أستكمل حديثي السابق، عن ملابسات غزو العراق واحتلاله في 2003، حسب شهادة ضابط الاستخبارات الأمريكي، جون نيكسون، الذي تولى التحقيق مع صدام حسين بعد اعتقاله، إذ يذكر نيكسون أن صدام حسين اعترف له بأنه ارتكب خطأ فادحاً، عندما تلكأ في إبلاغ أمريكا بأنه تخلص من أسلحة الدمار الشامل، قبل مدة طويلة من غزو العراق، في عام 2003، ويعزو صدام ارتكابه لهذا الخطأ، إلى حالة التنافر، وعدم الثقة، التي كانت سيدة الموقف، بينه وبين أمريكا في ذلك الوقت، إذ لم يكن أي من الطرفين مستعداً للحديث، أو لسماع الطرف الآخر، ويؤكد نيكسون، نتيجة لتحقيقاته المطولة مع صدام، على أن مشكلة صدام الرئيسية هي أنه لم يفهم أمريكا أبداً، وكدليل على ذلك، أنه اعتقد أن أمريكا قد تتحالف معه، بعد أحداث سبتمبر، لمساعدتها في القضاء على الإرهاب! كان صدام حسين، حسب نيكسون، يعتقد أن القطيعة مع الإسلام المتطرف، والحرب على الإرهاب، هي أمور مشتركة، بينه وبين أمريكا، وهو ما يستوجب، حسب رؤية صدام، قيام تحالف بين العراقوأمريكا لهذا الغرض، ويضيف نيكسون بأن صدام حسين تساءل مراراً، خلال التحقيقات، عن أسباب تجاهل أمريكا له، وعدم رغبتها في التعامل معه، وهنا يعود نيكسون ليلقي حجراً في المياه الراكدة لوكالة الاستخبارات المركزية (السي آي إي)، التي يقول عنها، بعد أن عمل بها، ثم تقاعد منها، إنها مؤسسة بيوقراطية عتيدة وراكدة، وتشبه وزارة الزراعة، وأي قطاع بيوقراطي آخر، ويتهم نيكسون السي آي إي، بكل صراحة ووضوح، بأنها تجاهلت نتائج تحقيقاته مع صدام حسين، لأن قياداتها الكبرى، القابعة في مكاتبها، في الدور السابع، في مبناها العتيد، لم تكن لديها الرغبة في قراءة أي شيء، يشكك في روايتها، التي سوقتها للشعب الأمريكي وللعالم، واستندت عليها، في ضرب العراق واحتلاله، أي خطورة صدام حسين وامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل! ويواصل نيكسون الضرب العنيف على جدران الاستخبارات الأمريكية، إذ يقول إن العاملين فيها أصبحوا أشبه ما يكونون بالمراسلين الصحفيين «السطحيين»، بعد أن كانوا مثل الأكاديميين، الذين يعتمدون على البحث العميق، بحثاً عن الحقيقة، وللحصول على معلومات موثقة وقاطعة، ويقول نصاً، إن قادة السي آي إي، وبعد أن كانت كلمتهم حاسمة وقاطعة، أصبحت مهمتهم أن يقولوا: «نعم سيدي»، للرئيس الأمريكي، وذلك للحفاظ على مواقعهم، وبعد أن كانوا يستقطبون الكفاءات المميزة، التي تستطيع التفكير خارج الصندوق، أصبح هذا النوع من الضباط يخيف القادة الكبار، الذين حولوا وكالة الاستخبارات إلى قطاع مسيس، يخدم توجهات الإدارة الأمريكية!!، وبعد أن استعرضت شهادة الضابط جون نيكسون، وهي بلا شك شهادة هامة للتاريخ، فإنني سأدلي برأيي حول ما ورد في شهادته، عطفاً على متابعاتي الدقيقة لظروف وملابسات غزو العراق، وكتاباتي ومشاركاتي حول هذا الأمر، منذ بدايته وحتى اليوم!