بعد أقمشة الكشمير والجلد العالي الجودة، بات الكافيار أحدث الابتكارات الفاخرة الإيطالية، ويبدو أنه في طريقه إلى غزو العالم انطلاقاً من مصانع توفر ما يقارب ثلث الإنتاج العالمي من هذه الحبوب السوداء. وللمرة الأولى يشارك الكافيار الإيطالي المصنع من مجموعة "أغرويتيكا لومباردا" في معرض الأغذية في فيلبانت قرب باريس، الذي يمثل الواجهة العالمية للأغذية الأرضية. وانطلقت مجموعة "أغرويتيكا" في مجال صناعة الكافيار سنة 1966 في كالفيسانو قرب بريشيا (شمال غرب إيطاليا)، بعد محاولة أولى فاشلة مع سمك الأنكليس. وتضم المجموعة اليوم 600 ألف سمكة حفش تجري تربيتها في الهواء الطلق مع إسماعها موسيقى موزار، مع إنتاج يراوح بين 26 و30 طناً من الكافيار سنوياً (من أصل إنتاج عالمي قدره 150 طناً). وهذا ما يجعل المجموعة أكبر منتج للكافيار في العالم، وفق مسؤول قسم التصدير في المجموعة رومان شايتي. وسنة 1998، عندما حددت اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض، حصصاً صارمة جداً لحماية أسماك الحفش البرية المهددة بالانقراض، بدأت دول عدة إنتاج الكافيار، من بينها الولاياتالمتحدةوالصينوفرنسا واسرائيل. أما روسيا وإيران، اللتان كانتا تهيمنان على السوق، وحيث طور شايتي معارفه بشأن الكافيار، فتخلّفتا عن ركب الدول المتقدمة في صناعة الكافيار، وذلك لأنه يتعين انتظار ما بين 7 إلى 20 عاما للحصول على أفضل بيوض أسماك الحفش لتصنيع الكافيار. وحققت مجموعة "أغرويتيكا" إنجازات هامة، وأصبحت حالياً المصنع والمصدر الأول في العالم للكافيار أمام فرنسا أو الصين. ولطالما اكتفت المجموعة بدور الحاضنة لمزارع أخرى كانت تزودها بالبيوض من أجل التكاثر، في روسيا وسواها، وبتموين المؤسسات الكبرى التي تسوق الكافيار بماركاتها الفاخرة الخاصة في باريس ونيويورك. إلا أن هذا التوجه تغيّر مع الألفية الجديدة: فقد أطلقت المجموعة علامتها التجارية الخاصة "كالفيسيوس" سنة 2000، وبدأت ببيع منتجاتها لنحو إثني عشر شركة طيران لتقدمها لزبائن الدرجة الأولى على رحلاتها، قبل التوجه لجذب زبائن المطاعم الراقية في إيطاليا. ومنذ عام، تباع علب الكافيار السوداء المصنعة من مجموعة "أغرويتيكا" في عدد من أفخم المحال التجارية في لندن ونيويورك وأخيراً في باريس. وتؤكد العلامة التجارية الإيطالية أن منتجاتها من النوع الفاخر حصراً، وبنوعية تعرف ب"مالوسول"، وهي تسمية روسية تشير إلى نسبة ضعيفة للملح في الكافيار. ويرغم وجود ما لا يزيد عن 3 في المئة من الملح في الكافيار الذي تنتجه المجموعة الإيطالية "على تصنيع منتجات بالجودة الأفضل"، بحسب شايتي، الذي أكد أن هذا الأمر ينعكس بطبيعة الحال على السعر، "إذ إننا لسنا الأرخص" على حد تعبيره. وأشار شايتي إلى أن المجموعة الإيطالية وسّعت حضورها على رفوف المحال التجارية الكبرى مع نحو خمسين متجراً في فرنسا تبيع منتجاتها "ليس فقط في مواسم الأعياد"، وذلك من خلال ماركة "كافيار كلوب" التي أنشئت سنة 2013. إلا أنه لفت إلى أن هذا الأمر "لا يغير شيئاً في أساليبنا" في صناعة الكافيار. وشدد المدير التجاري ستيفانو بوتولي على أن المجموعة تملك ثلاثة مواقع انتاجية مختلفة في إيطاليا كلها في الهواء الطلق مع أحواض متراصفة بطول 70 متراً وعرض 60 متراً، تتم تغذيتها من المصادر الخاصة للمجموعة. في حين، وفق بوتولي، "ثلث إنتاج الكافيار يحصل في مبان مقفلة مع تفاوت في مستوى الإنارة ودرجات الحرارة الإصطناعية لمحاكاة تتالي الفصول وفترات الليل والنهار". وبحسب ستيفانو بوتولي، الكافيار المصنوع في إيطاليا (الذي يتذوقه في أطباق الباستا) يمثل عودة الى التقاليد: "فالكافيار كان يقدم في البندقية في القرن الخامس عشر"، مستعرضاً صورة لمنحوتة لسوق أسماك في روما عائدة الى سنة 1581 وتظهر فيها أسماك الحفش.