إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    رونالدو يعلق على تعادل النصر في ديربي الرياض    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    ما حقيقة الاهتمام بضم نيمار من الهلال؟ مدرب إنتر ميامي يُجيب!    «الداخلية»: ضبط 21370 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.    الهلال يتفوق على سلسلة الأهلي بعد ديربي الرياض    اتفاقية لخدمات النقل الجوي بين كوسوفا والمملكة لتسهيل نقل الحجاج والمعتمرين    السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال في السودان الشقيق وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الشيف الباكستانية نشوى.. حكاية نكهات تتلاقى من كراتشي إلى الرياض    المملكة "برؤية طموحة".. جعلتها وجهة سياحية عالمية    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    دبي.. رسالة «واتساب» تقود امرأة إلى المحاكمة    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    "الأرصاد": أمطار على منطقة المدينة المنورة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    ضمك يتعادل إيجابياً مع الرياض في دوري روشن للمحترفين    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    تن هاج يشكر جماهير مانشستر يونايتد بعد إقالته    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الدفاع المدني: استمرار الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى الاثنين القادم    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    ما الأفضل للتحكم بالسكري    صيغة تواصل    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    الدبلة وخاتم بروميثيوس    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    نورا سليمان.. أيقونة سعودية في عالم الموضة العالمية    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    الأنساق التاريخية والثقافية    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    عن فخ نجومية المثقف    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوراق تحاور مجموعة من الباحثين والأساتذة والمهتمين
سألتهم: هل استفدنا من التاريخ؟ والغالبية تقول: لم ينجح أحد!!
نشر في الجزيرة يوم 24 - 07 - 2017

اختصار: سألنا مجموعة من الدكاترة والباحثين والمهتمين في أكثر من تخصص وفي اهتمامات عدة... هل استفدنا من القراءة في التاريخ وأخذنا العبر والدروس لتجنب الوقوع في الأخطاء مرة أخرى أم لا؟ تعددت الإجابات وإن كان التوجه العام للإجابات أننا لم نستفد من القراءة ودارسة التاريخ كما ينبغي.. إلى هذه الأجوبة والمناقشات.
الصاوي: الإنسان كائن تاريخي
يقول الدكتور أحمد الصاوي من كلية السياحة والآثار جامعة الملك سعود: لطالما حاول الفلاسفة صياغة تعريف "جامع مانع" للإنسان يحتوي بداخله ما يتميز به البشر كافة على تباين أجناسهم واختلاف مشاربهم الاجتماعية وثقافاتهم ويمنع في الوقت ذاته أياً من أعضاء الفصيلة "الحيوانية" من الدخول تحت هذا التعريف.
وبعيداً عن الخوض في مدى نجاح هذه المحاولات فإن ثمة اتفاقاً على أن الإنسان كائن تاريخي أو مجرب، أي أنه يختزن خبراته التاريخية فلا يقع مثل بقية الحيوانات في الأخطاء الأزلية ذاتها.
ومن هذه الزاوية فإن المجتمعات أيضاً يجب أن تتعلم من تجاربها عبر التاريخ طالما هي مجموعة من الأفراد، ومن ثم فإن بعضاً من مقاييس تطور الأمم والشعوب يعتمد على إدراكها الواعي لدروس تاريخها، وإذا ما استمرت في ارتكاب الأخطاء القديمة ذاتها فمعنى ذلك ببساطة أنها تفتقد لإنسانيتها بقدر ما انقطعت بالوعي عن تاريخها.
ومن يتأمل تاريخ أمة العرب المعاصر لن يجد صعوبة تُذكر في أن يدرك أنها ترتكب الأخطاء التاريخية ذاتها التي وقعت فيها ولم تفلح في أحوال كثيرة في تجنب النتائج الكارثية التي وقعت أمثالها عبر التاريخ.
