لا زالت أمريكا، وخلفها العالم، في حالة صدمة وذهول، بعد فوز ترمب برئاسة أمريكا، فقد كان الجميع يتوقع فوز هيلاري، ربيبة المؤسسة السياسية الرسمية، ما كان يعني أن ذلك سيكون بمثابة فترة ثالثة للرئيس أوباما، وما زاد من القلق، هو تعيين ترمب لستيف بانون، كبيرًا ينتمي للإستراتيجيين في إدارته، وبانون ينتمي، أيدولوجياً، لأقصى اليمين، وبالتالي يتهم بعلاقاته مع جماعات اليمين المتطرف، وله تصريحات موثقة توحي بذلك، إذ سبق أن قال إنّ البيت الأبيض هو بيت للبيض، واختيار ترمب له يتعارض مع تصريحه بعد فوزه، بأنه سيكون رئيساً لكل الأمريكيين، وقد توعد بعض أعضاء الكونجرس الديمقراطيين، بزعامة العضو البارز، هاري ريد، بأنهم سيسعون بكل قوة، لمعارضة هذا التعيين، ولا تخفى مواقف بانون عن ترمب. هذا، ولكنه مدين للرجل، وعينه من باب رد الجميل، لأنّ بانون كان مستشارًا خاصاً له، خلال حملته الانتخابية، وله دور كبير في رسم الإستراتيجية، التي نجحت في فوزه بالرئاسة. الرئيس أوباما، طار إلى اليونان وألمانيا، في آخر جولاته الخارجية كرئيس، في محاولة لطمأنة الحلفاء، بعد فوز ترمب، وألمح أوباما، في تصريحات مقتضبة، إلى مخاوفه من تعيين بانون، وإن كان قال إنه لا يعتقد أن ترمب مؤدلج، بل يراه شخصاً عملياً، سيتعامل مع الملفات من منطلق المصلحة الأمريكية العليا، أما منظمات اليمين المتطرف، فهي تعيش احتفالات غير مسبوقة، خصوصاً منظمة الكلو كلس كلان، والتي كانت تنكل بالسود، قبل إقرار قانون الحقوق المدنية، منتصف القرن الماضي، ولا تزال هذه المنظمة قائمة، ومع أنه خف وهجها مؤخرًا، إلاّ أنّ ترشح ترمب، وتصريحاته ضد الأجانب، أعادت لها الحياة، وبعد فوزه بالرئاسة، صرح أحد أهم قيادات المنظمة السابقين، ديفيد دوك، بأنّ هذا أعظم يوم في التاريخ الأمريكي، ودوك هو النازي، الذي سبق أن قال: «إنّ الأحصنة خدمت الإمبراطورية الأمريكية أكثر من السود»!. الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والذي يتهم بتدخله في سير الانتخابات الأمريكية، اتصل بترمب، وهنأه بالفوز، وربط بعض المعلقين بين فوز ترمب، والتصعيد الروسي- السوري في معركة حلب، وهذا التقارب مع موسكو مقلق بالنسبة للمؤسسة السياسية الرسمية، رغم أنّ هناك من يشبهه بالتقارب الأمريكي - السوفييتي، خلال الحرب العالمية الثانية، وأنّ تفاهم روسيا مع أمريكا قد يكون مفتاحاً لمعالجة الكثير من الملفات الساخنة حول العالم، خصوصاً في الشرق الأوسط، ولا يبدو أنّ هناك انسجاماً في فريق عمل ترمب، الذي يعكف على اختيار ما يقرب من أربعة آلاف موظف للإدارة الجديدة، فقد تمت إزاحة رئيس الفريق، الحاكم كريس كريستي، وعين نائب الرئيس المنتخب، مايك بنس مكانه، ويقال إنّ الرجل القوي في فريق ترمب، وزوج ابنته ايفانيكا، جيرد كوشنر، كان له دور في إزاحة كريستي، وهناك حديث عن أسرة ترمب، ومدى تدخلها في الفريق الرئاسي الجديد، فترمب يثق بأبنائه، دونالد وأريك وإيفانيكا، ولكن هذه رئاسة أقوى دولة في العالم، وليست شركة تجارية، وسنتابع كل هذه التطورات، التي أعقبت زلزال فوز ترمب، برئاسة أمريكا، وزعامة العالم، فهذه التطورات في غاية الإثارة.