كسب تفاهم موسكو وأنقرة الرهان في سوريا، وأمكن لبوتين وأردوغان تجاوز العراقيل التي وضعها ملالي إيران وأنجزا اتفاقاً لوقف إطلاق النار في سوريا ظل صامداً حتى نهاية يوم أمس، وسط آمال وتوقعات باستمراره، بعد رفض الحليف الروسي لكل الاعتراضات الإيرانية التي أرادت منح عسكر الأسد والمليشيات الطائفية التي جلبتها من العراق ولبنان وأفغانستان امتيازات تسمح لها بتجاوز بنود وقف إطلاق النار. قرار وقف إطلاق النار في سوريا يمهد لنجاح مؤتمر أستانة الذي سيضع أساس الحوار بين نظام بشار الأسد والمعارضة السورية الحقيقية بعد أن تأكد لروسيا أن تجاوز الخلافات بين الأطراف السورية التي وصلت لدى الكثير منها إلى أنه وبعد أكثر من خمسة أعوام من القتال أنه يستحيل حل الخلافات بالقتال، وأن الاتفاق السياسي وعبر حوار متكافئ قد ينهي معاناة السوريين، ويعلم الروس أن أي حوار لا يمكن أن يكون مجدياً إن لم يكن مشاركاً فيه كل من له علاقة بالقضية، وبالذات من السوريين، وباستثناء الجماعات الإرهابية والرافضة أصلاً لأي حوار، فإن من غير المقبول وضع عراقيل أو اعتراضات على مشاركة فصائل وقوى سورية تحظى بتأييد وقبول من أغلبية السوريين وأصدقاء سوريا من الدول الإقليمية والدولية، ولذلك فإن وضع طهران شروطاً وتصنيفاتٍ لتحديد من يحق له المشاركة من السوريين، يعتبر نسفاً ومحاولة مفضوحة لإفشال المؤتمر، وجعله بلا قيمة ولا جدوى في حال انعقاده دون مشاركة القوى السورية الفعالة، إذ إن اعتراض ملالي إيران على مشاركة الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية السياسية والمسلحة يجعل مؤتمر أستانة، في حال انعقاده، بلا قيمة وبلا جدوى، لأنه سيكون مقصوراً على نظام بشار الأسد ومؤيديه من المعارضة التي يعتبرها كثير من السوريين معارضة صورية، وبما أن المشاركة الدولية ستكون محصورة على روسياوإيران وتركيا سيكون مؤتمراً بلا أهلية إقليمية ولا ينظر إليه كجهة ملزمة ومحايدة، فسوريا الدولة العربية وهو ما تعلمه روسيا، وغياب الدول العربية المؤثرة التي لها دور فاعل فيما يجري في سوريا، يجعل مؤتمر أستانة مؤتمراً ناقص التمثيل عربياً وسورياً، ويحمّل روسيا بالأساس وتركيا بالتبعية، مسؤولية الانسياق خلف الاعتراضات الإيرانية التي تهدف أصلاً إلى استمرار الحرب في سوريا حتى تستكمل مخططها بالسيطرة والهيمنة على سوريا من خلال تواجدها الطائفي عبر العديد من المليشيات الإرهابية الطائفية وعناصرها المسلحة؛ من تشكيلات مسلحة من جنود وضباط الحرس الثوري، وتشكيلات مليشيات حزب حسن نصر الله، والمليشيات الطائفية التي جلبها ملالي إيران من العراق وباكستان وأفغانستان والهند. ملالي إيران بوضعهم شروطاً ورفضهم مشاركة الدول العربية المؤثرة واقتصار المؤتمر على الأنظمة التي تدعم بشار الأسد سواء نظام طهران ونظام بوتين الروسي والجماعات المتواطئة ممن يدعون المعارضة سيحمل روسيا وتركيا معاً مسؤولية ما حصل وسيحصل في سوريا وسيتم تجاهل ورفض ما سيتخذ في أستانة، والسبب بسيط وهو عدم مشاركة وحضور الأطراف الفاعلة سورياً وعربياً، وغيابهم يحررهم من أي التزام أو أي قرار سيتخذ في أستانة، ومهما سيحصل حتى وإن فرضت روسيا من خلال تواجدها العسكري في سوريا وسيطرة ملالي إيران عبر احتلالها العسكري وكثافة وجود المليشيات الطائفية التي جلبتها من الدول التي تهيمن عليها، سيجعل العرب أولاً والسوريين ثانياً يحتفظون في ذاكرتهم بمواقف روسيا التي انحازت إلى أعدائهم من العنصريين والطائفيين الإيرانيين، كما أن العتب سيكون كثيراً على الأتراك الذين تخلوا عن السوريين بعدما شجعوهم على مواجهة ظلم نظام بشار الأسد، وعندما حانت لحظة الحقيقة تخلوا عنهم، مما يجعل الأتراك غير جديرين بالثقة، ومهما طال الوقت لا بد وأن تتم محاسبة روسيا على مواقفها الداعمة لنظام بشار الأسد والسير خلف ملالي إيران لتحقيق أطماعهم في سوريا، أما إيران وفي ظل حكم ملالي إيران، فإنهم خارج الاهتمام العربي ليقين العرب جميعاً حتى الذين ابتلوا بحكم عملاء الملالي، بأن ملالي إيران مجرمون لا فائدة منهم؛ كون قلوبهم ملأى بالحقد على العرب.