سنة الكون الاختلاف.. ولولا ذلك ما تلونت المحابر وتعددت المنابر.. فالتعاطي من زوايا مختلفة وباتجاهات وإن كانت متباينة يسهم بتسليط الضوء بشكل أكبر على الأمر المطروح للنقاش ولا يدع فيه من جزئية إلا وقد استوفاها.. وذاك أمر صحي بلا شك. لكن ما لا أفهمه.. وربما لا أستسيغه حد أحياناً ازدراء فاعله.. هو انحناء المحابر لأشخاص وركوع المنابر لميول.. فتصبح منزوعة الحرية.. مقيدة الأفواه.. مستمعة جيدة لما يطلب منها.. منفذة بلا إرادة لكل ما يملأ عليها.. فيتم تلقينها ما تقول وما لا تقول! مخجل جداً أن يكون رد مقدم أو ضيف على أمر حسب لون حنجرة قائله.. فإن كان من ذات السحنة التشجيعية.. حمد ما قال وهلل لما ذكر.. وإن اختلفت أنفاس طارح الفكرة مع ما يستنشقه المقدم أو الضيف من تشجيع ضرب برأيه عرض الحائط. في موضوع توثيق البطولات مثلاً وبعدما خسر الأخضر من اليابان انقسمت كعكعة الفضاء لقسمين.. أحدهما جعل لجنة التوثيق ومن خلفها وهو رئيس الهيئة الرياضية هم سبب تسجيل اليابان لهدفين.. في حين كان الآخر يدافع عن رئيس الهيئة أكثر حتى من اللجنة لسبب الميول لا أكثر.. ولا تسألوني عن محل المنتخب من الإعراب! ولأن الكثير من الإعلاميين إلا من رحم يتعاطى كما أسلفت بمبدأ الألوان لا المبادئ والآراء.. إذ بهما ذات الفريقين ينقسمان حتى في موضوع الانتخابات.. فمن كان مع رئيس الهيئة بالتوثيق اصطف مع عادل عزت لأنه كان يعمل معه سابقاً.. ومن عارضه اختار أن يكون جنبا لجنب مع الحملة الانتخابية لسلمان المالك.. مع أن لا هذا ولا ذاك طرح برنامجه الانتخابي بعد ولم يضع أي منهما النقاط على الحروف على ما سيقدمه! هكذا باختصار نمارس الانغلاق الفكري بإرادتنا رياضياً.. وبشكل علني وبلا خجل نسير مع التيار.. وإلا برأيكم ما تفسير مثلاً قيام إعلامي شهير بالإشادة في قرار رئيس هيئة الرياضة بتأجيل مؤتمر لجنة توثيق البطولات قبل لقاء العراق لكي يتفرغ الأخضر لمهمته.. ليأتي ذات الإعلامي قبل يومين ويقوم بالسخرية والتندر من الأقوال التي عارضت إعلان عدد البطولات وتأثيرها على الاستعداد للقاء اليابان؟! دعونا من اللجنة ولنعد للانتخابات.. أعطوني مبرراً لمن يرفض مثلاً دخول عادل عزت في انتخابات اتحاد الكرة بحجة أنه مدعوم من رئيس الهيئة واللجنة الأولمبية، حيث إن ذلك يُعتبر بوجهة نظر المعارض تدخلاً في سير الانتخابات.. في حين أن ذات المنتقد كان من أكثر المباركين لمشاركة أحمد عيد في الانتخابات السابقة وهو الذي كان أيضاً مرشحاً من اللجنة الأولمبية.. فما الذي تغير يا عزيزي؟! الجميل في كل ما سبق أن الوسط الرياضي أصبح يدرك هذه اللعبة ويعرف أدواتها.. فالمشهد بات واضحاً.. والحكاية المملة لم تعد تخفى على أحد.. حيث ارتضى ثلة من الإعلاميين أن يكونوا أشبه بقطع الشطرنج تُحرك كيفما أراد محركها وبأي اتجاه شاء.. لتمارس لعب دورها بكل إتقان وبلا حول منها أو قوة.. بعدما أصبحت رهينة رغبات الآخرين.. ولا عزاء لمن يبحث عن الكلمة الحرة.. بعدما ضاع دمها بين فريقين من الإعلام أولهما ما يطلبه جمهور أندية الضجيج وثانيهما إملاءات المسؤول. أخيراً.. أكثر من أشفق عليه فيما سبق هو المنتخب، حيث اتخذه البعض سلماً لينال من هذا ومطيةً ليهاجم ذاك.. أما من يستحق التعاطف تالياً فهم المرشحين لرئاسة اتحاد الكرة.. حيث إنه بمجرد إعلان الأسماء.. أصبح التعامل معهما حتى قبل أن يقولا بسم الله بمبدأ : لا وسطية.. أما أن تكون معي وإلا فأنت ضدي. آخر سطر تغريدة كتبتها قبل يومين ربما تختصر المقال: «حال البرامج الرياضية مضحك هذه الأيام: تقتل القتيل وتمشي بجنازته. بالضبط هذا مختصر ما تفعله: تأتي بأشد المتعصبين من مراهقي الإعلام لينفثوا سمومهم ثم تنادي بمحاربة التعصب!!»