كثر الجدل واللغط والغلط والأخذ والرد في الفترة الماضية، حول موضوع توثيق البطولات سواء في تعدادها ومعاييرها أو حتى في اللجنة المشكّلة لهذا الغرض ، شخصياً لم أكتب ولم يكن لي رأي عن هذه القضية الشائكة لسبب بسيط، وهو أن الكثيرين في وسطنا الرياضي لديهم قناعة مسبقة وموقف ثابت في أي شأن يتعلق بأنديتهم، ينغلقون على أنفسهم ويتعصبون لآرائهم، مهما قدمت لهم من حقائق ومعلومات موثقة ومعروفة، ما يجعل التحاور معهم فارغاً بلا فائدة ومضيعة للجهد والوقت ، ما يهمني ويقلقني في هذا الجانب ما طرأ واستجد على موعد إعلان نتائج لجنة التوثيق والمقرر في وقت سابق ليكون في تاريخ محدد واضح ومعروف من الجميع، نعم انزعجت من إلغائه وتأجيله حتى إشعار آخر، لأنني أيقنت وقتها أن مثل هذه القرارات لم يعد لها أية قيمة أو أهمية أو التزام في تطبيقها من قبل الهيئة، وبالتالي تهميشها وعدم احترامها والتقليل من شأنها من المعنيين بها أندية وجماهير وإعلاماً .. قلتها وكررتها كثيراً لهيئة الرياضة واتحاد الكرة: إذا أنتم لم تلتزموا بتطبيق قراراتكم فلا تطالبوا الآخرين بتقبلها واحترامها، الأسوأ من هذا أن تتأثر خططكم وقراراتكم وأفكاركم بآراء الغوغائيين وردود أفعال المستفيدين المتنفذين، وحينها سيكون موقفكم هشاً ضعيفاً من السهل تطنيش قراراتكم والتلاعب بلوائحكم وتعليماتكم، وهذا بالضبط ما رأيناه قبل وبعد تأجيل موعد مؤتمر لجنة توثيق البطولات، وهو في تقديري لا علاقة له أي التأجيل بمباراة المنتخب أمام العراق لأنها انتهت بفوز الأخضر، وهنالك وقت طويل قبل المباراة القادمة أمام أستراليا ومازال التأجيل قائماً، إلى جانب أن سمو رئيس الهيئة الأمير عبد الله بن مساعد سبق أن صرح قبل لقاء العراق أن المؤتمر لن يؤثر على أجواء المباراة المقامة في ماليزيا .. إذا أي جهة رياضية أو غيرها ستنسف قراراتها وتبني مواقفها بحسب مزاج ورغبة وتدخل وضغوط وقناعات طرف أو أطراف على حساب أخرى، فمن المؤكد أنها ستبقى مجرد حبر على ورق وستؤثر على قوة ومكانة وهيبة الجهة صاحبة القرار، وستكون مبرراً لانتشار الفوضى وتغليب المصالح الخاصة على العامة، إضافة إلى أنها ستسمح لكل من هب ودب بالتطاول عليها وشتمها والتشكيك بها وتوجيه الاتهامات إليها لتشويه صورتها، بل وصل الأمر إلى المطالبة بسحب الثقة منها، وهذا ما قرأناه وسمعناه في موضوع توثيق البطولات وفي قضايا أخرى بما فيها التي لا تندرج ضمن مسؤوليات الهيئة.. الهلال ضحية النرجسية! تمر عادة الأندية والمنتخبات الكروية على مستوى العالم بأزمات فنية تؤدي إلى غيابها عن البطولات لفترات مختلفة، قد تمتد لعقود رغم توفر الإمكانات المادية والبشرية والفنية، ويزداد غموض الغياب عند الفرق الشهيرة والمرموقة ذائعة الصيت والمجد والبطولات، الهلال لم يغب عن بطولات الكؤوس لكنه ليس كذلك بالنسبة للدوري الذي فشل في تحقيقه طيلة المواسم الخمسة الماضية، حيث تناوب على إحرازه في هذه الحقبة كلٌّ من الشباب فالفتح ثم النصر موسمين متتاليين وأخيراً الأهلي الذي لم يحرز بطولة الدوري لأكثر من 33 عاماً، قبل الدوري وأكثر منه غرابة وغموضاً إخفاق الهلال في تحقيق بطولة آسيا لما يقارب ال 14 عاماً، السؤال : لماذا يجري كل هذا لفريق بحجم الهلال ؟! باعتقادي أن هلال اليوم والمواسم الماضية كان أسيراً لنفخه والقفز على واقعه الحقيقي بالتغني بماضيه، نعم هو زعيم البطولات بكل أنواعها ومسمياتها، لكن هذا لا يكفي لمنحه البطولات الصعبة كالدوري وأبطال آسيا، وأمام فرق محلية وآسيوية باتت اليوم أقوى وأجدر وأكثر جهداً وتخطيطاً وتحركاً وحماساً منه، ومسألة أنه المنافس الدائم على هذه البطولات وتحديداً الدوري السعودي، فهذه تكشف معاناته وسوء تهيئته إدارياً في المواجهات التي تحتاج إلى المزيد من التركيز والاهتمام، كما تجسّد حقيقة أنه ضحية تهويله من البعض الذين يلجأون لهذا الأسلوب في حروبهم وملاسناتهم لمجاراة خصومهم من الإعلاميين المتعصبين المتهورين، ما أنعكس هذا على لاعبيه وحتى مسيريه وشعورهم بالفوقية والنرجسية، المضحك أن هنالك من جعل الهلال الفريق الذي لا يقهر وأن نجومه هم الأفضل والأميز وبمجرد إخفاقه في مباراة أو بطولة ما نجده يسارع إلى وصف اللاعبين بالمتعالين والمغرورين، متناسياً أن تطبيله هو من أوصلهم لهذه المرحلة..! ومثلما ذكرت فإن تأثير المبالغة في فهم وتقييم الهلال لا يتوقف فقط على اللاعبين، وإنما أثر كذلك على الإدارة لدرجة اقتناعها أن الهلال القوي سيحقق البطولات بقليل من الاهتمام الإداري وبكثير من المجاملة للاعبين الكبار سناً، وبالتعاقد مع مدربين مغمورين متواضعين، ومع أنصاف اللاعبين السعوديين وغير السعوديين، لذلك لن يعود الهلال لسابق زعامته وسطوته محلياً وآسيوياً، إلا إذا استوعب مسيروه ضرورة ترتيب أوراقه وأوضاعه الفنية والإدارية بما يتلاءم مع واقعه وبما يضمن احترام جدارة وطموح خصومه ومنافسيه وليس كما يصوره ويتخيله الكثير من أنصاره على طريقة ( ومن الحب ما قتل ) ..!