في أكثر من مناسبة حذّرنا «الأصدقاء» الروس من حلفائهم ملالي إيران، فبالإضافة إلى اختلاف نهج وفكر نظام توقراطي رجعي متخلف عن تفكير الروس الذي ينتهج الفكر العلمي المتجرد من تأثيرات الميتافيزيقيا. يعلم ولابد أن يعرف الروس من خلال تعاملهم مع ملالي إيران أن لهم أجندة مختلفة تماماً عن أجندة روسيا سواء في سوريا التي وأن أظهر ملالي إيران «تقية» توافقهم مع روسيا، إلا أنّ هناك تبايناً واختلافاً كبيراً، إذ إن الروس يعملون على تعزيز مصالحهم السياسية والعسكرية والاقتصادية في سوريا والمنطقة العربية كأيّ قوة دولية تسعى إلى تعزيز نفوذها خاصة عندما تشعر بتخلي أو ضعف القوة الدولية الكبرى التي تنافسها على تقاسم المصالح. أما ملالي إيران فلهم أهداف تتعارض كلياً مع أهداف الكرملين، إذ يعمل النظام الإيراني على الاستحواذ على سوريا وربطها مصيرياً بإيران من خلال إجراء تحول ديمغرافي ومذهبي وهو لا يمكن أن يتم دون استئصال الأطراف المعارضة بهذا التحول وبالتالي فإن ملالي إيران الذين دفعوا بأعداد كبيرة من معتنقي مذهب ولي الفقيه الذي يسير على هدى الصفويين من لبنان والعراق وباكستان والهند وأفغانستان وشكلوا جيوش عبر المليشيات الطائفية التي أصبحت تفرض سطوتها على جيش نظام بشار الأسد مثلما حصل من مليشيات حزب الله اللبناني التي واجهت قوات بشار الأسد في وادي بردى قبل أيام، ولأن أهداف الملالي تتعارض مع أهداف الكرملين فإن اليوم الذي سيحصل تصادم بين القوتين لن يكون ببعيد وإن ظهرت أولى بوادره في آستانة التي شهدت مفاوضات لوقف المعارك بين الأطراف المتقاتلة في سوريا وبالذات بين فصائل المعارضة السورية وقوات نظام بشار الأسد إذ إن ملالي إيران يعون تماماً بأن إنهاء القتال في سوريا وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها سينهي مشروعها الطائفي ويعيد سوريا دولة ذات سيادة وإلى انتمائها العربي وهو ما لا تريده طهران التي تعد إخضاع سوريا والعراق وجعلهما جناحين طائفيين لها في داخل البيت العربي، ولهذا فبالإضافة إلى تخريب جهود روسيا داخل سوريا عسكرياً من خلال دفع مليشياتها الطائفية من مواصلة خروقات وقف إطلاق النار كما هو حاصل من مليشيات حزب الله، فإنها أيضاً لا تتوانى في إفشال جهود روسيا السياسية مثلما حصل في آستانة والتي ظهرت أولى بوادره من وضع طهران شروطاً على مشاركة أطراف إقليمية ودولية فاعلة وإبعادها سيعقد الموقف في سوريا ويخرب جهود روسا تماماً، وهو ما أكده الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، والذي اعتبر موقف طهران الرافض لمشاركة أمريكا في مؤتمر آستانة في تعقيد للموقف لأن تسوية المشكلة السورية في معزل عن مشاركة واشنطن يعد مستحيلاً. طبعاً الكرملين يعرف أهداف الملالي من إبعاد أمريكا والدول الإقليمية المؤثرة وخاصة تغييب الدول العربية، لأن الروس الضليعين جداً في معرفة «تفكير حتى حلفائهم» لأنهم خير من يدرس ويتصنت ويحلل وذلك نوع من التأسيس السياسي الذي خضع له كل روسي من أيام لينين ولهذا فهم يعلمون أنهم سيواجهون مقاومة شرسة ستصل آجلاً أو عاجلاً في التباعد عن حلفائهم «الوقتيين» الذين يعتقدون أن سوريا ثمرة على وشك أن تقع في أيديهم وأن الروس يمنعونهم من الاستحواذ عليها وستكشف مباحثات آستانة مدى العراقيل التي سيضعها الملالي في وجه الروس.