حتى اللحظة ما زلنا نعيد إنتاج الخلافات التي عصفت بأمة العرب المسلمين منذ الفتنة الكبرى التي راح ذو النورين عثمان بن عفان ضحيتها ومن بعده علي بن أبي طالب، بل ونسدر في الغي مستخدمين المفردات ذاتها التي ذهبت بالأمة بدداً وأراقت الدماء أنهاراً.
ما زال بيننا من يرفع مقولات ويطبق أفعال الخوارج في تكفير من يخالفهم الرأي واستباحة دمائهم وسبي ذراريهم دون أدنى اعتبار لأن الإسلام عصم دماءهم، وما داعش وأضرابها إلا مثال حاضر على ذاك الإهدار للتجربة التاريخية للأمة، وكأننا أمام مشاهد ما قبل وبعد موقعة النهروان التي أوقع فيها الإمام علي بجمهرة من هؤلاء الخوارج.
ما زلنا نرى خلافات معركة "صفين" تنحرف بالبعض عن أصل العقيدة حتى عدوا "كربلاء" بداية للعقيدة وراحوا ينسجون منها تفسيرات وآراء تزيد من الشقاق والتنافر بين المسلمين وبإصرار لا نظير له، وحتى درس الحروب الصليبية الذي تعلمنا منه أن الفرقة بين أمراء وحكام العرب هي التي مكنت جيوش أوربا الصليبية من احتلال فلسطين وأجزاء أخرى من بلاد الشام، وأن وحدة هؤلاء الحكام هي التي كانت مفتاح النصر على ذلك الغزو، حتى هذا الدرس القريب ننساه حتى أن أولئك الذين تشدقوا بأن غايتهم تحرير "بيت المقدس" ولوا ظهورهم للقدس ويمموا وجوههم نحو المسلمين "يجاهدون" فيهم ويثخنونهم جراحاً.
نرتكب إلى اليوم أخطاء ملوك الطوائف ذاتها في الأندلس فيستعين بعض حكام العرب على أشقائه ليس فقط بالقوى الأجنبية والاستعمارية بل ويؤلب ويمول ويجند شذاذ الآفاق لتخريب كل عامر من بلاد العرب والمسلمين وما قطر إلا مثال حي وفريد في هذا الباب. الخلاصة المؤسفة أننا صرنا أكثر الأمم إهداراً لدروس تجاربها التاريخية، والله غالب على أمره.
الحميضي: كل جيل لا يستفيد من الجيل السابق!!
أما الأستاذة فوزية الحميضي، وهي مهتمة بالتاريخ والتراث، وصاحبة مشاركات تراثية وتاريخية في الكتابة وتنظيم المعارض، فتقول: حقيقة لم يستفد العرب من تاريخهم وما مر فيه أسلافهم من محن أو منح! فكل جيل لا يستفيد من تجارب الجيل الذي سبقه! ويريد أن يمر بالتجربة بنفسه! لذا فالنعم تزول، والمشكلات تتكرر وتزداد تعقيداً. والله تعالى يقول:{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأنفسهِمْ}. ومع ذلك لا ينبغي أن نتشاءم؛ وننظر للأمور بسوداوية، بل لابد من التفاؤل فلعل الله يحدث بعد ذلك أمراً!
حمود السليمان: استشراف المستقبل يأتي بدراسة التاريخ
وأما الدكتور حمود السليمان، فلم يخرج عن سياق المشاركات السابقة، حيث إنه يرى أننا لم نستفد بالشكل المطلوب من دراسة التاريخ، حيث قال في جوابه على سؤال الوراق:
التاريخ حقل تجارب الأمم ومرآة الشعوب، وهو النور الذي يستضاء به لتقوية الحاضر واستشراف المستقبل، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال الاستفادة من تجارب أخطاء الماضي وسلبياته لمعالجتها حتى تكون أمة قوية يشار إليها بالبنان، فالتاريخ ليس مجرد سرد أحداث ووقائع وقصص ولكنه تفسير وتحليل لها واهتداء للروابط التي تحكمها. يقول "ارنولد تويبيني" في محاضرة ألقاها في القاهرة في الستينات من القرن الميلادي المنصرم (إن الذين يقرؤون التاريخ ولا يتعلمون منه أناس فقدوا الإحساس بالحياة، وإنهم اختاروا الموت هربًا من محاسبة النفس أو صحوة الضمير والحس).
