قرأت مقالة للدكتور حمد الهزاع عن شاعر نجد الكبير الشاعر محمد بن عثيمين، وحقيقة ما طرحه الدكتور عن الشاعر مدعاة للتأمل، ومطلب لإعادة النظر في شعر هذا الرجل، وعدم التغافل عن تاريخه الذي اقترن بتاريخ مؤسس هذه الدولة -حفظها الله- من كل مكروه، فقد كان الشاعر، حسب ما رواه محقق ديوانه الأستاذ سعد بن رويشد، ملازماً للملك عبدالعزيز (رحمه الله) يتبعه كظله من معركة إلى معركة ومن بلدة إلى أخرى ليكون مذياعه الذي يذيع على الملأ أنباءه السَّارة، حتى أصبح ذلك الإعلامي الناجع. وإذا لم يحظ ابن عثيمين بأسباب الثقافة والاطلاع، فقد حظي بما هو أهم من ذلك من الأسباب التي جعلته من أبرز شعراء التيار الإحيائي في المملكة العربية السعودية؛ بثقافة الدينية والتأريخية والأدبية التي اكتسبها من اطلاعه على السنة النبوية الشريفة، ومعرفته لكثير من أخبار العرب في الجاهلية والإسلام وحكمهم وأمثالهم، ولا نغالي في حديثنا عن الشاعر، فهو يُعدُّ من أكثر شعراء هذا التيار ترسّماً للقديم، فقد جمع بين أسلوب الشعر الجاهلي فضمَّنه معاني الدعوة ومقاصدها، والأخذ من شعر الأقدمين. وإذا أطلقنا العنان لقلمنا؛ فلن تكفينا مقالة أو صفحة أو كتاب في الحديث عن شعره، إلا أنَّ مقالة الدكتور، قد أثارت لديَّ الشجن، والعودة إلى رسالتي السابقة للماجستير التي قدمتها بعنوان: (الحكمة في شعر محمد بن عثيمين – دراسة نقدية)، أجليتُ فيها من خلال قراءتي لديوانه اندياح الشاعر لتوظيف الحكمة في خطابه الشعري بصورة لافتة تدعو إلى الوقوف عندها، والنظر في دلالالتها وسياقاتها المختلفة، وهو الأمر الذي ساقني إلى البحث والتنقيب عن شعر الحكمة لديه، والرسالة طُبعت قبل سنة، وأودعت في مكتبة الملك فهد الوطنية، وقد آثرتُ الكتابة عن الشاعر تأييداً لما تفضّل به أخي الدكتور حمد من الاهتمام بهؤلاء الشعراء الذين يعتبرون إرثاً أدبياً في هذا الوقت. ولعلي في الختام أوردُ بيتين من أبيات الحكمة لديه: إنَّ الحياة وإن طال السُّرور بها لا بدَّ يلقى من مسها ألما والعمر والعيش في الدنيا له مثل كالظل أو مَن يرى في نومه حُلماً