سيذكر التاريخ الأمير الشاب محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي، القائد الذي سار واثقاً لإبقاء اليمن مستقلة، وضمن لها هويتها العربية وأوقف الزحف الفارسي على جنوب الجزيرة العربية باتجاه السيطرة على باب المندب وإلغاء السيادة العربية عليه، وهو الذي من خلاله تعبر 60% من التجارة العالمية. لكن عاصفة الحزم التي هبت بقيادة السعودية وبمشاركة تسع دول أخرى أعادت الشرعية لليمن، وخلصته من الحرب بالوكالة التي تقوم بها إيران خلف الحوثي وصالح ! أبقت لليمن هويته وشرعيته وأمنت لدول الخليج استقرارها. ستظل الجزيرة العربية تذكر تلك الليلة المباركة التي أعلن فيها ملك البلاد سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله بدء عاصفة الحزم. تلك الليلة التي شقت فيها الطائرات سكون الليل وتوغلت لتضرب مواقع الغدر والخيانة لتلك المليشيات التي باعت للفرس الهوية والتاريخ العربي نظير فوزها بالسلطة. كنت أنا قافلة لسكني في أمريكا بعد يوم دراسي، اختلطت دموعي بفخري وحبي وقلقي وتراءى لي وطني مرفوع الهامة يمشي، وفي يده أحلام العروبة والسلام، كان يوما عظيما مهيبا لن أنساه ما حييت!. تحالفت دول عربية ومعهم باكستان لإعادة اليمن لاستقراره وسلمه، ودكت مخازن الأسلحة والجسور التي تستخدم لإيصال الأسلحة من إيران للحوثيين. ظلت السعودية طوال مرحلة عاصفة الحزم تعتبر التدخل العسكري وسيلة سياسية وليست عملية عسكرية مجردة، وكانت تسعى طوال مراحل الحرب لاتخاذ مسار سياسي مواز يؤدي إلى التوصل لحلول عادلة للأزمة اليمنية تضمن عدم تهميش أو إقصاء أي مكون من مكونات الشعب اليمني بمن فيهم الحوثيون. وكانت السعودية قد نجحت في استصدار قرار دولي يدعم تدخلها لإعادة الشرعية لليمن، كما نجحت في تحييد روسيا وإسقاط مشروعها، الذي كانت تسعى فيه إلى المساواة بين طرفي القتال (الدولة والمليشيات) ومنع تسليح كليهما. كما نجحت السعودية ودول التحالف بإبعاد مبعوث الأممالمتحدة جمال بن عمر البريطاني الذي وضح أنه موال لجنسيته البريطانية، ويتم تعيين الموريتاني إسماعيل ولد شيخ. ولأن الملف برمته يتعلق بأمن الخليج الذي يهدد أمنه التمدد الإيراني فإن دول العالم قبلت بأن تتولى دول الخليج الملف اليمني. نجحت السعودية دبلوماسياً وأقنعت العالم بموقفها وتلقت دعماً سياسياً واسعاً، فساهمت بارجة حربية أمريكية في إيقاف حمولة أسلحة كانت في طريقها للحوثيين على متن سفينة إيرانية. كانت روسيا تعارض الضربات السعودية، ثم كفت عن ذلك بتأثير من الرأي العام الدولي. فقد أقر العالم بحق الدول العربية وخاصة السعودية بتأمين اليمن باعتبارها مساحة نفوذ عربية لا يحق لإيران التلاعب بها، بدعمها لمليشيات متمردة على السلطة الشرعية، كما أن المبادرة الإيرانية لإنهاء الحرب كانت هزيلة، ولم تحظ باهتمام عالمي بمجرد رفض السعودية لها. وفي 21/ أبريل /2015 قررت السعودية أن تعطي مساحة أوسع للعمل السياسي، خاصة أن ورقة الوقت لصالحها بعد أن قطعت الإمدادات عن الحوثي وصالح، وتركتهما ينهيان أنفسهما بأنفسهما، فالمخازن تنفذ والمسافة تتسع بينهما وبين مناطق نفوذهما الواقعة في شمال صنعاء! أعلنت السعودية المرحلة الثانية من حربها على اليمن وأسمتها (إعادة الأمل) وعمدت إلى استكمال المحادثات الأممية للحل السياسي، والتي انطلقت في جنيف 16/ يونيو 2015 والكويت 21/ أبريل 2016، مع ضربات عسكرية أقل حدة كلما تطلب الأمر. نجحت السعودية في حرق أوراق إيران في اليمن ولبنان، حيث كانت تقوم بإثارة القلاقل من خلف الحوثي جنوباً وحزب الله شمالاً، ووقعت إيران بين كماشتين سنيتين بين العراق وسوريا، بين داعش والنصرة، نظير تدخلها السافر في البلاد العربية. ليس أمام فصائل اليمن اليوم إلا طاولة التفاوض والحوار بمن فيهم الحوثيون، فالأوطان ليست ملكاً لطائفة واحدة، كما أنها أيضا ليست ملكا للطائفة التي تتمرد وتتلقى المعونات من الخارج، الأوطان تعمر بالمواطنة وجعل العدالة هي النافذة على الجميع، الأوطان تعمر بالسلام وجعله الأولوية الدائمة، الأوطان تبقى إذا لم تتنازل عن الهوية والشرعية والسيادة، وهي في اليمن خط أحمر لا يمس. مستقبل اليمن هو مستقبل السعودية، وإعمار اليمن وتحسين أوضاعه الاقتصادية مرهون بنجاح الفصائل اليمنية بالاتفاق وإيقاف مشروع التسلّح والاعتراف بشرعية الدولة. الدول العربية لن تترك اليمن تحت وصاية إيران، ولن تسمح السعودية بإزعاج حراساتها على الحدود بهجمات مباغتة من الحوثيين بتحريض من إيران. تطهير اليمن من الولاءات للفرس هو أول نوافذ المستقبل الذي سيعيد اليمن السعيد إلى سابق عهده. إعادة الأمل هو وعد قطعته السعودية على نفسها، بل إنها شرعت فيه فعلياً عبر منظماتها الإنسانية والتنموية والتعليمية، والسعودية لم تتخل يوماً عن دعمها لمنظمات الأممالمتحدة (اليونسيف والإغاثة) والتي تنشط جهودها في اليمن. السعودية واليمن تاريخ أصيل ومستقبل مضيء، هما متلازمتان لا تنفكان. تماماً مثلما عينان في رأس، أو ماستان في عقد!.