كان قرار إعفاء الأمير نواف بن محمد رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى صادمًا للوسط الرياضي بشكل عام وللمطلعين على عمله في اتحاد ألعاب القوى بشكل خاص، ولم يتوقع أحد بأن يصدر قرار بهذا الشكل لشخصية رياضية خدمت الوطن عقودًا طويلة في مجالات عدة مثل اتحاد القدم واتحاد السلة واتحاد ألعاب القوى ورئاسته للجنة المسابقات في اتحاد القدم فترة طويلة، كما لا يمكن لأحد أن ينكر ما قدمه لناديه الهلال من خلال عضويته الشرفية. «الجزيرة» حاولت رصد آراء المنتمين للوسط الرياضي لقراءة قرار إعفاء الأمير نواف، فاتجهت لرئيس نادي الأهلي السابق الخبير الرياضي عبدالعزيز عبدالعال، وعضو اتحاد ألعاب القوى سعد الدخيل، والزميل الإعلامي خلف ملفي. في البداية أكَّد الخبير الرياضي الاستاذ عبدالعزيز عبدالعال رئيس نادي الأهلي السابق بأنه لم يصدق بأنه تم إعفاء الأمير نواف بن محمد، وقال: «قرأت الخبر عن طريق النت لأنني خارج السعودية ولم أصدق، فاتصلت وأكَّدوا لي الخبر، ففوجئت وصُدمت بقرار إعفاء هامة وقامة وعلامة من علامات الرياضة في السعودية بل في الخليج والعالم العربي، الذي نجح في جميع المهام التي أوكلت له، حيث نجح في كرة السلة في الهلال، ونجح في كرة السلة في المملكة، ونجح في جميع اللجان التي أوكلت له، وذلك بمجهود فردي، وطور ألعاب القوى، وحرص على أن يكون للاعب الواحد ثلاثة مدربين، وبميزانيات كبيرة، واستثمر وجاهته الاجتماعية من أجل ألعاب القوى، وكان يزور الأندية، ويتابع اللاعبين في كل الأندية». وأضاف: «لو كل اتحاد لم يحقق منجز أُعفي لما بقي اتحاد رياضي، بل لما بقي موظف حكومي في الدولة، ولذلك صدمت بقرار إعفاء الأمير نواف بن محمد الذي يعد تاريخًا كبيرًا، ولا يمكن لأحد أن ينكر مجهوداته الكبيرة، بالرغم من أن الأندية لا تنتج لاعبين في ألعاب القوى، ولولا الله ثم مجهوداته الفردية لما وصلنا وحققنا منجزات كبيرة في ألعاب القوى». وعرج عبدالعال على إعفاء الأمير نواف وترك غيره من اتحادات لم تنجز، حيث قال: «الظنون كثيرة والشائعات أكثر، ولذلك أفضل الصمت، بالرغم من أنني تحدَّثت مع أكثر من شخص من الرياضيين المعاصرين أمثال الاستاذ الكبير عبدالرزاق معاذ الذي شاركني الألم والحسرة على رحيل الأمير نواف بن محمد، وللأمانة أنا حتى هذه اللحظة متفاجئ بسبب قرار الإعفاء الذي لا أعلم على ماذا بني، هل هو صاحب الفشل..!؟ لا يمكن أن يكون هو، فالأندية السعودية لدينا ليست مهيأة، ولا توجد ألعاب جماعية في السعودية، ويكفي أن أقول عليكم بمشاهدة ناد في المملكة وناد في دبي، حتى تتعرفوا على الفروق الشاسعة بيننا وبينهم». وشدد عبدالعال على أن ابتعاد الأمير نواف بن محمد خسارة فادحة على الرياضة بشكل عام وغير قابلة للتعويض، وقال: «أتمنى أن يعود، فشخصية مثل الأمير نواف يصعب رحيله، فقد كنا نستنير برأيه في كرة القدم والسلة وألعاب القوى، وكان يأتي لي بأسماء لاعبين ومدربين مميزين، ولم تتحكم فيه ميوله لناديه، بل كان يعطي رأيًا صادقًا». من جانبه، أشار سعد الدخيل بطل المملكة للعشاري سابقًا وعضو اتحاد ألعاب القوى بأن الأمير نواف بن محمد رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى سابقًا غني عن العريف، وقال: «الأمير نواف بن محمد استلم اتحاد القوى عام 1992م بأمر من الأمير فيصل بن فهد وقاده لإنجازات كبيرة، ونقل ألعاب القوى نقلة نوعية، وطوره بشكل سريع، وحقق لاعبي الاتحاد في وقته إنجازات غير مسبوقة، حيث حقق سعد شداد ميدالية على المستوى العالمي، وحقق هادي صوعان عام 2002 ميدالية فضية أولمبية، كما أن اتحاد ألعاب القوى السعودي شبه مسيطر سيطرة تامة على دورات دول الخليج، والدورات الإسلامية، كما أنه في وقت الأمير نواف بن محمد تحققت أرقام آسيوية كبيرة وكثيرة على أيدي لاعبين كانوا من اكتشاف الاتحاد الذي قام بتدريبهم وتجهيزهم حتى وصلوا لمراحل متقدمة جدًا، ولم يكن هنالك