ذكر كلمة كافيار ستقودك التخيلات نحو المياه المتجمدة في بحر قزوين، حيث تسبح أسماك الحفش الشهيرة. واليوم، وعلى الرغم من أن هذه الصورة تبعد ملايين الأميال، وبالتحديد عن مدينة الرياض، بنى عبدالعزيز الجوعي، الرئيس التنفيذي لشركة (الكافيار الذهبي- Golden Caviar)، تجارة تعتمد على المياه في منتصف المدينة الصحراوية. ولد عبدالعزيز، وهو يحمل عشق عائلته للتجارة، وعليه فقد بدأ برحلته لاستيراد وتوزيع الكافيار على أصحاب الذوق الرفيع، ودعم العديد من المنافع الصحية للطعام المترف لقياصرة الروس. بدأ الجوعي عمله في 2003 بمحل واحد فقط في الرياض، ومنذ ذلك الوقت، وشركته تطورت ونمت لتصبح واحدةً من أكبر المزودين والموزعين لكافيار المزارع؛ تقلصت أعداد سمك الحفش بسبب الصيد الجائر، في السعودية مع امتلاكها أكثر من 120 مركز بيع في المملكة. ويقول الرئيس التنفيذي إن استراتيجية الشركة بسيطة: زيادة عدد مراكز بيع المنتج الفاخر التابعة للشركة إلى 200 مركز لرفع نسبة المبيعات. وقد أسس شركته برأس مال بلغ 30 ألف دولار يدفعه في ذلك افتتانه بالكافيار، وقد ارتفع مبيعاتها لتصل إلى 3.5 مليون دولار عام 2013. وبالتزامن مع ارتفاع المبيعات، وزيادة مراكز بيع الكافيار في السعودية، يسعى الجوعي إلى انتهاز الفرص خارج حدود البلاد، ويقول الأب لاثنين: "أنتظر أن تمنحني حكومة الإمارات حق التوزيع عبر فروع الامتياز هناك". وإن حصل على الموافقة؛ التي يأمل نيلها العام المقبل، فستكون الإمارات منصة انطلاقه لتوزيع الكافيار في الشرق الأوسط وأوروبا. وتعد الإمارات، التي تفتح الأبواب لأسواق جديدة، ملاذاً آمناً للاستثمارات. ويقول الرئيس التنفيذي، ذو 33 عاماً: "قانون الامتياز في السعودية لا يحمي المنتجين. والمشكلة الأخرى في السعودية هي وجود كافيار مزيف، وذي جودة منخفضة، ولهذا السبب أريد الذهاب إلى الإمارات". ويعد البعض أن الانخراط في تجارة الكافيار طريقاً غير اعتادي، إلا أن الأمر الذي دفع الجوعي إلى دخول هذا المجال هو أن "سوق الكافيار في السعودية جديد، والناس لم تعتد عليه ولا يعلمون ما هي منافعه"، ويضيف: "رغبت بتحدي نفسي من خلال جلب منتج جديد إلى المملكة، وأن أكون مختلفاً عن باقي المستثمرين في المملكة". ويقول الرئيس التنفيذي إن شركته تستورد حالياً من 750 إلى 1000 كيلو جرام من الكافيار سنوياً من غالبية دول العالم؛ الولاياتالمتحدة والصين وروسيا وإيران، ليتم توزيعها لاحقاً في المملكة. كما أنه يتحدث بفخر عن 3 أنواع من الكافيار يتاجر بها وهي: سيفروغا، وأوسيترا وبيلوغا الفاخر. ويتراوح سعر النوع الأخير ما بين 7 إلى 13 ألف دولار للكيلو جرام الواحد، وهذا يوضح سبب فخامته. وكلما كان لون البيض فاتح اللون، كانت السمكة أكبر عمراً، وبالتالي يتجاوز سعره قيمة الذهب. وقد تم استقبال هذه الفخامة بشكل جيد في مدينة تضم مجموعة من فنادق ال5 نجوم وأفراداً من