مع انتهاء شهر رمضان واشتداد وطأة الصيف بِحَرِّهِ الثقيل الخانق، بدأت مواكب المصطافين بالتوجه إلى مناطق الجذب السياحي في الخارج، ومن أهمها المدن الأوروبية التي تشهد في كل صيف تدفقاً هائلاً من السياح السعوديين والخليجيين وخاصة بعد الأحداث والأزمات التي شهدتها بعض الدول العربية التي كانت تجذب الخليجيين سابقاً. فبالرغم من التحسن الكبير الذي شهده القطاع السياحي السعودي وتزايد الفعاليات الصيفية في العديد من مناطق المملكة، إلا أن غلاء الأسعار وبعض العوامل الاجتماعية مازالت تحد من قدرة القطاع السياحي المحلي على المنافسة في اجتذاب السياح، بالإضافة إلى العوامل المناخية في معظم مناطق المملكة. لكن اللافت هو أن بعض السياح السعوديين، بالرغم من الخبرة الطويلة في السياحة الخارجية، مازال يرتكب نفس الأخطاء، فهم يتعرضون للسرقة بسبب الإهمال، ويمارسون مخالفات سلوكية تعرضهم للجزاء وتعرض سمعة بلدهم للضرر، وأشياء أخرى كثيرة يتعجب الإنسان كيف يتورط بعض مواطنينا في الوقوع بها! ومنذ شيوع وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت المقاطع والصور التي تبيِّن جوانب من المسلكيات المتخلفة والصادمة التي يرتكبها بعض السياح الخليجيين في لندن وباريس وجنيف وبعض المدن الأوروبية الأخرى. وللأسف، فإن هذه السلوكيات المتخلفة والمقززة أحياناً لا تنعكس فقط على من يقوم بها وإنما أيضا على البلد التي قدم منها السائح، ولذلك فهي تسيء لنا جميعاً وتسيء لبلادنا. هذا يعني أنه وإن كان لا يختلف اثنان في أهمية الحرية الشخصية وإتاحة الفرصة لمن يريد السفر إلى الخارج إلا أن هذه الحرية ليست مطلقة، فحرية السفر لا تعني حرية الإساءة إلى البلد، وبعض من يسافرون إلى الخارج يسيئون بالفعل إلى بلدهم بما يرتكبونه من سلوكيات منافية للآداب أو للقواعد العامة والأنظمة في البلدان التي يأتون إليها. وقد أوضحت السفارة السعودية في لندن في بيان أصدرته مؤخراً بعض التعليمات التي يتوجب على السائح السعودي التقيد بها عندما يزور بريطانيا وذلك من أجل سلامته وأمنه وراحته، وأكدت السفارة بأن المواطن السعودي لا يمثل نفسه فقط فهو سفير لبلده أيضا. هذه التعليمات المهمة يجب أن تصل إلى يد كل مواطن سعودي ينوي السفر إلى الخارج، فهي تحميه وتحمي سمعة بلاده، وليس من الصعب ضمان وصولها إلى المواطن سواء عند حصوله على التأشيرة أو عند ركوبه الطائرة أو بأي وسيلة أخرى. لكن المؤكد أن التنبيه وإصدار المعلومات وإيصالها إلى مَنْ يسافر إلى الخارج لا تكفي وحدها، ولهذا سبق أن طالب كثيرون بأن تقوم السفارات السعودية في الخارج بالإبلاغ عن كل من يرتكب مخالفات تسيء إلى البلد وذلك لمعاقبته بما في ذلك إمكانية منعه من السفر لمدة معينة. وأعتقد أن هذا المطلب جدير بأن يُدْرَس من الجهات ذات العلاقة.