نشرت وكالة الأنباء السعودية هذا الأسبوع خبر موافقة خادم الحرمين الشريفين على إقامة معرض (نايف القيم) بجامعة المؤسس، وفي الحقيقة فإن الوفاء لا يستغرب من أهله ومنبعه، فهذا ما عودنا به أبافهد منذ أن عرفناه أطال الله في عمره ذخراً للقيم وأهلها. واحتفظ بذكريات خاصة مع نايف القيم فقد كان السبب بعد الله عز وجل في تأسيس الجمعية السعودية لمكافحة السرطان لخدمة مرضى السرطان ومساعدتهم لإتمام علاجهم بتوفير السكنى والمواصلات والغذاء وتيسير علاجهم ودعم برامج الكشف المبكر، فقد بذل -رحمه الله- جهده وكان دعمه السبب بعد الله في قيام الجمعية عام 1424، ثم واصل دعم الجمعية مادياً ومعنوياً. وإن نسيت فلا أنسى لقائه بالأطفال المتعافين من السرطان فقد رأيت منه رحمة ولطفاً عظيماً بهم وبأسرهم المرافقه لهم، ووجه لنا النصيحة بالحرص على خدمة هؤلاء وانه لن يألوا جهداً في بذل ما يستطيعه لتخفيف آلامهم ومواساتهم. ومن محبته المعروفة للحرمين الشريفين وساكنيها وزوارها أن وجهنا رحمه الله بافتتاح فرع للجمعية في المدينةالمنورة وكان أول الداعمين لأوقافه وبرامج الكشف المبكر فيه. وقد اتصل بِنَا بنفسه عدة مرات لمتابعة سير العمل في المشاريع الخيرية التي دعمها. وهل أدل على حرصه على البحث العلمي من إنشائه لجامعة نايف، وآلاف المنح الدراسية التي دعمها، وكراسي البحث العلمي التي أوقفها للجامعات. وأما عن إنجازاته التنموية فهذه مباني جامعة جازان ومشاريع المنطقة التنموية تقف شاهداً على عبقريته عندما تولى مشروع القضاء على حمى الوادي المتصدع قبل عقدين. وعن غيرته على أبنائه المواطنين ومحبته لهم فحدث ولا حرج، ولا أزال أتذكر دعمه لفكرة إنشاء جمعية حماية المستهلك وتوجيهه للمسؤولين بتسهيل إنشائها. أما عدله المستفيض فقد كانت مدرسةً في ذلك، وقد سمعت من مرافقه شيخنا أبا عقيل الظاهري من حلمه وحكمته ورفقه ما يجعل المرء يتذكر ما كان عليه أمير المؤمنين ابن الخطاب وخامس الخلفاء ابن عبدالعزيز، وقد حدثنا الشيخ أيضاً عن عبادته رحمه الله وحرصه على أداء الصلوات في وقتها رغم ما أثقل عاتقه من المهام الجسام، وتعلق قلبه بالقرآن الكريم ووخير شاهد ومن محامد الصدف أن آخر صورة التقطت له رحمه الله كانت وهو يحمل مصحفه، وأعظم من هذا خُلق قرآني عظيم كان عليه طيلة حياته. وها هو المواطن يسافر من القريات إلى نجران، ومن الدمام إلى جدة لا يخاف إلا الله، في نعمة عظيمة من الأمن كان رحمه الله وإخوانه وأبناؤه أحد أسبابها بما بذلوه من جهد ووقت لتحقيق العدل وإقامة شرع الله عز وجل. ومن عطائه وسماحته أن تكفل بعلاج الشيخ مقبل الوادعي على نفقته الشخصية وهو أحد أهل العلم في صعدة الذين تخرجوا من الجامعة الإسلامية قبل عقود، وهل أدل من هذا على حرصه واهتمامه بأحوال المسلمين في العالم ودعمهم بما آتاه الله لا يبتغي من ذلك إلا وجه الله والدار الآخرة. أما من انحرف عن عقيدة ومذهب السلف ممن غُرر بهم فقد بذل لهم نصيحة الأب المشفق عبر برامج المناصحة، وهاهي دول العالم تطلب الاستفادة من التجربة الإنسانية المتميزة لهذه البرامج التي غرس بذرتها الأولى. إنني عندما أسمع عبر وسائل الإعلام كلماته النيرة ومحبته ونصرته لأهل العلم لا أملك إلا أن أدعو له كما قلت عندما قرأت الخبر؛ فأسأل الله أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يبارك في عقبه.