أكد مثقفون رقميون أن الثقافة العربية بحاجة إلى الأعمال الإبداعية الرقمية، تلافياً لما تواجهه الأعمال التقليدية من مشكلة في التنقل بين الأقطار والدول، منتقدين نظرة المجتمع لأعمالها، والتي تندرج تحت قائمة الترفيه فقط، دون النظر إلى جوانبها الدلالية ومعانيها وما توفره من قيمة. وقالوا في ندوة حول الفضاء الرقمي العربي، التي نُظمت أمس السبت ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب، وأدارها الدكتور سامي العجلان، إن الأعمال الأدبية العربية الرقمية تعد قليلة جداً مقارنة بالأدب الرقمي عالمياً. ورقة العمل الأولى قدمها مؤسس مدرسة الواقعية الرقمية في الأدب العربي محمد سناجلة من الأردن، وهو أول أديب عربي يكتب الرواية الرقمية والشعر الرقمي والقصة الرقمية، وأوضح أن «الواقعية الرقمية هي أدب جديد لعصر جديد، فعلى سبيل المثال تعتمد الرواية الرقمية على النص الفائق، والذي يدلف بالقارئ إلى عرض من الرسوم المتحركة، أو فيلم فيديو، أو صورة، أو نص، أو حتى صوت أو أغنية تتعلق بالرواية. وقال: إن الفرق بين الرواية التقليدية ومثيلتها الرقمية أن الأولى تُقرأ بشكل عمودي، والأخيرة تُقرأ بشكل أفقي متشعب، لوجود روابط النص الفائق التي تنقل القارئ ما بين نصوص ووسائط متعددة، مختتماً ورقته بتقديم نموذج لرواية رقمية. أما ورقة العمل الثانية، فقدمها أ.د. مصطفي الضبع، أستاذ الأدب العربي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ورئيس تحرير مجلة الرواية الإلكترونية، إِذْ قدّم رؤية نقدية للإبداع الرقمي العربي، منتقداً شح الأعمال الرقمية مقارنة بالأعمال الرقمية العالمية، في وقتٍ تعتبر الثقافة العربية في أمس الحاجة لها. وأضاف «إن حركة الكتاب العربي تعاني من مشكلات كثيرة جداً في التنقل بين الأقطار العربية، لذلك فإنَّ الإبداع الرقمي له دور مهم وحيوي»، منتقداً تعامل المجتمع العربي مع الإبداع الرقمي بوصفه ترفيهاً فقط، دون التوقف عنده دلالياً، والنظر إلى المعنى والقيمة التي توفرها. وقال الدكتور الضبع إن الأدب القديم مشابه إلى حد ما الأدب الرقمي؛ مدللاً على ذلك بأن التشبيه والصور الجمالية هي نص تشعبي، مع الفارق بأن الأول حركته ذهنية، أما النص التشعبي الفائق حركته مادية افتراضية. أما الدكتورة أمل بنت الخيّاط التميمي، الأستاذة المساعدة في قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود، فقدمت ورقة عمل حول «تجربة الإبداع الرقمي المرئي: بين خطوة إحياء الأدب القديم بشكل رقمي وتأجيج الطائفية»، حيث عرضت نماذج مرئية لقصائد من الأدب القديم تم إحياؤها بالأدب الرقمي، وانتشرت في مقاطع يوتيوب. وأكدت في ورقة العمل أن المبدع الرقمي سعى إلى تقديم التراث الأدبي المكتوب وفق استراتيجية رقمية، ودوره هو توظيف التصميم الجرافيكي الرقمي وكل المعالجات الحاسوبية في إحياء الأدب القديم، مبيّنة أن على المبدع أن يخضع لتدريب يمكن من خلاله أن يحدد البرامج المستخدمة في إعادة إنتاج الأدب القديم ليصبح رقمياً. وقسمت الدكتورة التميمي حركات تجديد الأدب التقليدي في الأدب الرقمي إلى ثلاث حركات: الأول ممن عنوا بنشر النماذج الأدبية القديمة بإنشاء أدبي جديد وتغيير قوالبه التقليدية تماماً، والثانية ممن لا يزالون يراوحون بين إحياء القديم والتجديد مع مراعاة الأصالة في الطرح، والثالثة هي حركة عنت بالترجمة إلى لغات أخرى، وضربت مثلاً على تلك الحركات بالمسلسلات الإذاعية، والكتب المسموعة، والقصائد التي وظفت درامياً في المسلسلات. وعن الفائدة من إحياء الأدب القديم بشكل ورقي، أجابت بأهمية ذلك في تعليم النشء، وإضافة ميزة المتعة للتاريخ عبر إحياء التراث بطرق فنية، وأضافت بأن هناك نوعاً من الأدب الرقمي يؤجج الطائفية، حينما يمس الرموز التاريخية والإسلامية، وضربت مثالاً بمسلسل عمر الفاروق الذي أثار جدلاً واسعاً قبل ثلاثة أعوام. وختمت الندوة الفنانة التشكيلية والمصممة الرقمية الدكتور هناء بنت راشد الشبلي، التي تحدثت عن تجربة الفن التشكيلي الرقمي، وقالت إن الفنان التقليدي أصبح الآن يستخدم الأدوات الرقمية بشكل أو بآخر.