ترتفع نسب الشيخوخة في مجتمعنا السعودي بشكل خاص بعد عمر ال60 عاماً، وتزداد معها الأمراض وتتنوع حتى يصبح الواحد منا تراه بعد هذا العمر بشكل أكبر من عمره الحقيقي, وهذا دون شك مرتبط بعدد من الأمور الاجتماعية والفسيولوجية والنفسية، ولكنها تتضاءل دون شك فيما لو كان هناك تنظيم غذائي ورياضي قبل وبعد ذلك العمر، من التهيئة من المصالح العامة والخاصة للمتقاعد وما هو مقبل عليه, ودون أدنى شك أن هناك رياضات مناسبة للأعمار المتقدمة، يضمنون معها استمرار النشاط والحيوية والسلامة البدنية، ويشعرون أن في الحياة الثانية بعد التقاعد شيء مختلف هو في ذاته أمتع من استمرار الحياة في ضغوط العمل وتبعاته، أو في حال الركون إلى الراحة والاستسلام إلى الأمراض والعجز والتقوقع على النفس، حتى يضيق المكان بذلك الرجل الذي كان في قمة العطاء الوطني والأسري والشخصي, مع الثقة أنها حكمة الله في خلقه التي تبدأ بضعف وتنتهي إلى ضعف، ولكن لابد من استثمار الفاعل من القوى. هذا المدخل يقودنا إلى تسليط الضوء على المتاح من برامج وفعاليات ستقدمها مشكورة الهيئة الرياضية ممثلة في اتحاد الرياضة الاجتماعية المولود حديثاً بهمة وتطلع الكبار، لأنه الاتحاد الذي سترتبط عطاءاته بالمجتمع كافة وبمختلف الأعمار والأجناس والشرائح، ومعه سننتقل إلى مراحل من النشاط البدني لم نكن نعرفها من قبل سواء بالمحافظة على الموجود وتعزيزه أو إعادة استنبات الهمة والنشاط البدني من جديد، وسيقدم الاتحاد فعاليات وأصنافاً من الرياضات والممارسات البدنية الجاذبة لكل الاهتمامات, وسنقتصر الحديث عن المتقاعدين لأنهم في أمسّ الحاجة إلى تفاعل المجتمع الرسمي معهم بعد تقاعدهم، وتجاهل قطاعاتهم السابقة لهم بصورة لا تمت للوفاء، بصلة ويسرني أن أقدم بعض الإضاءات في ذلك: 1 - تفعيل الاتفاقية التي وقعت قبل سنوات بين الجمعية الوطنية للمتقاعدين والرئاسة العامة لرعاية الشباب آنذاك، واليوم تمثلها الهيئة العامة للرياضة والتي وردت بموافقة سمو الرئيس العام، ليتم تمكين كل المتقاعدين في عموم مناطق المملكة من الاستفادة من المدن الرياضية والملاعب وكافة الإمكانيات التي تملكها الهيئة الرياضية , وإمكانية أن تتبنى الرئاسة أو الهيئة العديد من المناشط الرياضية والبدنية المناسبة، ويمكن أن يقوم بهذا الدور الآن اتحاد الرياضة المجتمعية بجدارة. 2 - يمكن ومن خلال المتقاعدين تحقيق مستويات متقدمة في المحور الهام والرئيسي لرؤية المملكة 2030 أو برنامج التحول الوطني الخاص بالتطوع والحاجة لرفعه لمليون متطوع بعمل مؤسسي دقيق وفاعل عن طريق الاتحاد المجتمعي . 3 - تجاوز عدد المتقاعدين اليوم المليون مواطن ومواطنه في القطاعات الثلاثة (العام والخاص والأهلي)، وأحد محاور الرؤية أن ترتفع نسبة الممارسين الرياضيين إلى 20% من الشعب وبهم سيتحقق الكثير من هذه النسبة، لأنهم يملكون الوقت الكافي بل وسيقبلون على برامج الرياضة المجتمعية بصورة تفوق إقبال الشباب, مع ضرورة أن يكون للنساء اهتمام خاص من الاتحاد في ظل اهتمام الدولة والهيئة الرياضية بالرياضة النسائية بكل خصوصيتها وحشمتها وعفافها. 4 - بالمتقاعدين يمكن المشاركة في بناء إدارة جديدة للمشاركة المجتمعية وتحديد وتصميم وتنفيذ فرص المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص داخل المنظومة الرياضية، ودعم اتحادات مختارة لتطوير برامج المشاركة المجتمعية الخاصة بها, وتوفير استراتيجيات خاصة بحوافز التدريب للمتطوعين، وتنظيم المشاركة الرياضية في اليوم الوطني وغيرها، وهذا أحد محققات مبادرات الهيئة الرياضية ال22 والتي أطلقتها لتحقيق برنامج التحول الوطني أو الرياضي. 5 - كذلك يمكن بالمتقاعدين المساهمة في تصميم وتنفيذ برامج رياضية في المدن الرئيسية، وإطلاق أندية الأحياء مع تطوير المجموعات الرياضية المجتمعية , وإمكانية إسهام المتقاعد في تصميم وتنفيذ حملات إعلامية للتواصل ونشر الوعي الرياضي، ونبذ التعصب والسمو بالأخلاق والسلوك الشبابي، وهذا سيقود الهيئة الرياضية واتحاد الرياضة للجميع لتحقيق الأهداف والمبادرات المطروحة على مجلس الاقتصاد والتنمية وحدد لها مؤشرات لقياس الأداء ومقدار التحسن. 6 - كما يمكن بالمتقاعدين المهنيين والمتخصصين، دعم القطاعين العام والخاص لتطوير برامج الصحة والرفاهية التي أولتها الرؤية اهتمام دقيق خاصة في وجود الرغبة وتنامي ثقافة المسؤولية المجتمعية وتوفر الإمكانيات والبنية الأساسية. ختاماً ,, لدينا الكثير من الخبرات المعطلة بعد التقاعد وبعضها له سابق عهد بالرياضة سواء ممارس أو مهتم أو موظف وهذه الخبرات يمكن إعادة استثمارها وتأهيلها والاستفادة منها خاصة وأن الحس الاجتماعي والخيري يكون مرتفعاً جداً بعد التقاعد، لأن التطوع في ذلك يمثل زكاة العمر والخبرة والتأهيل والتدريب، ويتطلع المتقاعد أن يقدم شيء للمجتمع بطوعه رداً للجميل وتأصيلاً لمفهوم الثقافة في المسؤولية الاجتماعية التي تبدأ بالفرد وتنتهي بالجماعة وبالمؤسسة, واتحاد الرياضة المجتمعية سيجني لا شك ثمار الاستفادة من المتقاعدين واستغلال أوقات فراغهم وخبراتهم وحماسهم في خدمة مجتمعهم، مع إيمانهم الكامل أن خير الناس أنفعهم للناس، وهذا باب لعله مفتوح لهم لكي يحققوا هذه المنفعة.