يُعد الأنف بكل أشكاله وأحجامه من السمات المميزة لوجوه البشر، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، عريضًا أو حادًّا، أو بين بين. ويحاول علماء استكشاف بعض العوامل التي ساهمت في تطوُّر شكل الأنف البشري. استخدم الباحثون في دراسة حديثة صورًا ثلاثية الأبعاد لمئات الأشخاص ممن ينحدرون من شرق آسيا وجنوبها وغرب إفريقيا وشمال أوروبا. وأشارت الدراسة إلى أن المناخ المحلي، وبخاصة درجات الحرارة والرطوبة، لعب دورًا أساسيًّا في تحديد شكل الأنف. وخلص الباحثون إلى أن الأنوف الأكثر اتساعًا شائعة أكثر في الأشخاص المنحدرين من مناطق ساخنة، وترتفع فيها نسبة الرطوبة، فيما تشيع الأنوف الضيقة الحادة بين من ينحدرون من مناطق باردة وجافة. والمهمتان الأساسيتان للأنف بالطبع هما التنفس والشم. وبداخلها شعيرات دموية لتدفئة وترطيب الهواء المستنشق قبل أن يصل إلى مناطق أكثر حساسية في الجهاز التنفسي. ويقول أرسلان زيدي المتخصص في علم الوراثة وكبير الباحثين الذين قاموا بالدراسة التي نشرت في دورية (بي.إل.أو.إس جينيتكس): إن وجود فتحة أنف أضيق قد يساعد على زيادة الاتصال بين الهواء المستنشق والأنسجة داخل الأنف؛ ما يساعد أكثر على تدفئته. وأضاف «ربما يكون ذلك قد قدم ميزة في الأجواء الباردة. وفي الأجواء الأكثر دفئًا العكس صحيح على الأرجح». وظهر الجنس البشري في إفريقيا قبل نحو 200 ألف عام، ثم هاجر بعد ذلك لأجزاء أخرى من العالم. ويقول الباحثون إن الأشخاص ذوي الأنوف الأصغر ربما يكونون قد تعايشوا بشكل أفضل، وأنجبوا أطفالاً أكثر من ذوي الأنوف الأكبر في الأماكن الباردة والجافة؛ ما أدى إلى تضاؤل تدريجي في اتساع الأنف.