العائلة المالكة. ويقول الجوعي بفخر إن شركته توفر الكافيار للأثرياء، وخصوصاً في مناسبتهم وحفلاتهم الضخمة. ويدعي أن (الكافيار الذهبي) هي المزود الوحيد لفنادق (فور سيزونز) و(ريتز كارلتون) وال(شيراتون) و(الفيصلية)، وجميعها تقع في العاصمة السعودية؛ وهذا يدل على المكانة الرفيعة للشركة على المستوى المحلي. ويقال إنه في عام 2009 تناول الرئيس الأمريكي باراك أوباما من هذه الوجبة الفاخرة عند زيارته السعودية الأخيرة. وعلى الرغم من شهرة الكافيار عالمياً، تعد المعرفة بهذا القطاع نادرةً؛ فلا يوجد أي إحصاءات حاسمة بهذا الشأن. ولكن، أفاد تقرير أصدرته (يورومونيتور الدولية- Euromonitor International) أن طلب السعودية على السمك، ومنتجاته زاد بمعدل %14 بين عامي 2007 و2012 وذلك بسبب ارتفاع عدد السكان، وتحسن قدرتهم الشرائية. ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة بنسبة %9 سنوياً حتى عام 2018. وعلى الرغم من زيادة الطلب على منتجات السمك، يبقى الكافيار الأكثر شهرة بسبب فخامته؛ويجب تناوله بملعقة مصنوعة من الصدف، أو العظم لحماية مذاقه الهش، وهذا يستحضر مشهد قياصرة الروس، وحفلات هوليوود الفاخرة، وعالم الأثرياء. ويوضح الرئيس التنفيذي، المولود في الزلفي خارج الرياض، أن عدداً قليلاً جداً يعلم منافع الكافيار الصحية. ويقول: "يستخدم كدواءٍ جيد لأمراض القلب والدم"، معبراً عن اندهاشه أن الكثير لا يعلم هذه المنافع. وبالرغم من ارتفاع سعراته الحرارية، يعد الكافيار مصدراً غنياً بالمعادن والكالسيوم والبروتين والحديد، والفيتامينات، كما أنه منشط جيد للبشرة ويعزز الجهاز المناعي. ويضيف الجوعي، الذي كان درس الاتصالات في كلية (الاتصالات السعودية) قبل أن يقرر تغيير وجهته، واتباع خطى عائلته في عالم المؤسسات: "هنا في السعودية، تعد ثقافة وضع ما نأكله على البشرة أمراً غير جيد، ولكنّ الكافيار جيد بالفعل لصحتك وبشرتك وجسمك. ويقول الرجل، الذي أنهى فترة استمرت عاماً واحداً في جامعة (أمبري ريدل) للطيران في الولاياتالمتحدة قبل أن يقرر أن تجارة الكافيار هي مهنته الحقيقية: "تعمل عائلتي كلها في الأعمال التجارية، وقد ورثت هذا الجين عنها". ويضيف: "آمل أن (الكافيار الذهبي) ستصبح خلال 5 سنوات واحدةً من أكبر شركات المنتجات الفاخرة والطعام الصحي". ويقول بغموض إن "الكافيار سيكون عنصراً واحداً فقط"، مشيراً إلى أنه قد ينخرط في مشروع جديد يوفر وجبات ذات سعرات حرارية منخفضة ومستحضرات تجميل. وعلى الرغم من هذا الغموض، يبقى هناك أمر مؤكد، وهو أن الحب العربي المتأصل لكل ما هو فاخر يدفع شركة (الكافيار الذهبي) إلى مستويات أعلى، وهذا يعني أن على مزوديه البحث في أعماق الأنهار والبحار لتوفيره. ويقول الجوعي: "أطفالي يعشقون تناول الكافيار أكثر من أي شيء آخر"، وسيبدأ الجوعي الذي يتصف بالعزيمة والإصرار بجني ثمار عمله في مجال الطعام الفاخر.