أطفأت جريمة اغتيال السفير الروسي في أنقرة جذوة التباهي التي طغت على تصرفات بوتين ووزيره لاروف، واستطاع إرهابي تركي اختراق الأمن التركي وتوجيه ضربة موجعة للكرامة الروسية، فالروس حساسون جداً للنيل من كرامتهم، ومن يقرأ الأدب الروسي يعلم كيف ينتفض الروس لكرامتهم التي مرغها ضابط أمن تركي تحول من حارس لأمن المبعوثين الدوليين إلى إرهابي يهدد سلامة هؤلاء الذين يعتبرهم المسلمون مستأمنين لا يجب النيل منهم، فضلاً عن قتلهم، وقد سبق الإسلام كل ما تتعامل به المواثيق الدولية، فاتفاقية فيينا التي تفرض حماية الدبلوماسية والسفراء سبقتها بأكثر من ألف عام تعليمات وتعامل المسلمين بدءاً من الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- ومروراً بخلفائه الراشدين إلى يومنا هذا وإن شذت بعض الأنظمة التي تزعم انتماءها للإسلام فهو شذوذ لا يخل بالمبادئ، وما فعله إرهابي أنقرة، حاول فعله إرهابيو ملالي إيران في واشنطن وطهران، ونفذوه في بيروت وبغداد، وبعيداً عن الانسياق وراء محاولات الشماتة التي تضمنتها بعض رسائل التواصل الاجتماعي الموجهة لروسيا، فإن العملية الإجرامية الإرهابية التي تعرض لها السفير الروسي وأودت بحياته ونالت من الكرامة الروسية، يمكن أن تكون دافعاً وحافزاً للقيادة الروسية أن توظف ما تم في سوريا وموسكو وأنقرة معاً. فبعد ما تحقق لروسيا من فرض تواجدها في سوريا كلاعب أساسي ووضوح دورها في الحفاظ على النظام السوري برئاسة بشار الأسد، وما قدمته من دعم عسكري أدى إلى الحد من سيطرة الجماعات المعارضة السورية، واسترداد مساحات كبيرة من سيطرة تلك الجماعات لصالح النظام ومساعدتها على تقليص نفوذ الجماعات السورية الإرهابية منها والمعارضة التي لم يتفق عليها بعد، أن تصنف من قبل بعض الجهات الدولية والإقليمية كجماعات معارضة وطنية، وأخرى ومنها روسياوإيران كجماعات إرهابية، وكل ذلك مرتبط بمصالح تلك القوى وانتماءاتها الفكرية والسياسية والطائفية، وبما أن التصنيف يخضع لنوع وطبيعة العمل فإنه من الخطأ الذي سيحسب على روسيا كدولة كبرى شئنا أم أبينا أن تغمض عينها عن جماعات إرهابية طائفية تعمل ضمن الخندق التي تتواجد فيه معها. وإذا كانت القوى الدولية والإقليمية تصنف داعش والقاعدة والنصرة كتنظيمات إرهابية وتحاربها، فإنها أيضاً تنظر وتتعامل مع الجماعات الطائفية الإرهابية الأخرى التي تقاتل في سوريا كجماعات إرهابية تثير الفتن وتعطل الل في سوريا وهي معروفة تماماً للروس مثل غيرهم، إذ لا يعقل ألا يعلم الروس عن إرهاب وإجرام حزب الله والمليشيات الطائفية العراقية والباكستانية والأفغانية والهندية، والسكوت وعدم التصدي لعملياتهم الإجرامية سيعرض روسيا للعديد من عمليات الانتقام والاستهداف من قبل من يرون في عملها دعماً للطائفيين على حساب الآخرين، ولهذا فإن من واجب روسيا ولكي تصبح طرفاً مقبولاً من جميع السوريين وليس طرفاً منحازاً أن تدرج المليشيات الطائفية وفي مقدمتها حزب الله والمليشيات الإرهابية القادمة من العراق وباكستان والهند وأفغانستان في قائمة الإرهاب مثلهم مثل الجماعات الإرهابية القادمة من القوقاز والشيشان، عندها تكون روسيا قد استثمرت ما حققته في سوريا وأن تكون قد حاربت الإرهاب بشقيه الطائفي.