في عام 1974، بدأت شعبة من مكتب رئيس الوزراء في ماليزيا بإصدار رخص للّحم الحلال، لتحتلّ ماليزيا المركز الأول لتصدير الأغذية الحلال. وقد احتفظت ماليزيا بهذا الموقع على مدى العقود الأربعة الماضية، وبلغت قيمة صادراتها 17.10 مليار دولار للعام الماضي فقط. لكن في العام الماضي أيضاً، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة برنامجاً خاصاً لترخيص اللحم الحلال، جعلها منافساً أساسيا للدول الآسيوية. الإمارات لا تبحث عن المنافسة مع أحد، هذا ما أكّده عبد الله محمد العور، المدير التنفيذي للمركز الإسلامي للتطوير الاقتصادي مشيرا إلى أن الهدف هو وضع معايير موحّدة تؤمّن مصداقية واحدة للاقتصاد الإسلامي، الذي يتمتع بإمكانيات كبيرة للنموّ، وكذلك توفير نظام عادل للجميع، على أسس الأخلاقيات الإسلاميّة. أرقام متواضعة لا تزال حصة دول مجلس التعاون متواضعة إذا ما قارنّاها بحجم الاقتصاد المتعلق باللحم الحلال، وصناعة المأكولات والمشروبات، الذي من المتوقع أن تصل قيمته إلى 26.2 تريليون دولار بحلول 2018. أنفق المسلمون نحو 1.3 تريليون دولار على الطعام والمشروبات في عام 2013، وهو رقم من المتوقع أن يتضاعف إلى نحو 2.5 تريليون دولار بحلول عام 2019، علما بأن إنتاج ونقل هذه الكميات من الأطعمة تكلّف أموالا طائلة مع الأخذ في الاعتبار النمو المتوقع في كميات الطعام التي يتم شراؤها في الأعوام المقبلة، وذلك وفقاً لتقرير «وضع الاقتصاد الإسلامي العالمي لعامي 2014 - 2015» الذي أصدرته وكالة «تومسون رويترز». قال عبد الله محمد العور ان دبي استثمرت في صناعة الأطعمة الحلال بغية تحقيق الريادة في الأسواق العالمية، لكن الأهم من ذلك، أنّ دبي استثمرت بهذا النحو لكي تشرف بنفسها على المعايير المتحكمة في تصنيف هذه المنتجات. كانت الإمارات قد أعلنت في العام الماضي أن جميع المنتجات الحلال سوف تحمل علامة خاصة بالمنتج، كما خصّصت منطقتين تفوق مساحتهما 55.1 مليون متر مربع، بهدف تجهيز هذه اللحوم ومراقبتها. تحديات أكد خبراء في هذه الصناعة أن استحواذ الإمارات على سوق اللحوم الحلال ليس بالأمر السهل، وان هناك العديد من التحديات أشار إليها محمد حجار المسؤول الإقليمي لمكتب الاستشارات التجارية والزراعية لمنطقة الشرق الأوسط «فارلي أند ميتشيل»، مؤكِّداً أن الكلام شيء والنجاح في تنفيذه شيء آخر. وليس من المستغرب أن تكون البلدان الأكثر إنفاقاً على الطعام هي البلدان المسلمة باعتبارها الأكثر تعداداً للسكان، وتأتي إندونيسيا في الصدارة مع 190 مليار دولار تنفقهم سنوياً على الطعام، لكن يبقى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنطقة الأكثر إنفاقاً بواقع 412 مليار دولار سنوياً بحسب بيانات اقتصادية نشرت في عام 2013. مركز رئيسي يقول تقرير لشركة «ألبن كابيتال» ان الإمارات لا تشكل السوق الأكبر لصناعة الطعام، لكنها تبقى البلد الأكثر أهمّية، وأشار التقرير إلى أن الإمارات تقوم بترسيخ وضعها كمركز رئيسي للطعام الحلال، ويتمحور النشاط حول دبي حيث تطوّر السلطات خطط إنتاج الطعام الحلال وإعطاء البراءات وتعزيز المهارات الحالية لتصبح مركزا للتجارة والخدمات الحلال. وأقيمت مساحات حلال متخصّصة في مناطق الأعمال في دبي، بما فيها المنطقة الحرّة لجبل علي و»التكنوبارك» ومدينة دبي الصناعية، وذلك بحسب موقع سلام. ومن أهم منتجي الطعام الحلال في دبي «الإسلامي فودز» و»إيفكو» إلى جانب وجود شركات عالمية كبرى، وفي تمّوز / يوليو الماضي حصلت شركة «نستله» في «تكنوبارك»، التي تنتج الحلويات والألبان وغيرها، شهادة حلال من «هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس»، وتقول لين الخطيب الناطقة باسم شركة نستله الشرق