقات، ثم يُكمل حالة التيهان السياسي ب(معلقة الشرف)، التي أطلقها مندوب قطر تحت قبة الجامعة العربية، عندما وصف إيران وسياساتها العدوانية ب(الشريفة). أين هذا الشرف المزعوم في الدولة التي فجرّت الطائفية في عالمنا الإسلامي من يوم أن وطأت أقدام الخميني مطار طهران عام 1979م؟ أين هذا الشرف في من حاولت بشكل مستمر زعزعة أمن الحج لولا فضل الله ثم السياسة الحازمة لقيادة المملكة ويقظة رجال أمننا الذين تصدوا للغوغاء الإيرانية؟ أين هذا الشرف في تمزيق العراق في حرب طائفية مستمرة؟ أين هذا الشرف في شلال الدم الذي فتحه الحرس الثوري الإيراني في سوريا بمشاركة أذنابه في حزب الشيطان ونظام بشار الإجرامي وتنظيم داعش؟ أين هذا الشرف في العمل الإرهابي بإحراق السفارات وفي مقدمتها سفارة المملكة؟ أين هذا الشرف في نشر التشيع الفارسي في المجتمعات السنية؟ كل هذه المخازي وأعمال الإرهاب نقلتها قناة (الجزيرة) الذراع الإعلامي للسياسة القطرية. فكيف تحولت تلك المخازي وأعمال الإرهاب في قاموس النظام القطري إلى سياسات وممارسات شريفة؟ هل كان الثمن هو التجاوب الإيراني السريع مع هذا النظام بعد المقاطعة السيادية من قبل المملكة والبحرين والإمارات ومصر. هل يعتقد النظام القطري أن حكومة طهران جمعية خيرية لأنها فتحت أجوائها للطيران القطري؟ أو أن ملالي إيران يقدمون الهبات بفتح الموانئ الإيرانية للسفن والبواخر القطرية. هذا وهم؛ فإيران التي يتباهى قادتها أنهم سيطروا على أربعة عواصم عربية (بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء) لن تفوت هذه الفرصة التي منحتها لها الحماقة السياسية للنظام القطري باختراق اللحمة الخليجية. لكن ما فات على هذا النظام أن إيران ما دخلت بلداً إلا أفسدته ونشرت فيه الخراب أو على الأقل جعلته تحت سيطرتها. وأن هذا الانفتاح تجاه إيران أو تلميع سياساتها باسم (الشرف) سيكون له انعكاسات سلبية على الواقع القطري، سواءً كيان الدولة أو نسيجها الاجتماعي؛ فالإيرانيون لن يكتفوا بفتح سفارة أو وجود قنصلية، إنما سيكرسون وجودهم عن طريق الأنشطة الاجتماعية، والمراكز الثقافية كما حدث في السودان وماليزيا لولا لطف الله ثم تدارك الإخوة السودانيين والماليزيين بتصحيح واقعهم. فهل يستطيع النظام القطري أن يُغلق تلك المراكز أو يوقف تلك الأنشطة عندما تتغول إيران بالواقع القطري؟ لذا ينبغي على هذا النظام أن يدرك أن الخوف من التمدد الإيراني على أهلنا في قطر بسبب حماقته السياسية، أما بلادنا فتظل أكبر دولة في المنطقة ولا تملك إيران أن تزعزعها، بل هي الدولة التي أوقفت مشروع إيران باليمن. فليتذكر النظام القطري ما قاله السفير أحمد قطان.