مكاسب الذهب للأسبوع الثامن.. الأوقية عند 2,927 دولاراً    سلوت يعترف بصعوبة مهمة ليفربول أمام باريس سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز    جوارديولا يرفض المقارنة بين صلاح ومرموش    القبض على 3 أشخاص في جازان لترويجهم 56.6 كجم "حشيش"    المملكة تحتفل غداً بذكرى يوم التأسيس    هيئة الصحفيين السعوديين تحتفي بهويتها الجديدة في أمسية إعلامية مميزة    السعودية للكهرباء و"أكوا باور" توقعان اتفاقية شراء الطاقة لمشروع توسعة محطة القريّة للإنتاج المستقل ب13.4 مليار ريال    النصر يبحث عن نقاط الاتفاق    بدعم قوة الطلب.. النفط صوب 77 دولاراً    ضبط وافدَين من الجنسية اليمنية لمخالفتهما نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص بالرياض    بريطانيا: «التجزئة» لأعلى معدلاتها    وكيل إمارة الشرقية: يوم التأسيس مناسبة وطنية نستذكر فيها مراحل بناء وتطور وطننا الغالي    السويد تحقق في تخريب محتمل لكابل اتصالات في بحر البلطيق    الأمير فيصل بن سلطان: يوم التأسيس ذكرى وطنية راسخة تعزز مكانة المملكة ودورها الريادي في العمل الخيري والسلم العالمي    اليامي ل«عكاظ»: يوم التأسيس ذكرى لتلاحم شعب وتطلع للمستقبل    خطيب المسجد الحرام: العافية أجمل لباس، وهي لذة الحياة والناس وبغية الأحياء والأموات    خطيب المسجد النبوي: رمضان مدرسة الإرادة وساحة التهذيب وهذه الإرادة تمتد لتشمل الحياة كلها    الإمارات تطلب استضافة كأس آسيا    رئيس «القيادة اليمني» يُهنئ خادم الحرمين وولي العهد بذكرى يوم التأسيس    الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري SRC تعلن إتمام تسعير أول صكوك دولية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    حماس: أشلاء الأسيرة الإسرائيلية اختلطت بين الأنقاض    في محاضرة عن المبادئ الراسخة لتأسيس الدولة السعودية بأدبي جازان    الشؤون الإسلامية في جازان تنهي تجهيزات الجوامع والمساجد استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك    خادم الحرمين يتلقى تهنئة القيادة القطرية بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    وزير الدولة للشؤون الخارجية يشارك في حفل افتتاح مؤتمر رؤساء حكومات مجموعة الكاريبية (كاريكوم)    زيارة "فريق الوعي الصحي التطوعي" التابع لجمعية واعي جازان لمؤسسة دار رعاية الفتيات    رياح نشطة وأتربة على عدة مناطق وأمطار خفيفة شمال المملكة    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    «الغالي ثمنه فيه»    هل رجحت كفة «المُترجَم» بالعربي؟    "السهلي"تهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    مُرهق عاطفياً؟ هذه الطرق تساعدك على وقف استنزاف مشاعرك    5 عادات تبدو غير ضارة.. لكنها تدمر صحتك    وطن الأمجاد    ثلاثة قرون .. السعودية شامخة    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    علاقة وثيقة بين المواطنين والقادة    فريقا جامعتي الملك سعود والإمام عبدالرحمن يتأهلان لنهائي دوري الجامعات    شخصيات اجتماعية ل«الرياض»: يوم التأسيس ذكرى تجسد الوحدة وتُلهم الأجيال لصنع المستقبل    الديوان الملكي: وفاة الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود    القوات البرية والجيش الأميركي يختتمان مناورات «الصداقة 2025» بالمنطقة الشمالية    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق فيلم "ليلة الصفراء" احتفاءً بمناسبة يوم التأسيس    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    درس في العقلانية الواقعية    حضر بلا داعي وقعد بدون فراش    تعليم جازان يحتفي بيوم التأسيس تحت شعار يوم بدينا    أكثر من 4 آلاف مبادرة لكفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية    «حرس الحدود» بمنطقة جازان يحبط تهريب 197 كيلوجراماً من نبات القات المخدر    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعتمد 62 برنامجًا أكاديميًا    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بورتريه
نشر في الجزيرة يوم 05 - 03 - 2016

كان الطريق طويلًا وشاقًا لا يحتمله رجل تجاوز الثمانين من عمره. والطرقات التي تركض بأصحابها إلى الأعلى مزاجية.. سريعة المراوغة والانزلاق من تحت الأقدام.. لا تبالي بالأجساد المتعبة.
وعلى ما يبدو أنها فعلت ذلك مع الفيلسوف والروائي الإيطالي (أمبرتو ايكو) الذي ودع عالمنا بعد أن أضاء الكثير من الشموع ، وغرس «وردة» فوق جبينه.
الأجساد أحيانًا تخذل أصحابها.. تنهار في منتصف الطريق وكأنها تعلن احتجاجها الأخير.
أمبرتو الإيطالي الذي ولد في مدينة (ألساندريا) عاش حياته تحت مظلة الفاشية كأي شاب في عصره.. كان يعتقد أنها الأجمل دائما.. ولكنه اكتشف فيما بعد أنها سراب.
