لم أكتفِ من دروس الحياة التي تعلمتها منك علمتني كيف أحب! علمتني أن الحب هو العطاء الحب هو ما كبرت وأنا أراه هو ما كننته لأمي طوال 46 عاماً. الحب هو عدد فناجين الشاي التي حضرتها لأمي بيديك لمجرد عودتها من مناسبة وهي «متعبة بعض الشيء». الحب هو اعتناؤك بها وأنت في الثمانين من عمرك. ومادام الحب في عالمك هو العطاء، فكم أحببتني أنا وأختي؟ أعطيتنا ما لا يسعني ذكره. أعطيتنا ما يجعلني أخاف أني أجهل ما الحياة بدون عطائك! (رب ارحم أبي بقدر ما أعطى) لم أكتفِ بعد منك يا أبي!! لم أكتفِ من قصصك ورواياتك حكاياتك عن طفولتك في القصيم أتذكر يا أبي حين ذهبت للدكان وأنت في العاشرة من عمرك لتعطي البائع (ربع ريال) حتى يملأ جيب ثوبك بحبات الفستق، وفاجأك في ذلك اليوم أنه قام بملئ جيوبك كلها ولم يأخذ منك مصروفك، فسألته (ليش ياعم) ليجيب: خلصت الحرب! لتعرف لاحقاً أنه كان يقصد بذلك الحرب العالمية الثانية! كنت محباً لقول القصص وكنت أنا عاشقة للاستماع إليك (ربي ارحم أبي بقدر ما أسعدني) لم أكتفِ بعد منك يا أبي.. لم أكتفِ من اهتمامك بي لم أكتفِ من حرصك على تفاصيل أكاد أن أجزم أن الكثير من الآباء لا يلقون لها بالاً.. أتذكر عندما طلبت مني الحضور لمكتبك لتتحدث معي؟ ظننت أن أمراً مهماً قد حدث! لأجد أنك تسألني عن صديقتي «العنود» ولماذا لم ترها في منزلنا ولم تسمعني أتحدث عنها (من كم يوم)! فأقلقك أن يكون قد حدث اختلاف بيننا! أو عندما تحدثت يوماً ما مع صديقة «مشاعر» أختي لتصلح خلافاً حدث بينهما! كيف لك أن تعبأ بهذه الأمور والحياة تملؤك بمشاغلها؟ كم هو كبير قلبك يا أبي (رب ارحم أبي رحمة واسعة كسعة قلبه) لم اكتفِ بعد منك يا أبي.. لم اكتفِ من كونك أبي ولم تكتفِ أختي منك ولن تكتفي أختي التي لم أرها يوماً ترجي من الدنيا شيئاً سوى رضاك أختي التي لم تكن لأبنائها «جد» وحسب بل كنت ل»راكان» الصديق وكنت ل»الجازي» الحبيب المحب وكنت ل»محمد» (سميّك) الأب (حفظ الله لهم والدهم) وكنت ل»سيف» جداً بقلب أم (ربي ارحمه بقدر ما أحب أحفاده) لم اكتفِ بعد منك يا أبي أقولها دون اعتراض على قضاء الله وقدره لكن أقولها من أنانية بداخلي تريد وجودك معي ما حييت. شكراً يا أبي بأنني رغم ألم الفراق، ابتسم وأحمد الله بأنك والدي ورغم خوفي من شوقي إليك، أعلم أنك ملأت حياتي بما يهوِّن الفراغ الذي ستخلفه سأشتاق إليك،، وأتذكر قصصك سأشتاق إليك،، وأتذكر حبك لنا سأشتاق إليك،، وأتذكر روحك الطيبة شكراً يا أبي شكراً لأنك وحتى بعد رحيلك، ما زلت تسعدنا لأننا برغم الحزن والدموع خلال العزاء أرى أمي تبتسم وأرى أختي تبتسم وأحس بقلبي يبتسم لطيب ذكرك الذي نسمعه لحديث الجميع عن حسن خلقك عن طيب معشرك عن جمال روحك وخفة ظلك شكراً يا أبي.. - ابنتك/ لمياء محمد القدهي