الأوسط إنّ جميع منتجات نستله في الشرق الأوسط هي منتجات حلال. وتعتمد دول الخليج بنسبة كبيرة على استيراد معظم السلع، على سبيل المثال السكر والدواجن قد يكون مصدرهما البرازيل، والفواكه والخضار مصدرها نيجيريا، واللحوم والألبان من استراليا. ويقول غريغوري باجو المدير العام لشركة «Global Halal Logistics» وهي شركة فرنسية تقوم بنقل الطعام الحلال حول العالم، إنه باستثناء ماليزيا وإندونيسيا وتركيا فإنَّ البلدان المسلمة ليست منتجة كبيرة للطعام الحلال، وان اللاعبين الكبار هم البلدان غير المسلمة مثل دول أوروبا وأمريكا اللاتينية والصين والهند ونيوزيلندا. تحاول دبي عبر عدة أنشطة أن تعوض عدم كونها منتج للطعام الحلال بأن تصبح مركزا للتداول ويأتي ذلك ضمن المبادرة الأوسع لحكومة الإمارة بهدف تنمية دورها كعاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي وعندما يتعلق الأمر بالطعام الحلال، فإنَّ دبي قد أصبحت في موقع قويّ وان كانت ماليزيا لديها المناخ الأقوى للطعام الحلال، تحتل الإمارات المرتبة الثانية من بعدها. شركة عالمية تمتهن الحلال تعد شركة نستله أحد الشركات الرائد في مجال صناعة الطعام الحلال، حيث تسعى لتلبية حاجات المستهلكين المسلمين حول العالم. تشهد أعمال الطعام الحلال لنستله نموّاً مطّرداً في العالم، ويقع هذا الدور على مركز الحلال للجودة التابع للشركة ومقرّه ماليزيا. يقدّم المركز خدمات ومساعدات تقنيّة لمؤسّسات نستله حول العالم لتطبيق دورات الإنتاج الحلال إلى جانب إنتاج منتجات حائزة شهادة حلال في 9 مصانع ماليزية، وبالتالي الحصول على شهادات الحلال من الهيئات المختصّة. الاعتراف بنستله باعتبارها رائد في قطاع الطعام الحلال، مع مبيعات تقدَّر بستة مليارات دولار سنوياً من المنتجات الحلال حول العالم. حوالي 159 مصنعا من أصل ال 468 مصنع التابعة لنستله حول العالم حائزة شهادة الحلال، وتنتج نحو 300 صنف طعام ومشروبات حلال تصدّر لأكثر من 50 بلداً. المستهلكون غير المسلمين ما يثير الاهتمام، أنّ هناك اهتماماً متزايداً بين المستهلكين غير المسلمين الذين تستهويهم صفات الحلال، التي تتوافق بقوّة مع قيم الطعام العضوي. وبدأت نستله مبكرا في دخول سوق الطعام الحلال عبر فرعها في ماليزيا، كما بدأت في ثمانينيات القرن الماضي بتطوير قواعد وخطوط عامّة وتدريبات لتطبيق أفضل الممارسات في بيئة تدعم بقوة المنتجات الحلال. ويخضع الموظف لدورة تدريب فور انضمامه إلى الشركة، ويتواصل تدريبه بعد ذلك، عبر مجموعات مختلفة منخرطة في دورة الإنتاج والتسويق للمنتجات الحلال، بما فيها الفرق العاملة في المصنع وقسم الابتكار والتسويق. تُعدّ نستله في وضع جيّد لتنمية عائداتها من منتجات الطعام والمشروبات الحلال، وخصوصاً في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي وفي الدول غير الإسلامية. ألويس هوفباور المدير الإداري قال في مقابلة أجرتها معه «حلال فوكوس»، أن نستله ماليزيا هي في وضع جيّد للاستفادة من الآفاق القويّة لقطاع الطعام والمشروبات الحلال على مستويين إقليمي ودولي. وتواجه مؤسّسات الحلال، وخصوصاً تلك المنتشرة في الأسواق غير الإسلامية، دائماً خطر خسارة الزبائن غير المسلمين الذين لديهم نظرة سلبيّة للحلال. إضافة إلى ذلك فإنّه في الأسواق غير الإسلامية تحديدا، تبرز الحاجة لمجهودات إضافية للإشراف على دورة التوزيع لضمان نزاهة الحلال، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدّي إلى زيادة التكلفة. جدير بالذكر أن نستله في وضع ملائم للتجاوب مع هذين التحدّيين عبر حجم عمليّاتها، وعبر الشفافيّة التي تميّز وسائل تواصلها وممارساتها والدعم المتواصل والخبرات التي يؤمّنها مركز الجودة.