فى ركن قصي من مبنى قديم أقرب إلى القرطاسية منه الى المكتبة فى عرضهاوبضاعتها، وجدت كتابا للأستاذ محمد بن عبدالوهاب ابو ملحة مدير فرع وزارة المالية فى عسير سابقاكان بعنوان: مع الزمان محطات فى الحياة تحدث فيه عن مسيرته العلمية والعملية والانسانية، وبحكم أنه احد اولاد الشيخ عبدالوهاب ابو ملحة فقد افرد له فى هذا الكتاب مساحة لا بأس بها تحدث فيها عن حياة الشيخ ومناقبه وبعض آثاره. وبالرغم من المعلومات القيمة التى جاءت بين طيات الكتاب الا إن اخراجه وتحديدا صوره ووثائقه كانت دون مستوى قيمة المادة المعروضة فيه والشخصيات التي أوردها المؤلف، إضافة الى أخطاء املائية ولغوية تعكر صفو متعة القارئ وتقطع عليه تسلسل الاستمتاع والفائدة. عبدالوهاب ابو ملحة مولود فى الصمدة بمدينة خميس مشيط فى عام 1303ه ،نشأته تختلف عن كثير من أقرانه فقد كان الترحال والتنقل سمته، وكانت مواهبه وفطنه تعد اول ملامح سمته ورسمه، أكسبه ذلك حضورا على مستوى الارض والإنسان ،فأصبح يعرف الأماكن وأهلها وطبائعهم، إضافة الى رصيد هائل من المعارف الانسانية مع قبائل المنطقة وأعيانها، كل ذلك ساعده فى القيام بما أوكل إليه من أعمال لاحقة. نقطة التغير الاساسية فى حياته، كانت نصرته للملك عبدالعزيز وتفهمه قبل الكثيرين لطبيعة مستقبل المنطقة فى ظل الحكم الجديد. ولأنه الملك عبدالعزيز بفطنته ودهائه فقد ارتأى ان يكون هذا الرجل خازنا للمال فى عسير بمرتبة رئيس مالية. كانت الدولة فى بواكير نشأتها وكان الشيخ عبدالوهاب خبيرا بسياسات المال جباية وصرفا، وكانت عسير فى عهده بما تمتلكه من خيرات وأرزاق رافدا مهما لاقتصاد المملكة الحديث التكوين والنشأة فى ذلك الوقت. اما جهوده الحربية مع المؤسس فهي تجلي بعدا آخر من أبعاد شخصيته الفريدة ،فقد أوكل إليه قيادة العديد من الحملات العسكرية فى القنفذة وجازان، مما أدى الى إصابته فى إحدى المعارك بمقذوف ناري اخترق فخذه الايمن. وللبعد السياسي نصيب وافر فى شخصيته، فقد ترأس الوفد السعودي عند ترسيم الحدود بين المملكة واليمن المبنية على معاهدة الطائف الشهيرة بين السعودية واليمن عام 1353ه. سيرة الشيخ عبدالوهاب ابو ملحة عطرة ومازال أهالي عسير يستذكرون فضائله وأعماله الجليلة بوافر الرضى والتقدير والاحترام، والشيء الذي يذهل المتابع لشخصية هذا الرجل، هو البعد الاداري والتنظيمي الذي يتمثل فى سياساته المالية والتنظيمية فى وقت عز فيه النظام والتدبير فى الجزيرة العربية كلها الا ان مراسلاته مع الملك عبدالعزيز-والتى جاءت فى طيات ذلك الكتاب- تثبت ان الرجل قد مارس فكرا ادارايا غير مسبوق فى ذلك الزمن شواهده ما زالت حاضرة حتى الآن. دعوة لأهل التأريخ السعودي والمهتمين برجالاته وأحداثه الى اعادة قراءة سيرة هذا الرجل وأمثاله الخيرين ممن ساهموا فى تأسيس هذه البلاد وصيانة وحدتها مع المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز. - علي المطوع