نكمل ما بدأنا به في المقالة السابقة وهو القسم الثاني (كسر أبيات الشعر), ثم نتكلم عن القسم الثالث والمختص بالغلط في ضبط الأعلام والمواضع والبلدان, والله الموفق. 8-في الحلقة 13 (د.10.42) أنشد بيت تأبط شرا: وقد كسر البيت إذْ حذف (ليس) في الشطر الأول, وصواب القول في بيت تأبط شرًّا: (المفضليات 28, ديوانه 133) 9- في ذات الحلقة د.14.00 أنشد بيتًا لتأبط شرًا: وقد كسر البيت حين شدد لام (مبلغ) واللام حقها الفتح, وصواب البيت : (ديوانه, 222) 10- أنشد الدكتور عيد اليحيى بيت تأبط شرًّا: وقد تعرّض هذا البيت لضروب من البلاء, فمن تقديم وتأخير إلى حذف وإضافة, فقد جاء ب(ظللت) وهي من بنيات أفكاره, ثم حذف (لديها) من الشطر الأول, ثم شدد (مصبّحًا) وكل هذا في بيت واحد, ثم يأتي بعد ذلك من يقول هي هنات يسيرة لا يعتد بها, فلا تتشددوا ولا تتقعّروا! لا يا صاحبي ما هكذا تنشد الأشعار, ولا على هذا النحو يبعث تراث العرب, وصواب البيت: (ديوان تأبط شرًا, 226) وصوابه (مُخْدَجٍ). 11- وفي ذات الحلقة د.16.00 أنشد ثلاثة أبيات لتأبط شرًّا تعرضت لصنوف من التغيير والتبديل والغلط والخلط, فقد أنشد: ثمانية أغلاط في ثلاثة أبيات, كل غلط كسر بيتًا, وأحال معنى, وأفسد تركيبًا, ف(أبلغ) بكسر اللام, و(فهم) دون تنوين, و(التأني) إنما هو (التَّنائي) ولا أعلم ما المقصود بطول التأني؟! و(الجامي) إنما هو (الحامي) والحامي نسبة إلى حام من بني خثعم(ديوان تأبط شرا, 197), ولعل الدكتور عيد اليحيى تبع غلط نشرة الأغاني. و(أُنْهِبَت) والصواب: أَنْهَبْتُ, وبهذا الضبط يستقيم البيت, ومن قبل كان مكسورًا كأخويه. و(قدَمِيْ) إنما (قدميَّ) مثنى, ويدل على التثنية الضمير في الكلمة التالية, ثم لا يصح البيت بالإفراد. وفي الشطر الثاني من البيت الثالث أضاف (لما) إلى البيت, ودخول (لما) كسر البيت, وأفسد نظمه. وصواب الأبيات: (ديوان تأبط شرًا, 197) 12- في الحلقة 14 د.2.24 أنشد مطلع معلقة لبيد بن ربيعة -رضي الله عنه-: بمنْ أتأبدَ يا دكتور؟ غفر الله لك ومن ينشد البيت هكذا ؟وهذا غلط عظيم نُجل الدكتور أن يقع فيها, أما وقد وقع فيه فإلى الله المشتكى والمعول, والبيت بذلك الإنشاد مكسور, وصوابه: و(منى) هذه التي جعلها الدكتور عيد أداة استفهام هي موضع من مواضع نجد, يقول ياقوت في معجمه: (منى ماء بقرب ضرية في سفح جبل أحمر من جبال بني كلاب) ويقول ابن بليهد في صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار (فأما منى التي ذكرها لبيد فهي هضبة حمراء واقعة بين طِخفة ونفي, وفيها ماء عذب, وهي تسمى اليوم عند عامة أهل نجد (منية) لا تزال تذكر بهذا الاسم.) 13- في ذات الحلقة د.16.49 أنشد بيت لبيد: والبيت على هذا النحو قد أضرّ به التقديم والتأخير فكسره, وصوابه: (ابن الأنباري 586, ابن النحاس 433/2, التبريزي 250) 14- في الحلقة 18 د.7.05 أنشد بيت عنترة بن شداد: وقد وقع في غلطين, فالأول (الرَّداع) وصوابه (الرِّداع) بالكسر, والثاني إبداله حرف الجر (على) ب(الباء) وبهذا يختل الوزن, وصواب البيت: (ابن الأنباري 330, ديوان عنترة «تحقيق مولوي», التبريزي 286) 15- أنشد بيت طرفة: وبتقديمه وتأخيره الكلمات في الشطر الأول كسر البيت, كما أن الرواية (عسيبٌ) لا (عسيبًا), وصواب البيت: (ديوان طرفة بن العبد, 106) هذا ما يتصل بكسر أبيات الشعر, وهي أمثلة دالة, ونماذج محصورة, لم يكن من وكْدنا تتبعها وتقصيها إذن لطال بنا المقام ولمللنا وأمْللنا, ولكن حسبنا أن نبين للدكتور فداحة الخطب, ولنؤكد للشاكّ -الذي يرى أنها أشياء شاذة يسيرة لا تستحق الوقوف عليها بلْه النقد والتنويه-مقدار الخلل, وكان من همنا أيضًا أن نصحح لغير المختص ما قد يعلق بذهنه من إنشاد خاطئ للشعر, أما المتخصص بالعربية وعلومها, فلا تفوته مثل هذه الكسور. ثالثًا: ضبط الأعلام والمواضع: شاع في برنامج الدكتور عيد اليحيى الخطأ في الأعلام, والغلط في ضبط المواضع, ولم تكن الأغلاط في عَلَمٍ أو علمين, ولا في موضع أو موضعين حتى يُمكن أن نتكلف لها أوجه القول, بل شاعت وذاعت وأصبحت ظاهرة, وليس الوقوف على هذه الأعلام والمواضع من قبيل الترف, بل هي لبّ البرنامج الذي يدندن حوله الدكتور عيد, فما برنامجه إلا الحديث عن المواضع والآثار, وما جاءت الأبيات الشعرية التي استشهد به اليحيى إلا دلالة على هذه المواضع التي يروج لها الدكتور, وينادي مؤسسات الدولة إلى الاهتمام بها, والعناية بها, ثم نراه يخطل في نطقها, ويغلط في تقديمها إلى المشاهد التقديم الصحيح السليم. *ضبط الأعلام: وفي الأعلام سأضبط بالحركات موضع الإشكال, حتى يتبين التحريف الذي أصابها. في الحلقة الثانية د. 14.09 قال جُدَيْس, وصوابه جَدِيس. (كتاب العين, جدس) 1-في الحلقة الثالثة د.4.50 قال اليحيى: جميل بن مُعمَّر, وصوابه: جميل بن مَعْمَر, لا مُعمّر, وفي نفس الحلقة د. 13.51 نطق اسم مجنون ليلى غلطًا حيث قال: قيس ابن المُلَوِّح, والصواب: ابن الملوَّح. 2- في الحلقة الرابعة قال اليحيى عن امرئ القيس: الملك الضَّليل, وصوابه الضِّلِّيل.(اللسان ضلل) 3- في الحلقة التاسعة قال اليحيى: الحارث بن أبي شَمَّر, وصوابه: شَمِرْ. وهو الحارث بن أبي شمر الغساني, وله ذكر في كتب التاريخ. 4- الحلقة 13 قال قبيلة بُجيلة, وصوابه بَجِيلة (نسب معد واليمن الكبير 133/1) 5- وفي نفس الحلقة غلط باسم شاعر واسم أبيه فقال: خَلِيف بن مرة الفهمي, والصواب: مُرة بن خُلَيف الفهمي أحد فتاك الجاهلية المعدودين. 6- الحلقة 15 حين جاء ذكر أبرهة الحبشي نطق اسمه غلطا فقال: إبرهة الحبشي, وصوابه أَبْرَهة, وبعد ذلك مباشرة أخطأ في قبائل معد فقال : مَعْد, وصوابه مَعَدّ. (نسب معد واليمن الكبير, 17/1) 7- في الحلقة 17 قال:هَرَم بن سنان وصوابه: هَرِم بن سنان.(ابن الأنباري, 236) 8- في الحلقة 23 قال عن عمرو بن كلثوم: عمرو بن كلثوم بن عِتَاب, وهذا غلط وصوابه: عَتَّاب.(شرح ابن الأنباري 369) وكذلك عن مُضْرِط الحجارة, وصوابه: مُضَرِّط الحجارة, وهو عمرو بن هند ولقب بهذا لشدته وقوة بأسه.(جمهرة اللغة, ذرن) 9- الحلقة 27 قال: الطُّرْمَاح الطائي, وصوابه: الطِّرِمَّاح الشاعر المشهور. (الشعر والشعراء, 570/2) هذا بعض ما ورد من غلط في ضبط الأعلام, وسوء نطقها, ولا تستهيننَّ بالكلمة تسمعها غلطًا فإنه يوشك إن علقت في ذهنك ألا تنجو من دائرتها عليك أبدًا, وفساد اللسان أخفى من الفساد الجاري على الأبدان. وأما الحديث عن المواضع والبلدان وضبطها, وتجوّزه في تعيين بعض المواضع فنؤخره إلى المقالة القادمة, والله المستعان. يتبع.. - عبدالله المقبل