تعرفت على الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي قبل أكثر من عشرين عاماً عندما التقيته في المنطقة الشرقية بعد صدور كتابه «محمد الحمد الشبيلي أبو سليمان» عام 1994 وقدومه إلى هناك لإلقاء محاضرة عن السفير الفذ أبي سليمان رحمه الله، لكنني قبل ذلك كنت أعرف عنه الكثير، فهو النجم التلفزيوني المعروف والإداري والكاتب والأكاديمي وأول سعودي يحصل على درجة الدكتوراه في الإعلام. ثم تزاملت معه بمجلس الشورى في دورته الثانية، وتوثقت العلاقة بيننا منذ ذلك الوقت حتى الآن. وعلى مدى هذه السنوات الطويلة يدهشني أبو طلال بما اكتشفه فيه كل حين من خصال جميلة، فهو يتمتع بحس إنساني رائع تلمسه في سؤاله الدائم عن الحال وعن أشخاص يعرف أنني أعزهم كثيراً مثلما تلمسه أيضاً في نبرة صوته الصادقة عندما يتحدث إليك في بعض الشؤون الشخصية التي تتعلق بك أو به. وعبدالرحمن الشبيلي هو «العمدة» المتوج لأجيال متعاقبة من أعضاء مجلس الشورى، وبخاصة الدفعات الأولى، حيث يلتقون في منزله ضحى كل يوم أحد في جلسة أسبوعية عامرة بالنقاش في مختلف القضايا الفكرية والاجتماعية والشأن العام والإخوانيات. وبالرغم من كثافة نشاطه الاجتماعي وانشغالاته العامة، فقد استطاع الدكتور عبدالرحمن الشبيلي أن يثري المكتبة السعودية بعشرات الكتب في مختلف المجالات وبخاصة في الإعلام والسير. ولن أضيف جديداً لو تحدثت عن إنجازاته وعطاءاته والمواقع الإدارية التي شغلها، فالشبيلي يتمتع بحضور ساطع في الساحة الثقافية والاجتماعية السعودية، كما أنه معروف خارج المملكة في المجالات والحقول التي تخصص في الكتابة عنها. لكنني أود أن أشير إلى جانبٍ تميز به الشبيلي وذلك بمناسبة تكريمه قبل أيام من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وحصوله على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية». فالشبيلي، بالرغم من كل إنجازاته، كان -بتواضعه الجم- يرفض دائماً جميع المحاولات التي بذلت لتكريمه. وقد وقفت شخصياً على بعض هذه المحاولات، وأدهشني أنه كان دائماً يرشح شخصاً آخر للتكريم بدلاً منه في الوقت الذي كان البعض يتهافت على التكريم ويشتكون من الجحود والنكران. لقد سعدت بتكريم الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في مهرجان الجنادرية هذا العام، مع الرجل الفاضل الدكتور أحمد محمد علي والفنانة التشكيلية الرائدة صفية بن زقر، وهو تكريمٌ مستحق ناله أبو طلال بكل جدارة، وأظن أنه لم يكن بوسعه أن يرفض التكريم من ملك البلاد وأن يتقلد وسام الملك المؤسس. ومن حسن الحظ أن هذا التكريم سد الطريق على الدكتور الشبيلي لرفض تكريم آخر بادر به مركز عبدالرحمن السديري الثقافي منذ مدة بعيدة وتأخر بسبب تمنع الشبيلي وهو التكريم الذي سيتم ضحى يوم السبت القادم في الغاط بمقر المركز. شكراً أبا طلال على عطاءاتك وإنجازاتك ووطنيتك، وكم هي سعيدة وجميلة هذه المناسبة.