ومن خلال قراءتي المتواضعة فإنه - للأسف - لم نستفد بالشكل المطلوب من قراءة التاريخ فتكررت الأخطاء ووقعنا في مشكلات أكثر تعقيداً وأشد إيلاماً، وكانت سبباً في تأخرنا بغض النظر عن أي مصالح أو مدارات تحكم هذا الموضوع، فالمصلحة أن نكون أقوياء حاضراً وأكثر قوة مستقبلاً، وهذا لن يتحقق إلا بالاستفادة من تجارب الماضي ودروسه. فهي عبرة لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
د. هند التركي: الحراك السريع شكل عائقاً أمام حل بعض المشكلات
ولم تخرج الدكتورة المؤرخة هند التركي أيضاً عن التوجه العام للأجوبة السابقة، فهي تقول:
من وجهة نظري لم نستفيد، لأن الحراك الحضاري السريع واختلاف الظروف وتغيرها جعل تجاربنا في حل المشكلات لا تجدي على الرغم من مرور مشكلات ربما تكون مشابهة لما يحدث، ولكن لا نستطيع أن نقيس حلولها على السابق وربما نلجأ إلى الخبرات القديمة (كبار السن) لما لهم من دور في حل أغلب المشكلات سابقاً، ولأنهم يتحملوا مسؤولية القرار وإيجاد الحلول، وهذا لا ينطبق ولا يكون صائباً في معظم المشكلات لاختلاف الأفكار وللسرعة في اتخاذ القرار من الجيل اليوم.
المشاري: حكمة كبار السن دليل على استفادتهم من التاريخ
يؤكد فضيلة الشيخ عمر بن عبد الله المشاري الباحث المعروف وخطيب جامع بلدة الداخلة (بسدير) محافظة المجمعة على أن هناك من يستفيد من التاريخ، ويقول: نعم يستفيد المرء من تجاربه السابقة حيث عرَّفته على مكامن القوة والضعف في حل ما يُشكل عليه منها، فقد يتبين له فيما بعد بالحل الأصوب لها فيكتسب خبرات قد لا توجد عند غيره؛ لذلك في الغالب يُرى من رأي كبير السن ما يكون علاجاً فعَّالاً للمشكلات ما لا يُرى عند غيره؛ لكثرة خبراته وتجاربه، كما أن في قراءة سير السابقين وتاريخهم وما جرت عليهم من أحداث يُكسب مهارة في حل المشكلات المتشابهة، فالربط بين الحاضر والماضي له أبلغ الأثر في إيجاد الحلول المجرَّبة المناسبة والاستفادة منها بشرط فقه الموازنة والمقارنة بينها بعد التصور الصحيح.
أما من لم يستفد من تجارب ودروس الماضي فهو الذي لم يعمل على إصلاح الخلل أو سوَّف فيه.
الباحث الوسمي: في تاريخنا الحل....لكننا لم نستفد منه!!
وأما الباحث نايف بن عوض الوسمي، وهو صاحب تجربة شخصية في نشر الوثائق التاريخية والتعامل معها، فيقول:
إن القارئ للتاريخ يجد فيه الكثير من العبر والفوائد الجمة في حل كثير من المشكلات في مجتمعنا، وهذا ما وجدته خلال قراءتي وبحثي في الوثائق والمصادر التاريخية، لكن الواقع الحالي بمشكلاته الكثيرة لا نستفيد مما كان عليه أسلافنا في حل مشكلاتهم اليومية التي أوردتها الوثائق، ففيها الكثير من الحلول للمشكلات الواقعة في عصرنا، فهناك وثائق المعاهدات والمواثيق والخصومات بيت الأفراد والأسر والقبائل كذلك الديار، والتي حفظت الحقوق بين الناس في تلك الأزمنة، وإنني أنصح المهتمين بحل المشكلات وأصلاح ذات البين الاستفادة من تاريخنا الجليل، والله الموفق.