مسابقة سواء أولمبية أو عالمية إلا وألعاب القوى لها النصيب الأكبر من التأهل من اللاعبين، وهذا خلاف الاتحادات الأخرى التي لا أحد يذكر بأنها تأهلت أو حققت شيئًا يذكر». وأضاف: «في أولمبياد ريو الأخير كان اتحاد القوى متأهلاً بسبعة لاعبين، وهؤلاء لم يصلوا من فراغ، بل كان مستوعبا لهم، وكنا نجهزهم لأولمبياد اليابان القادم وذلك لعدم امتلاكهم الخبرة الكافية، بينما من كنا نعمل عليه بدرجة كبيرة لتحقيق ميدالية هو يوسف مسرحي الذي تفاجأنا بإيقافه من قبل لجنة المنشطات». واستطرد الدخيل قائلاً: «مسرحي اتهم اللجنة الأولمبية بقصد إيقافه، ونحن لا نعرف الهدف من ذلك؟ هل هو لعدم استمرار الأمير نواف بن محمد؟ نحن لا نعلم، بينما اتهام مسرحي كان واضحًا للجنة الأولمبية، وقال بأنها أضرته، حيث حللته ثلاث مرات ولم يتم اكتشاف العينة الإيجابية إلا في المرة الثالثة، وهنا نشعر أنه يلمح بأن الخطة مرسومة على إسقاط الاتحاد واسم الأمير نواف بن محمد، كما لا ننسى بأن مواقع التواصل الاجتماعي تشعر من خلالها بأن هنالك توصيات على الأمير نواف واستهدافه». واستغرب الدخيل إعفاء الأمير نواف بن محمد وهو من للتو ترشح للاتحاد الدولي لألعاب القوى، وقال: هذا هو وقت عطائه، خاصة أنه قد وصل للاتحاد الدولي، وفجأة يعفى! وهذا ما استغربه رئيس الاتحاد العالمي لألعاب القوى». وتابع: «كان بالإمكان تقدير الأمير نواف بن محمد وعدم إنهاء مشواره الناجح بهذه الطريقة، أما أن يعفى بهذه الطريقة فهذا ظلم وإجحاف لمسيرة شخص ناجح يحاولون مسح تاريخه، ولكن تاريخه لن يمحى». وختم الدخيل حديثه قائلاً: «إنجازات الأمير نواف بن محمد لمن لا يعرفها هي تحقيق اتحاد ألعاب القوى في وقته أكثر من 1600 ميدالية، وهذا رقم كبير خاصة أننا قبل أن يستلم الأمير نواف رئاسة الاتحاد كانت عدد ميدالياتنا لا تتجاوز 200 ميدالية». من جهته، أكَّد الزميل الكاتب الرياضي خلف ملفي بأن إعفاء الأمير نواف بن محمد غريب ووراءه أشياء غير واضحة، وقال: «إعفاء الأمير نواف بن محمد كقرار أعتقد بأن قاسٍ بحق شخصية خدمت اللعبة والرياضة بشكل عام سواء من خلال اتحاد القدم في بعض اللجان أو عن طريق ناديه الهلال كعضو شرف، وفي نفس الوقت كمسؤول عن ألعاب القوى التي حضرت في وقته في مختلف البطولات الإقليمية والعربية والخليجية والآسيوية والدولية أيضًا، حيث لا يمكن لأحد أن ينسى فضية هادي صوعان في سيدني، وكنا نراهن على بعض اللاعبين الذين لم ينجحوا وآخرهم يوسف مسرحي الذي لم يشارك بسبب المنشطات، وهذه قضية أخرى مختلفة، ولكن قرار إعفاء الأمير نواف كان قاسيًا، وكنت أتمنى شخصيًا أن يستقيل أو يطلب منه الاستقالة، أو يترك لحين تعيين مجلس جديد في الانتخابات وينتهي الأمر، وخصوصًا أن الانتخابات لم يفصلها على قرار الإعفاء سواء أيام قليلة جدًا». وتابع: «نعم نحن سبق وأن طالبنا بالتغيير من باب التجديد، ولكن الأمير نواف كان يراهن على أن يسير باللعبة للأفضل، ولكن النتائج الأخيرة كانت مخيبة للجميع ليس على مستوى ألعاب القوى بل على مستوى جميع الألعاب التي شاركت، حتى أن هنالك ألعابًا لم تشارك مثل الفروسية التي كنا نؤمل أن تكون موجودًا، ولكن هذا ليس مبررًا لإصدار قرار إعفاء شخصية خدمت الرياضة عقود من الزمن». وأضاف: «الإخفاق الأولمبي بشكل عام متوقع، حتى إن اللجنة الأولمبية كانت تقول هذه الدورة بالنسبة لنا استعداد لما هو قادم، وكانوا يراهنون على الأولمبياد الآسيوي والدولي القادم». وشدد ملفي بأن الغالبية العظمى تحكمهم الميول والعاطفة، وقال: «أنا مع من ينتقد ويطالب بالتغيير، وكلنا قلنا هذا الشيء، وأنا شخصيًا قلتها في أكثر من برنامج رياضي، أما الانتقادات التجريحية الترصدية والاتهامات المبنية على الميول لا نرضاها على أي شخص كان، فما بالك ونحن نتحدث عن الأمير نواف بن محمد الذي خدم الرياضة السعودية سنوات طويلة، وله إيجابيات كبيرة، وله تضحيات، وله مواقف كبيرة».