تتأرجح السوق النفطية بين الانفراج والقلق بعد القرار الذي اتخذته منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) بشأن خفض انتاجها النفطي مليوني برميل في اليوم، ورفع سقف الانتاج الى 25.4 مليون برميل في اليوم اعتبارا من الاول من يونيو. وكانت اوبك زادت سقف الانتاج في فبراير الماضي الى 24.5مليون برميل في اليوم بهدف منع ارتفاع كبير في الاسعار خلال الحرب على العراق وبعد الاضراب العام في فنزويلا. لكن السوق، وامام الانخفاض الموسمي في حركة الطلب في الفصل الثاني واحتمال استئناف الصادرات العراقية، تدرك ان اوبك ستخفض فائض انتاجها لتجنب انهيار في اسعار النفط. فكيف انعكس قرار اوبك الاخير على السوق النفطي ؟ وصف قرار اوبك الاخير بأنه جاء محيرا جدا بالنسبة للسوق، فاسعار النفط قد تدهورت بعد الاعلان ثم عادت وتحسنت قليلا اثر ذلك. وتبذل اوبك جهودا للتأكيد على ان قرارها سيسحب من السوق مليوني برميل في اليوم، لكن المستثمرين يشككون في ذلك. اما ما لم تتوقعه السوق فهو رفع حصص الانتاج، ولهذا السبب تدهورت اسعار النفط الخام الى ادنى مستوياتها منذ اكثر من خمسة اشهر بعد الاعلان، وسيواصل قرار اوبك التأثير سلبا على الاسعار ، وعلى المدى الطويل، فمن المتوقع ان تشهد السوق النفطية شهرين مضطربين لان الاسعار قد تتحسن اذا ما خفضت اوبك انتاجها فعلا. ويقول بول سبيدينغ، المحلل في بنك (درسدنر كلاينفورت فاسرشتاين)، ان اوبك ستخفض انتاجها الى حوالي 26 مليون برميل في اليوم وليس 25.4 مليون برميل في اليوم. واعلن هذا المحلل) ان الحصص الانتاجية نادرا ما تشير الى المستوى الفعلي لانتاج اوبك ومن المرجح ان تلتزم المملكة وحدها بكلامها وتخفض انتاجها. والمملكة التي تنتج حاليا ما بين 9 و9.5 مليون برميل يوميا، وعدت بخفض هذا الانتاج الى 8.25 مليون برميل في اليوم. وقال سبيدينغ على المدى القصير، سيكون قرار اوبك كافيا لتهدئة اسعار النفط، حتى ولو كان احتمال زيادة الانتاج الفنزويلي والنيجيري امرا غير مؤكد. واضاف ان (المشكلة الحقيقية بالنسبة لمنظمة اوبك ستكون في الفصل الثالث عندما ستستأنف الصادرات العراقية الامر الذي يرغم اوبك على مراجعة الحصص الانتاجية الجديدة لكل دولة عضو باتجاه تخفيضها من اجل منح العراق مكانة بين المصدرين). وحذر المحلل من (ان ذلك قد يكون صعبا لان دولا عدة سترغب باعفائها من الالتزام بالحصة المحددة لها مع تبرير ذلك بظروف استثنائية وخصوصا نيجيرياوفنزويلا)، مضيفا ان الجزائر وليبيا ستحافظان على زيادة خفض انتاجهما. ورأى كيفن نوريش (حتى ولو اعادت اوبك انتاجها الى سقف 24.5 مليون برميل في اليوم، فان ذلك لن يحل مشكلة فائض الانتاج على المدى الطويل. ان خفضا اضافيا للانتاج سيكون ضروريا خصوصا اذا عاد النفط العراقي الى السوق في فترة اسرع مما هو متوقع). واعلنت اوبك من جهة اخرى انها ستخفض انتاجها مرة اخرى اثناء اجتماعها المقبل في يونيو. واعلنت السلطات الاميركية في العراق ان الانتاج النفطي العراقي سيستأنف هذا الاسبوع وانما لتلبية الطلب الداخلي ليس الا. وقال بيجن زنغانة وزير النفط الايراني ان انتاج منظمة أوبك سيقترب على الارجح من مستوى 26 مليون برميل يوميا خلال شهري أبريل ومايو مقارنة بالسقف المتفق عليه لشهر يونيو وهو 25.4 مليون برميل. وجاء تصريح زنغانة تأكيدا لرأي وسطاء النفط والمحللين الذين يشعرون بالحيرة منذ اعلان اوبك اتفاقها الخاص بالانتاج. وبمقتضى هذا المقياس فان انتاج اوبك سيهبط 600 الف برميل يوميا فحسب من مايو الى يونيو مع افتراض بعيد الاحتمال وهو الالتزام الكامل بالحصص اي ما يقل كثيرا عن الخفض الموعود مليوني برميل يوميا. وقال زنغانة: يبدو ان انتاجنا في ابريل ومايو سيكون أقرب الى انتاج مارس بدون العراق اي قرب 26 مليونا. واضاف ان الخفض الذي اتفقت عليه المنظمة بمقدار مليوني برميل يوميا من الانتاج الفعلي يشمل العراق الذي توقف عن تصدير النفط منذ بدء الحرب، وكان العراق ينتج نحو مليوني برميل يوميا في المتوسط قبل الحرب. واستخدمت اوبك تقدير 27.4 مليون برميل يوميا يوميا اساسا للتخفيض الموعود وقدره مليونا برميل يوميا. ويشمل ذلك الرقم انتاج العراق الذي بلغ 1.9 مليون برميل يومياً والذي كان توقف بالفعل الشهر الماضي حينما بدأت الحرب، ولم تقتنع اسواق النفط بهذا الخفض. وقال نعمان بركانت السمسار في فيمات انترناشيونال بانك في نيويورك (الشعور العام هو ان هذا خفض كاذب). وأرجأت اوبك الى اجتماعها في 11 من يونيو اتخاذ قرار صعب باجراء تخفيض للانتاج حينما تستأنف الصادرات العراقية كما هو متوقع. وأوضح الوزير الايراني ان الاتفاق الذي توصلت اليه أوبك ليس الا خطوة أولى وانه اذا اقتضت الضرورة فان المنظمة ستقر خفضا اخر في الانتاج. وقال زنغانة: (اذا كنا نريد ان تظل الاسعار داخل النطاق فعلينا ان نفعل ذلك (خفض الانتاج)، وليس امامنا خيار اخر. وهذه خطوة أولى وعلى الارجح سنجري تخفيضات اخرى اذا اقتضى الامر). وتستهدف أوبك ابقاء الاسعار في نطاق بين 22 و28 دولارا للبرميل.