بعد تصنيع أقمشة الكشمير والجلد عالي الجودة، بات الكافيار أحدث الابتكارات الفاخرة الإيطالية، ويبدو أنه في طريقه إلى غزو العالم انطلاقاً من مصانع توفر ما يقارب ثلث الإنتاج العالمي من هذه الحبوب السوداء. فللمرة الأولى يشارك الكافيار الإيطالي المصنّع من مجموعة أغرويتيكا لومبارديا في معرض الأغذية في فيليبانت قرب باريس، التي تمثل الواجهة العالمية للمأكولات والأغذية، ويلاقي قبولا منقطع النظير. انطلقت مجموعة أغرويتيكا في مجال صناعة الكافيار سنة 1966 في كالفيسانو قرب مدينة بريتشا شمال غرب إيطاليا، بعد محاولة أولى فاشلة مع سمك الانكليس. ويضم قطيع المجموعة الإنتاجي اليوم 600 ألف سمكة خفش تتم تربيتها في الهواء الطلق مع إسماعها موسيقى موزار. وتتراوح كمية الإنتاج بين 26 و30 طنا من الكافيار سنويا من أصل إنتاج عالمي قدره 150 طنا وهذا ما يجعل المجموعة أكبر منتج للكافيار في العالم، حسب ما أخبرنا به مسؤول قسم التصدير في المجموعة رومانو شايتي. وضمن لقاء منظمة التجارة الدولية لأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض في سنة 1988، اتُخذت إجراءات صارمة لحماية أسماك الخفش البرية المهددة بالانقراض، حينها بدأت دول عدة في إنتاج الكافيار ومن بينها الولاياتالمتحدة والصين وفرنسا. وفي الوقت الذي كانت فيه روسيا وإيران تُهيمنان على السوق، تخلفت إيطاليا حينها عن ركب الدول المتقدمة في صناعة الكافيار، لأنه يتعين انتظار ما بين 10 و20 عاما للحصول على أفضل بيض أسماك الخفش لتصنيع الكافيار. لكن في الوقت الراهن حققت مجموعة أغرويتيكا خطوات مهمة وأصبحت المصنع والمصدر الأول في العالم للكافيار قبل فرنسا والصين. فضلا عن عناية المجموعة بدور رعاية مزارع أخرى تزودها بالبيض من أجل التكاثر، وتموين مؤسسات الكبرى تسوق الكافيار الفاخر خاصة في باريس ونيويورك. تغير هذا التوجه مع الألفية الجديدة، وأطلقت المجموعة علامتها التجارية الخاصة كالفيسوس 2000، وبدأت في بيع منتجاتها إلى نحو اثنتي عشر شركة طيران لتقديمها لزبائن الدرجة الأولى على رحلاتها، كما تقوم الشركة بجذب زبائن المطاعم الراقية في إيطاليا وغيرها. ومنذ فترة أصبحت تباع علب الكافيار الأسود المصنع من مجموعة أغرويتيكا في عدد من المحال التجارية الفخمة في لندن ونيويورك وباريس وطوكيو. وتؤكد الشركة الإيطالية الأولى للكافيار أن منتجاتها من النوع الفاخر وبنوعية تعرف بمالوسول وهي تسمية روسية تشير إلى احتواء الكافيار نسبة ضعيفة من الملح، ورغم وجود ما لا يزيد على ثلاثة في المئة من الملح في الكافيار الذي تنتجه المجموعة الإيطالية تبقى منتجاتها الأفضل، علما بأن المجموعة الإيطالية قد وسعت من حضورها على رفوف المحال التجارية الكبرى في نحو مئة متجر في فرنسا وألمانيا وسويسرا وتبيع منتجاتها ليس في مواسم الأعياد فحسب بل على مدار السنة. هذا وقد اجتاحت الأسواق العالمية ماركة كافيار كلوب التي أنشئت سنة 2013، إلا أن الأمر لم يغير شيئا من أساليب شركة مجموعة أغرويتيكا في تصنيعها وقد شرح لنا ستيفانو بوتولي أحد مهندسي الشركة أن ثلث إنتاج الكافيار يتمّ في مياه مغلقة مع تحكم في مستوى الإنارة وفي درجة الحرارة الاصطناعية التي تحاكي تبدل الفصول وتوالي الليل والنهار. وحسب المهندس، الكافيار المصنع في إيطاليا، الذي نتذوقه في أطباق الباستا يمثل تقليداً عريقاً، فقد كان الكافيار يقدم في مدينة البندقية منذ القرن الخامس عشر مستعرضاً صورة تجسم سوق أسماك تعود إلى العام 1581 يظهر فيها سمك الخفش. وإذا كانت لومبارديا وفينيتو هما أهم قطبي إنتاج الذهب الأسود فإن مدينتيْ بوليا وتوسكانا هما موطن المحار الأصلي الذي يتميز باللحم الأقل سمنة والدهون القليلة مقارنة بنظيره الفرنسي، فهو أقل تكلفة، كما لا يمكن إغفال أنواع مختلفة من جراد البحر تتميز بطعم أكثر نكهة لدى خبراء التّذوق وذلك مقارنة بالأنواع الأمريكية التي عادة ما تغزو الأسواق. نشير أن الكافيار الإيطالي لا يقتصر تحضيره على أكلات المطاعم، بل نجده يكتسح عالم التجميل وذلك بتصنيع كريم الكافيار الإيطالي للوجه والبشرة، وهو كريم ملائم للحرارة والبرودة يغذي ويرمّم الجلد ويقاوم الشيخوخة، حيث يشير بعض الخبراء في ذلك أنه يقلص من الترهل المبكر أو الناتج عن المعالجات الكيمياوية لكونه يقاوم التأكسد بشكل فائق، وفي الوقت ذاته يرطب، دون أن ننسى تواجد منتجات شامبو مستخلصة من الكافيار تكثف الشعر وتقويه.