يقول الله سبحانه في محكم كتابه {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (4) سورة التين. فلمَ لا نبقى على فطرتنا، عفويتنا، صدقنا، وضوحنا، طبيعتنا، لم يميل بَعضُنَا إلى التصنع والتلون والالتواء والغدر والطعن في الظهر، لمَ يستيقظ أحدهم صباحاً ويبدل ملابسه ويسرح شعره ويركب السيارة و في نيته أن يلعب دوراً في مسرحية هزلية أمام إنسان كل مشكلته إنه صادق مع نفسه ومع غيره. يقول الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: «وما أنا من المتكلفين». والتكلف صفة مذمومة يتداولها الناس اليوم بمسميات مختلفة منها «الهياط» ومنها التصنع ومنها الادعاء ومنها الكذب والتزييف على الناس بتقمص دور ومكانة ليست لصاحبها وهي *ملتزمان* في باب التطاول: (أنا وأتقياء أمتي براء من التكلف) قال ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن معاني التكلف أن يتحمل الإنسان مشقة في تعامله مع الآخرين دونما داع ومبرر،. إذ ينبغي أن يتسم تعامل الإنسان مع الآخرين من حيث الأصل بالبساطة والعفوية والصدق والبعد عن التكلف وتكبد المشقة». كما أنه من المنهي عنه أن يزيف الناس في تعاملهم مع أحد مهما كانت الأسباب والغايات والمصالح، ومن الكراهة أن يخدع الإنسان إنساناً آخر حتى لو كان هدفه نبيلاً أو من أجل مصلحة، لأن الأصل هو أن يكون الصدق هو أساس التعامل بين الناس. لذا فإن النفس الأبية المفطورة على الصدق لتأنف من أن تبقى في أوساط تتعامل بالكذب والتزييف حتى لتفقد مقدرتك وفراستك الأصيلة في معرفة صادقهم من كاذبهم بل حتى المرض يدّعونه ووفاة الأقارب وتجد نفسك تتألم وتفاجأ بأنك موضع تندر, فهل تطلب شهادة وفاة من سيدة تقول أن والدها متوفٍ قبل أن تواسيها وتتألم من أجلها، أو هل تطلب تقرير عن الوضع المرضي لابن زميل يقال أنه يرافقه خارج المملكة قبل أن تدعو له بالشفاء، هذا أبسط ما يقترفه بعضهم من تزييف، عدا التكلف واقتحام حياة الآخرين لمعرفة ما يفكرون فيه وما ينوون فعله وليس حباً لهم!. إن التكلف والزيف هما خروج واضح عن الفطرة السوية، ومن العقل وحسن التدبير الابتعاد عن أي وسط اجتماعي يظهران فيه. اللهم أدم عفويتنا وبساطتنا وأبقنا على طبيعتنا وفطرتنا فقد خلقتنا وأحسنت خَلقنا وخُلقنا فتباركت يا أحسن الخالقين.