استبعد خبير نفطي امكانية إعادة التوازن للسوق النفطية عبر منظمة «اوبك» وحدها، وقال رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي ل»الجزيرة» ان المنظمة لن تستطيع وحدها أن تعيد التوازن لسوق النفط، مما يعني أن أسعار «أوبك» لن تشهد إرتفاعاً على الأقل إلى نهاية2016م. وأوضح أن الدول غير الأعضاء خارج أوبك مثل روسيا لازالت غير موافقة على خفض إنتاجها، رغم تأييدها لعملية التثبيت، وبالتالي فلن تستطيع «أوبك» إعادة التوازن، ما يعني أن أسعارها لن تشهد ارتفاعا خلال الفترة الحالية من العام. وقال أبانمي أن (أوبك) تعتزم الأسبوع المقبل وفي آخر اجتماع لها هذا العام مناقشة مقترح جزائري بخفض سقف الإنتاج بنسبة تتراوح بين 4 إلى 4.5% لجميع أعضائها باستثناء ليبيا ونيجيريا، وفي ظل تردد واضح من العراقوإيران وربما إندونيسيا الذين لم يبدوا موافقتهم على المقترح حتى الآن. وأضاف: استنادا إلى إنتاج المنظمة الشهر الماضي، أي خلال أكتوبر فإن نسبة التخفيض المستهدفة بين (4 إلى 4.5%) إذا تمت الموافقة عليها، فإن ذلك يعني تقليص إنتاج «أوبك» بأكثر من 1.2مليون برميل يوميا، بهدف الوصول إلى الإنتاج الإجمالي المستهدف عند 32.5 مليون برميل يوميا، والذي سيكون في حالة إقراره أول اتفاق للمنظمة بتقييد الإمدادات منذ 2008م. وبين أبانمي أن خفض الإنتاج إذا تم الاتفاق عليه، من شأنه أن يقلص إنتاج السعودية بنحو500 ألف برميل يوميا، وبقية دول الخليج العربي: الكويت وقطر والإمارات مجتمعة ستخفض إنتاجها بنحو500 ألف برميل يوميا، أما العراق فالمطلوب منها خفض إنتاجها في حدود 200 ألف برميل يوميا، ولكنها مترددة في قبول ذلك، وما زالت تبحث ما إذا كان عليها أن تخفض إنتاجها من مستويات تقديرات «أوبك» لإنتاجها، أم من تقديراتها هي في مستويات انتاجها المبالغ فيها، والحال كذلك مع إيران التي المطلوب منها لإنجاح الاتفاق أن تخفض إنتاجها بواقع 4.5% من نحو أربعة ملايين برميل يوميا، لكنها أيضا مترددة. واضاف ابانمي: اذا اراد الجميع توازنا فعليا للسوق، وإيجاد مستوى سعري مناسب للجميع، فعليهم الاتفاق سواء كان من المنتجين من داخل «أوبك» أو من خارجها، للسيطرة على فائض المعروض النفطي، حيث سيعطي ذلك بدوره جرعة إيجابية لتعافي السوق النفطية، خصوصا إذا لاح في الأفق اتفاق بين قيادتي أكبر منتجين للنفط في العالم وهما السعودية من منظمة «أوبك» وروسيا أكبر مصدر للنفط من خارج المنظمة على تخفيض الإنتاج، حيث إن ذلك سيؤثر حتما بالإيجاب على أسعار النفط الحالية، واستمرارها في الارتفاع، بالإضافة إلى إحداث استقرار نوعي على الأسعار خلال الفترة المقبلة. وتابع: العبرة ليست في صواب توقعات الأسعار هي بالطبع مؤشر مهم بصحة التحليل، وإنما الأهم هو اِستيعاب مدلولات الأحداث والوقائع، وتطلعات اللاعبين الرئيسيين ومواقفهم السياسية والاقتصادية والعسكرية والنزاعات والأحداث المصيرية التي تتجاذب اللاعبين الاساسيين، فالتعامل مع سلعة استراتيجية كالنفط يجب أن ينطلق من نظرة تحليلية واعية غير مختلة أو مرتبكة من بعض الظروف العرضية الهامشية. وأضاف: ينطلق تحليل بعض المحللين للأسواق وتداول السلع وأسعار سلعة بعينها على أكثر النماذج الأساسية أهمية في نظريات الاقتصاديات الصغرى وهي التوازن الجزئي بين العرض والطلب، أي النموذج الذي يحاول وصف وتوضيح وتوقع تغير سعر وكمية السلع المباعة في الأسواق التنافسية، وبالرغم من أن نظرية العرض والطلب مهمة لفهم كثير من المدارس الاقتصادية لآلية اقتصاد السوق وتفسير الآلية التي يتم بها تخصيص المصادر واتخاذ القرارات إلى حد ما، إلا أن هذا النموذج يعمل بشكل جيد في الحالات البسيطة غير المعقدة، نظرا لأنه يقوم فقط بتقريب وصف السوق التنافسية بشكل غير كامل، فنظرية العرض والطلب تفترض عادة بأن الأسواق تنافسية بشكل كامل ومثالي، أي أن هناك عدة مشترين وباعة في السوق وليس أحد منهم له القدرة على التأثير على سعر البضائع، وتأسيساً على ذلك فالفرضية تلك تفشل في كثير من الأحيان، وغالبا ما يستخدم تحليل متطور لفهم معادلة العرض والطلب للبضاعة.