ليس صحيحاً القول إن قرار الرئيس الأمريكي «دونالد ترمب» بمنع مواطني إيران وست دول عربية أخرى، كان قراراً موجهاً للمسلمين؛ فلو كان الرئيس الأمريكي يستهدف بقراره المسلمين لمنع أول ما منع المواطنين السعوديين من دخول أمريكا، فالمملكة هي الدولة الإسلامية الأولى، وسكانها كلهم مسلمون وفيها الحرمان الشريفان؛ أضف إلى ذلك أن الرئيس ترمب اتصل هاتفياً بُعيد القرار بخادم الحرمين الشريفين، ودارت بين الزعيمين مكالمة ودية اتفقا فيها على محاربة الإرهاب, وتمتين العلاقات التاريخية بين البلدين، ما يدل قطعاً على أن القرار لا علاقة له بالإسلام ولا بالمسلمين، بقدر علاقته بحماية أمريكا من تسرب بعض الإرهابيين المتأسلمين الذين تعج بهم تلك الدول المشار إلى مواطنيها في القرار؛ فخمس دول من الدول الست العربية المذكورة تكتنفها اضطرابات أمنية، وتشكو من حروب أهلية طاحنة، الأمر الذي يجعلها بيئة خصبة للإرهابيين، فمن باب الاحتراز منع مواطنو تلك الدول من دخول أمريكا بصورة (مؤقتة)، ريثما يتم استحداث ضوابط إجرائية وتدابير حازمة، من شأنها تضييق فرص تسرب الإرهابيين إلى الداخل الأمريكي. وغني عن القول إن العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال، دول مضطربة أمنياً وغير مستقرة؛ ومن الطبيعي أن يتم منع مواطنيها لكيلا يتسرب بينهم إرهابيون. أما السودان فهناك أسباب أخرى متعلقة بالاضطرابات الأمنية والبيئة غير المستقرة في الغرب السوداني. بمعنى أن كل الدول الست التي مُنع مواطنوها من دخول الولاياتالمتحدة (مؤقتاً) كان هناك أسباب موضوعية، لا علاقة لها بالتمييز الديني العنصري كما يزعم الإيرانيون ومعهم المنسبون إلى جماعة الإخوان المتأسلمين. ومن العدل والموضوعية عندما تحلل قضية أن تدرك أبعاد الحالة، وتنظر إليها بحياد وعقلانية قبل أن تُصدر أحكاماً عليها أو لها. لذلك يمكن القول وبأمانة إن بواعث ومبررات قرار الرئيس ترمب كانت من باب الاحتراز الأمني، كما أن العادة قد جرت على أن تمنع الدول القادمين من بؤر الصراع والقتال من دخول أراضيها إمعاناً في الحيطة والحذر؛ ودعك من مزايدات (منظمات حقوق الإنسان)، التي تتعامل مع الظواهر الإنسانية ليس من واقعها وإفرازاتها الحقيقية على الأرض، وإنما مما يجب أن يكون. والسياسي الحصيف، الذي يهمه أمن بلاده، لا يلتفت إلى (ما يجب أن يكون) ولكن إلى (ما هو كائن). أما منع مواطني دولة الملالي الكهنوتية (إيران)، فهو عين العقل، وقرار صائب وشجاع، كنا ننتظره طوال فترة الرئيس السابق «باراك أوباما»، لكن ذلك الرئيس المتردد ترك الحبل على الغارب، ومنح إيران كل الأسباب لتعيث في العراق وسوريا واليمن فساداً وتخريباً وإرهاباً، ناهيك عن أن أساطين القاعدة، رأس الإرهاب الأول، الذين ما زالوا حتى اللحظة يعيشون في إيران. والسؤال: كيف أثق بدولة ترعى قيادات القاعدة، وقد تُصدر لهم وثائق سفر كي يقومون بأعمال إرهابية في الداخل الأمريكي؟ بقي أن أقول للأخ «أنور عشقي» الذي شارك في حوار عن الموضوع، في برنامج (ساعة حرة) على قناة الحرة الأمريكية، رحم الله من عرف قدر نفسه وسكت وترك عنه (الترزز). إلى اللقاء