منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تشهد مدينة قصفاً جوياً ومدفعياً واستهدافاً لسكانها وجلهم من المدنيين، مثلما شهدته وتشهده هذه الأيام مدينة حلب في سوريا. حملة دموية إجرامية تشنها قوات ثالوث الشر والإرهاب روسيا وإيران ونظام بشار الأسد على هذه المدينة، وبالذات المناطق الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة الوطنية السورية، ففي خلال يومين فقط تعرضت المدينة إلى غارات الطيران الحربي الروسي ومروحيات نظام بشار الأسد التي تخصصت في رمي القنابل التدميرية من البراميل المتفجرة لتشكل مع القنابل الفسفورية التي تخصصت الطائرات الحربية الروسية إضافة للقصف المدفعي لمليشيات المرتزقة الطائفيين القادمين من لبنان والعراق وأفغانستان، ليشكل كل ذلك إنتاجاً تدميرياً إجرامياً يستهدف عقاب مدينة بإبادة أهلها وحرق منازلها وتدمير كل مقومات العيش فيها. فهذا الثالوث الإجرامي يعتبر حلب عاصمة الثورة السورية التي انطلقت منها لمواجهة نظام بشار الإجرامي، ولهذا فإن النية مبيتة لدى أركان هذا الثالوث إلى حرق المدينة وإبادة سكانها، وجعلها حسب تعبيراتهم المستفزة «عبرة» للمدن السورية الثائرة. ولم تؤثر الصور المباشرة التي بثتها محطات التلفاز والفضائيات العالمية من مدينة حلب والتي أظهرت مشاهد مروعة تظهر بركاً من الدماء وجثثاً مشوهة ومحروقة وأخرى تستخرج من تحت أنقاض المنازل المدمرة، ومستشفيات تغص بالجرحى الذين بقي الكثير منهم ملقى في الشوارع في جميع أحياء المدينة، وبالذات الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة الوطنية السورية بعد أن أمطرتها الطائرات الروسية وأخرى تابعة لنظام بشار الأسد بوابل من القنابل الفسفورية والصواريخ والبراميل المتفجرة. مشاهد توقظ حتى أصحاب الضمائر التي استكانت للغياب والتجاهل، وتؤكد أن هناك تواطؤاً دولياً لإبادة أهل سوريا وإجبارهم على الرضوخ للاستكبار وإرادة الشر، وإن تكفلت روسيا وإيران بالقيام بهذه المهمة القذرة، هذا مع ادعاء القوى الدولية بعدم القدرة على مواجهة هذه الأعمال الإجرامية في حلب وغيرها من المدن السورية، وفشل مجلس الأمن الدولي حتى في إصدار بيان يدين هذه الأعمال المجرمة بحجة اعتراض روسيا والتهديد باستعمال الفيتو. فشل مجلس الأمن الدولي وقبله عدم تحرك القوى الدولية وخاصة أمريكا وفرنسا وبريطانيا التي اكتفى وزراء خارجيتها بإصدار بيانات شاجبة لن ينقذ سوريا مما يبيت لها ثالوث الشر والإجرام «الروسي الإيراني الأسدي» والذين يعلنون بلا خوف بأنهم يسعون إلى تهجير جميع أهل حلب بعد أن يتم إحراقها، ولا يهمهم أقوال وزراء خارجية أمريكا وفرنسا وبريطانيا، إذ هم متأكدون أن تلك الأقوال مهما كانت غاضبة لن يتبعها فعل يوقف إجرامهم.