من يتعمق في الكلمات التي يقولها والدنا الملك عبدالله يحفظه الله في لقاءاته بالمسؤولين أو عموم المواطنين أو حتى على مستوى المؤتمرات والمحافل الدولية يجدها بليغة ومؤثرة على الرغم من بساطتها ومن يسبر غورها فإنه لن يجد بدًّا من القول بأن هذه الكلمات قد انداحت من شخصية ذات عقلية فذة وفراسة مفعمة بالإيمان، والفراسة تعني في اللغة المهارة في التعرف على بواطن الأمور من ظواهرها فيما تعني بحسب رأي علماء المسلمين النور الذي يقذفه الله في قلب عبده المؤمن فلا يقول إلا حقاً ولا يفعل إلا خيراً ولا يعمل إلا عملاً صالحاً وهذا ما نحسبه متجسداً في شخصية ملكنا عبدالله دونما مواربة فبالنظر إلى الكلمة التي قالها يحفظه الله مؤخراً في محافظة جدة أمام أبنائه من كافة الأطياف والشرائح التي ركز فيها على الصدق وكررها لثلاث مرات تجعلنا نؤكد هنا وبما لا يدع مجالا للشك بأن ملكنا عبدالله يحفظه الله مطلع على ما يحدث من قصور أو تهاون من قبل بعض أفراد المجتمع ولذلك لم يتوانَ أطال الله في عمره من أن يوصيهم وعبر هذا اللقاء بالصدق وذلك لما يدركه حفظه الله من دور فاعل ومهم لهذا الجانب السلوكي في تحقيق كل ما يتطلع إليه المواطن ويتمناه على ثرى هذا الوطن المبارك من تقدم وتطور في كافة مجالات الحياة على اعتبار الصدق يمثل سلوكاً ناجعاً لكل جوانب الخير والفضائل ولا سيما ما كان منه قائم على الاسلام والذي اعتبره من أجل الأخلاق وأعظمها والتي بتحققها ينال الفرد المسلم الجنة بإذن الله تعالى كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الصدق يهدي إلى البر وأن البر يهدي إلى الجنة. على صعيد آخر وهذا ما لفت نظرنا حقيقة لم يرد في معرض حديث الملك عبدالله في ذلكم اللقاء كلمة كذب أو خيانة على الرغم من صلة هاتين الكلمتين الوثيقتين بكلمة الصدق من حيث التضاد بينهما في المعنى العام وذلك لإدراكه التام يحفظه الله بعدم مناسبتها كما نستشف ذلك من المفارقة بين قولنا لشخص أنت كذاب فينفر منا وقولنا له أنت غير صادق أو لم تصدق فنجد منه القبول إلى الحد الذي ربما يدفعه هذا الأسلوب الرفيع إلى التخلي عن مثل هذا السلوك المشين مثله كمثل من يقول لمن أخطأ لقد جانبك الصواب بدلاً من أن يقول له لقد أخطأت وكأن بالملك عبدالله يقول في هذا المقام وهو يحتضن بأبوته الحانية وبمشاعره الطيبة والمخلصة عموم أفراد شعبه والذين وصفهم بالأوفيا.. (وقولوا للناس حسنا) وفي هذا الأسلوب الراقي والحضاري بعد فكري جميل لا يناله في الواقع إلا من أكرمه الله بقدر كبير من الحكمة ورجاحة العقل والفكر الناضج ولذلك لا نستغرب منه مثل هذه الأفعال الجميلة في الوقت الذي لا ننسى فيه على الاطلاق تلك المدرسة التي تعلم فيها يحفظه الله الكثير من العلوم الدينية والأخلاق الفاضلة وغيرها من فنون التعامل ومحاكاة الغير والبساطة وعدم التكلف فضلا عن الجوانب السياسية وعلوم الفروسية، إنها بحق مدرسة والدة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه القائل في إحدى المناسبات (ليس عندي من هندسة في الكلام.. فالذي يجول في قلبي هو الذي أتحدث به) حفظ الله ملكنا عبدالله الملك الذي وهب نفسه لخدمة هذا الوطن العزيز وأهله الكرام، الملك الذي دائما ما يحرص على أن يجعل من كل فرد من أفراد شعبه لبنة صالحة من لبنات العطاء والإنتاج، الملك الذي يتطلع دائما في أن يجعل من كل فرد منا أداة خير للإنسانية جمعاء لنكون بذلك خير أمة أخرجت للناس.. أعزه الله وأمده بعون منه، وللجميع خالص الدعاء والتوفيق وصالح الأعمال لخدمة ديننا ومجتمعنا ووطننا.