الدوسري: تاريخنا سبب مشكلاتنا!!
عادل الدوسري الكاتب في الجزيرة، وصاحب مؤلفات روائية، تحدث في نسق مغاير لمن قبله، فهو يحمل تاريخنا المسؤولية في بعض المشكلات، فهو يقول: لا أعتقد أن تاريخنا العربي تحديداً قد انسحب على مشكلاتنا المعاصرة بشكل إيجابي، بل إنه قد تسبب في الكثير من مشكلاتنا لأننا نتعامل مع التاريخ على أنه قضية دائمة الدوران في محيطنا، وليست تجربة يمكن الاستفادة منها لنعمل تجربة جديدة.
العرب لهم تاريخ طويل وممتد ومتراكم، والقضية تبقى في كيفية قراءة هذا التاريخ والاستعانة به على تغيير عاداتنا وأخطائنا لبناء مجد جديد يمكن تخليده في ذهن التاريخ وصفحاته.
ولأن في التاريخ نماذج متعددة من النجاح إلا أن العربي تحديداً مبرمج على قراءة السلبيات الموجودة في التاريخ تاركاً خلف ظهره الإيجابيات، وحتى نكون أكثر إنصافاً فهناك من استطاعوا صناعة مجد جديد واستفادوا من التاريخ في عدم تكرار أخطائهم إلا أنها نماذج قليلة جداً.
حسين المكتبي: نحن الأمة الوحيدة التي لم تستفد من تجاربها السابقة
ويرى الباحث حسين المكتبي النعيمي أننا لم نستفد من تاريخنا، ويقول: في الأعم الأغلب نعم، نكاد نكون الأمة الوحيدة التي لم تستفد من تجاربها الماضية، فالصراعات المختلفة تطلّ برأسها بين فترة وأخرى، فتتكرر المآسي نفسها، ونحن لم نستفد من تجارب الماضي لأن مشكلات الماضي لم تُحل في ذلك الوقت، أي أن تجارب الماضي هي أيضاً مشكلات ليس لها حل، نحن الأمة التي تتراكم مشكلاتها دون حل شامل. إن كثيراً من حكماء وعقلاء هذه الأمة هم وحدهم من استطاع أن يحول تجارب الماضي ومشكلاته إلى خلاصات معرفية ومجموعة دروس وعبر استفادوا منها في حل كثير من مشكلات الحاضر، إضافة إلى أننا لم نتعلم أن للتاريخ عبرة بل تعلمنا أنه حكاية مشوقة.
لبابة أبو صالح: توارثنا المشكلات ولم نحلها
الكاتبة والأديبة لبابة أبو صالح فقد جعلت المادة الرئيسة من مشاركتها معاتباً، لأننا نرث من السابقين المشكلات ولا نحلها، ومن حديثها:
يقول مالك بن نبي: (وإنها لشرعة السماء: غير نفسك، تغير التاريخ)، وهذه في الحقيقة هي العلة الوحيدة التي تجعلنا نتوارث المشكلات بدلاً من أن نحلها، أن العقل العربي يحمل سمات واحدة لا يعمل على تغييرها، ولا يعمل على استبدالها، ولهذا فإن التعامل مع القضايا لا يختلف وعجز الأمس لا يتبدد وقضايانا تصبح قضايا الأجيال التي بعدنا. إنها العقلية، لا تغيرها قراءة التاريخ ولا معرفته، هناك دائماً ما يحول بين ما تعرف وما تعمل، إنه النفس التي تنطوي في تكوينها على مجموعة من الصفات المشتركة بين إنسان الأمس وإنسان اليوم، هي المسؤول الأول عن مصيره في الماضي والحاضر.
