ومما لاحظته كثرة إسناد المعلومة بقوله: الوثائق العامة وهي وثائق فيما يبدو في حوزته. لكنه لا يعين القارىء على معرفة مصدر هذه الوثائق، وهل هي أصلية أم مصورة. والمصدر ضروري لأنه يعطي وزناً توثيقياً ومعرفياً للوثيقة. وتصنيفه لها تصنيف خاص به، وليس تصنيفاً مما يدخل في تصنيف وفهرسة الوثائق. لهذا كله لا يتبين القارىء طبيعة الوثيقة اللهم إلاّ ما ورد من صور لبعضها وهو قليل نسبة لما في حوزته. وقد سمعت أن أسرة أبو ملحة أهدوه قرصاً مرناً عليه 600 وثيقة. وهذا كم هائل لم أجد في الكتاب ما يشير إلى استعماله إلاّ نسبة ضئيلة، خصوصاً إذا عرفنا انه من جُمّاع الوثائق والأوراق الخاصة، لهذا نتصور أن لديه كماً هائلاً منها. في الفصل الخامس أورد المؤلف الكريم فهرسة 1058 وثيقة تخص ترجمة الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة. والسؤال الذي يثور هو: ما فائدة الفهرس لموضوع الكتاب أو للقارىء طالما أنه فهرس صامت. وهو ينعتها بالوثائق المهمة تنتظر الدارسين. ولكنه لم يقل كيف يصل الدارسون إليها. وهي شغلت حوالي مائة وخمس عشرة صفحة أشار إلى كثرة الشكاوى بين موظفي المالية في عسير أو بينهم وبين الأهالي وسماها المؤلف الكريم: شكاوى القيل والقال والكيدية، ثم أردف أن لديه وثائق تتحدث عن هذا. وأقول: أليس من الأفضل لسيرة الرجل أن يطلع القارىء على بعض تلك الشكاوى وطبيعتها، وأيضا يعرف مصدر الوثائق التي تسند هذا القول. ووصف تلك الشكاوى بالقيل والقال والكيدية لا يقوم على ساقه على إطلاقه، لأن القارىء يود أن يرى بعض الشكاوى ليصل مع المؤلف الكريم إلى صحة استنتاجه. أغلب ما ورد من أسماء ومسميات صحيحة، لكن قد ينبو عن المؤلف الكريم شيء يسير مثل: تسمية عمر العسكر بعمر بن عبدالعزيز العسكر والصحيح أنه عمر بن حمد العسكر. ومما له صلة فقد سرني استعراضه لبعض الوثائق المتعلقة بجهود الشيخ أبو ملحة في الجانب الحربي إبان حوادث القنفذة ونجران وتواصله مع الملك في الرياض ومع الأمير سعود بن عبدالعزيز وغيره من القادة الميدانيين. وكنت مثل غيري نود أن نعرف، بشيء من التوسع دور أبو ملحة في مجمل العلاقات السعودية اليمنية قبل الاتفاقية الأخيرة. لقد استعرض المؤلف بعض الوثائق لكنها لا تشفي الغليل. فأبو ملحة له دور محوري في هذه القضية. ومن قراءة بعض المؤلفات التاريخية يشعر المرء أن هناك وجهات نظر مختلفة بين الرياض وأبها وبين الأمير ومسؤول المال بل بين أعضاء الوفود التي تشكلت بأمر الملك أو بأمر أمير أبها. وهي كلها وجهات نظر من الاجتهاد الإيجابي. وفي ظني أن التوقف عند هذه المسألة وإيلاءها نصيباً من التحليل والقراءة الموضوعية قد تحل بعض مفاصل التاريخ السعودي المعاصر. جاء كتاب: عبدالوهاب أبو ملحة في خمس مائة وأربع وتسعين صفحة. وكان ما خطه يراع المؤلف عن صاحب الترجمة هو مائة صفحة ونيف ( صفحات 30- 183) أما الباقي فهي مما يدخل في باب الملاحق والوثائق وسيأتي الإشارة إليها. لا شك عندي أن هذا الكتاب يحوي معلومات كثيرة، على أن استثمارها كان محدوداً. لم يكن المؤلف الكريم مما ينزع إلى التوقف عند كثير من النقاط الواردة. وهذا منهجه لا مشاحة في ذلك، ولكن عليّ أن أقول إن كتابة السير والتراجم تتطلب نوعاً من التناول قد يختلف عن منهج المؤرخ. وهو نفسه لاحظ أن عليه أن يتوسع، ولكنه آثر الإيجاز واقترح في مواضع كثيرة أن يتصدى لها طلاب الدراسات العليا. وهذا ملمح حسن يُشكر عليه. في الفصل الرابع أثبت المؤلف رسائل بعض مجايلي الشيخ أبو ملحة. وهي استغرقت حوالي خمسين صفحة. وهي شهادات مهمة. وما يقول به منهج كتابة السيْر والتراجم أن تستثمر تلك المعلومات والرؤى في صميم ما كتبه المؤلف. وأن يكون إدراج معانيها ودلالاتها في الكتاب ضمن السرد أو المتن. فهي ليست مما كتبه المؤلف ومثلها مثل الوثائق والصور وغير ذلك. وإيرادها جاء لتكملة ما وجده المؤلف يحتاج إلى تكملة أو ما رآه جديداً. وهذا الصنيع لا يدخل في كتاب السيرة. وكنت آثرت تساؤلات وجدت إجابتها في هذه الرسائل والشهادات، ووضعت في مكانها واستثمرت لحسن صنيع المؤلف الكريم. في الفصل الخامس أورد المؤلف الكريم فهرسة 1058 وثيقة تخص ترجمة الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة. والسؤال الذي يثور هو: ما فائدة الفهرس لموضوع الكتاب أو للقارىء طالما أنه فهرس صامت. وهو ينعتها بالوثائق المهمة تنتظر الدارسين. ولكنه لم يقل كيف يصل الدارسون إليها. وهي شغلت حوالي مائة وخمس عشرة صفحة. وفي زعمي انها لا تضيف لمحتوى الكتاب ما يفيد العرض المعلوماتي ولا التحليلي. والمؤلف الكريم قال في عنوان فرعي: وقفات وتعليقات: إن عناوين الوثائق التي وردت في الفهرس مفيدة وفيها قضايا مهمة وفيها دقائق من الأمور. لكن أنّى للقارىء أن يعرف كل ما ورد وهو لم يطلع عليها، ومعظمها لم يُستعمل في الكتاب ولم يُنشر على حد قول المؤلف الكريم. وفي الفصل السادس أورد المؤلف أربع عشرة شهادة من مجايلي الشيخ أبو ملحة. ويُقال عنها ما قيل في الرسائل. وهي شهادات جيدة وفيها معلومات، ولكن المؤلف الكريم لم يستثمرها في متن الكتاب، وتعليقاته عليها جاءت متأخرة. فهي تصلح أن تكون ضمن الملاحق. ولم أتبيّن لماذا لم يستوعب المؤلف الكريم تلك الشهادات ويدرج معانيها ودلالاتها المعرفية والتحليلية ضمن الترجمة التي كتبها عن الشيخ أبو ملحة. وقد أدرج المؤلف الكريم في ملاحق الكتاب عشرين صفحة عن سيرته الذاتية. وهي لا علاقة لها بموضوع الكتاب قيد العرض. هذا ما عنّ لي وكله جاء من باب التواصل العلمي مع صديقي وزميلي المؤلف الكريم، وحباً في شخص الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة وأسرته الكريمة. والله المستعان.