المزيني: بعض المتطرفين كانوا سبباً في أزمات
ويؤكد الأستاذ حمود المزيني على أهمية أن نستفيد من التجارب المشابهة في تاريخنا إذا وقع ما يماثلها، مثل الموقف الكبير للملك عبدالعزيز من المتشددين، وكيف عالجه بالحكمة والحزم. يقول المزيني عن إمكانية الاستفادة من التاريخ: نأمل ذلك. فالملك عبد العزيز عانى من بعض الوعاظ الذين انتهى تحريضهم بثورات الإخوان. ولا يزال التاريخ يعيد نفسه.. الدين علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - الإعرابي في دقائق. ومع هذا فكم جعله المغرضون حصان طروادة لتفخيخ المجتمعات، فأسلافهم لم يقنعهم علي ابن أبي طالب على صحبته وجلالة قدره، فحاربوه للدنيا باسم الدين.
العقيل: تجارب التاريخ يجب أن تعطينا العبرة
وفي رسالة توجيهية يؤكد الأستاذ عبد الله بن صالح العقيل، وهو مؤرخ وكاتب على أنه يجب أن نخرج بالعبرة من تاريخنا، حيث يضيف إلى زملائه في هذا الحوار قوله: لا شك أن تاريخنا الطويل مليء بالتجارب النافعة والعبر التي من المفروض أن تعطينا القدرة على حل مشكلاتنا المتراكمة عبر الزمن، بعيداً عن الأحقاد والتيارات المذهبية التي تعمل على تعقيد الحياة أمام البشر، وأن التغيير يحتاج منا إلى ثقافة متنوعة يعمل معها العقل والفكر بعيداً عن التعصبات المذهبية والصراعات الدينية. أما الاستفادة الفعالة من تاريخنا السابق والمعاصر في حل مشكلاتنا لكل المجتمعات المعاصرة فأرى بأن خبراتنا السابقة والمتراكمة من خلال المواقف الصعبة التي مرت علينا في حياتنا تحتم علينا أن نقف موقفاً حازماً أمام مشكلاتنا ونقوم بمعالجتها لتكون حقلاً نافعاً لنا في تربية أنفسنا وأبنائنا التربية الإسلامية النافعة التي تدلنا على الخير وتبعدنا عن الشر.
دلال بن معدي: الأحداث تتكرر ونحن لا نستفيد!!
وتضيف المؤرخة والباحثة دلال بنت زيد بن معدي بأننا لم نستفد من تاريخنا - مع الأسف الشديد - فهي ترى: أننا - للأسف - لم نستفد من تجاربنا، والدليل أن الأحداث تتكرر فقط بقالب معكوس أمام مرأى أعيننا، ونحن بلا حراك، بلا توجيه، بلا مساعدة مما أضعف قوانا في أن نمسك حتى طرف قضايانا ونقوم بتشريحها لمعرفة نقاط ضعفها لتقويمها مستقبلاً.
د. الشراري: واقعنا يقول....لم نستفد من تجاربنا!!
وفي مداخلته، لم يتردد الدكتور نايف بن علي السنيد الشراري من جامعة الجوف أن يؤكد أننا وقعنا في المشار المحزن، وهو عدم الاستفادة من التجارب السابقة، فهو يقول: التاريخ بلا شك هو سجل تجارب البشر عبر العصور، وهو مرآة الأمم الذي يعكس الماضي ويجسد الحاضر ويستلهم المستقبل، فهو يساعدنا في فهم الحقائق وتفصيلات الحياة؛ بل إنه يساعدنا في تنبؤ المشكلات المستقبلية التي قد تواجهنا، ويعطينا فرصة التهيؤ والاستعداد لمواجهة تلك المشكلات في حال وقعت، كما يعطينا الفرصة الكافية لبذل كل الجهود لأجل محاولة تفادي وقوعها بشكل كبير.
الحقيقة أن واقعنا يقول إننا لم نستفد من تاريخنا الحافل بالأحداث المتنوعة والثرية طيلة الأربعة عشر قرنًا الماضية بدءًا من عصر النبوة وحتى تاريخنا الحديث والمعاصر، ولم نستفد من أخطاء السابقين في تجنب الوقوع فيها عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين). فقد أثبتت تلك الأحداث أن الفرقة تؤدي إلى الصراع، وأن الصراع يؤدي إلى الضعف والتمزق ومن ثم الزوال. كما أثبتت الأحداث أن الاستعانة بالبعيد تزيد من هوة الخلاف مع القريب؛ وأن علينا أن نحل مشكلاتنا فيما بيننا رغم قساوتها ومرارتها، فذلك خيرٌ من الارتماء في أحضان الغريب البعيد. وكانت العنصرية والطائفية مدخلًا ولج من خلاله أعداؤنا لدس سمومهم وبث أحقادهم بيننا كي نكون أمة منشغلة بصراعاتها تسودها الكراهية والفشل.
الشبانات: نحتاج بنوك معلوماتية
وقدم الأستاذ سعد الشبانات حلاً أكثر من نقده للممارسة، فهو يقترح أن ننشئ بنكاً للمعلومات ونستفيد من هذا البنك في معالجة مشكلاتنا المعاصرة، حيث يقول: إن ازدحام الأعمال وكثرتها لا بد أن ينتج معها أخطاء وعثرات منها ما يمكن علاجه وإصلاحه ومنها ما لا نستطيع إعادة إصلاحه. والمشكلة ليست الوقوع في الأخطاء بل المشكلة تكرار الخطأ الذي سبق أن وقعنا به سابقاً في أي مشروع كان.. إذاً ما هو الحل.. الحل أن يوجد في كل دائرة تنفيذية بنك معلومات خاص بالأخطاء وكيف تم السيطرة عليها وحلها وعمل دراسات وبرامج نصائحية للمستقبل حتى لا يقع فيها المسؤولون الجدد التي سبق أن وقع فيها غيرهم السابقون، ويهيئ لذلك قاعدة بيانات وبرامج في كل مؤسسة ودائرة ولا يكتفى برأي المسؤول أو المدير، فهو يترك الدائرة يوماً ما ويحمل معه الخبرة وتخسرها هذه المؤسسة ويستلمها مسؤول جديد وتتكرر معه المشكلة مرة أخرى. أرى إيجاد بنك للمعلومات في جميع الدوائر لحصر الأخطاء والتعلم منها، وليس العيب الوقوع في الخطأ ولكن العيب في تكراره.
المنصور: لا حل لمشكلاتنا دون الرجوع إلى التاريخ
وأما الأستاذ نايف المنصور، فهو يرى أن بعض المشكلات لن تحل دون الرجوع إلى التاريخ، ويقول: لا شك أن الحياة تُعَدُّ مدرسة كبيرة الحجم طويلة الزمان وبها من العبر والعظات مما حدث فيها من أخبار ووقائع، وكثيراً ما يساعد الاستفادة من التاريخ الماضي في إصلاح أمورنا، فالتطوير لا ينبني إلا على تاريخ من الحقائق والمعلومات القديمة وكذلك المشكلات لا يمكن تداركها أو حلها إلا بعد الرجوع للتاريخ والتفكير في الماضي ومعرفة هل سبق حصول هذه المشكلات وكيف تم التعامل معها وحلها، ويعتبر ذلك طبيعة التفكير السليم لدى البشرية، فمن لم يعتد بالتاريخ والماضي وجعله سبباً للتقدم والرقي فهو يعيش في حماقة ويغرق داخل طوفان المشكلات.
الشمراني: لدينا مئات العبر...لكن لم نستفد منها!
الشمراني، وهي طالبة ماجستير سياحة وآثار، فتؤكد على التوجه العام لهذه المشاركات، فهي تقول: نحن العرب أمة لم نعرف كيف نستفيد من تجاربنا السابقة التي حدثت عبر تاريخنا الماضي، فلو استفدنا من مئات العبر في تاريخنا على امتدادها لما كان حال وطننا العربي على هذا الحال من الحروب والفتن، نحن قومٌ لا نحسن قراءة التاريخ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.