ولد إيكو لمحاسب ميسور الحال استدعته الحكومة للخدمة في ثلاثة حروب.. وهذا ما جعل الابن يكثر من طرح أسئلته عن جدوى الحرب والموت وغياب الآباء.
لقد كان رهانه على الخاسرين دائما. يكتب عنهم لأنه يعتقد أنهم الأصدق.. لا يحتاج لكثير من الجهد ليصل إلى أعماقهم.. فكل شيء ظاهر عليهم دون عناء ، لأنهم الأكثر سحرًا من وجهة نظره.. بينما يرى أن المنتصرين هم جماعة من الأغبياء جل انتصاراتهم جاءت مصادفة.
في بداية حياته حاول أن يخرج من لعبة الرهانات الخاسرة، فلجأ إلى قبو منزل جده عامل الطباعة، حيث الكتب التي تركها داخل صندوق خشبي كبير. الإرث الذي لم يسأل عنه أحد كان الوقود الذي دفع بإيكو أن يعبر الأفق وينظر من أعلى نقطة لهذا العالم الذي بدا له مختلفًا عن كل التصورات الضيقة التي نشأت معه.
يقول عن رحلته عن القراءة في القبو (بدأت أنزل إلى القبوكثيراً، لأطالع مجلات الرحلات والمغامرات المصورة، وانهمكت في قراءة قصص عجيبة، تحدث في بلاد غريبة، كانت هذي هي رحلتي الأولى إلى أرض القصص).
كان شغوفًا بالعلاقة بين الحقيقة والخيال وكأنه يطارد خيطًا رفيعًا بينهما لا أحد يشاهده سواه. الخيال الذي نهرب إليه كلما أعاقنا العجز عن مواصلة السير، والحقيقة ذلك الامتداد الذي نعيشه ونلمسه من فعل لآخر. لقد كان يؤكد على أنه إذا أردنا اكتشاف الحقيقة فإنه علينا أولًا أن نحذف الأشياء المزيفة والمخادعة لتظل الحقيقية.
عازف البوق الذي كان يعزف وحيدًا في «ميلانو» ليلة رأس السنة الأخيرة في حياته لم يكن يعلم أنها مقطوعة الوداع. وهو على ما يبدو حالة من ترابط الخيال بالواقع الذي طالما نقب عنه في صفحات كتبه التي كان يعيش معها.
نعم لقد كان طريقًا شاقًا أيها العجوز..!
لم يمنحك المرض فرصة أخرى لتنهض من فراشك لمشاهدة التلفاز ومتابعة مسلسلك المفضل. لقد كان كل شيء حقيقيا هذه المرة .. لم يكن قصة تحاول ترميم أحداثها.
إيكو .. هذا اللقب الذي حمله «جده» اللقيط، والذي يعني «هبة السماء» ارتبط بالحفيد، فهو لم يكن شخصًا معروفًا حتى سن الخمسين عندما قرر أن يصبح روائيًا ويكتب روايته الأولى «اسم الوردة» عام 1980. إنها الأقدار التي حركت حياته وجعلت منه اسمًا لامعًا في عالم الرواية.
وبين الرواية الأولى حتى «العدد صفر» آخر أعماله الروائية عام 2015 كانت حياة حافلة، وربما هنا مفارقة جديدة في حياة الفيلسوف الإيطالي.. وكأنه أراد أن يختار الصفر كنهاية تنازليه لمسيرته من حيث لا يقصد. ولكنه ترابط خفي بين الواقع وخيال العقل الباطن الذي كان يلح عليه.. وكأنه يسكب من الخيال في وعاء الحقيقة دون أن يبحث عن مبررات لنصوصه التي كان يرى على أنها سيرة بشكل أو بآخر لأنه يمنح كل شخصية جزءًا من ذاكرته الحقيقية.
يقول عن العمل الإبداعي ( أعتقد أنه ليس على القاص أو الشاعر مطلقًا أن يقدم أية تفسيرات لعمله، فالنص بمثابة آلة تخيلية لإثارة عمليات التفسير. وعندما يكون هناك تساؤل بخصوص نص ما، فمن غير المناسب التوجه به إلى المؤلف) .
وماذا بعد يا أمبرتو ؟
لا كتابة مجددًا في نهاية الأسبوع كما كنت تفعل.
كرسيك الخشبي الواسع سيظل فارغًا كقارب قديم مطمور بالرمل الأبيض.
وأوراقك الصغيرة المثقلة بالأفكار.. ستجد فرصة للتحرر من وعودها عندما تجد سبيلها للريح.
لقدكنت تقول دائمًا أنك ستتوقف عن الكتابة لو لم يكن هناك من يقرأ لك. والآن أنت توقفت مرغمًا بسبب الموت.. الحقيقة الأبدية.
لم يعد هناك ما يغريك بعد اليوم لتنهض باكرًا من أجل تدوين ملاحظاتك..
و من سيعزف للبوق كي يكف عن سؤاله عنك؟
ولكن لا تخف.. سيقرأ لك الكثير حتى وإن لم توقع لهم على الصفحة الأولى وتكتب لهم (مع حبي).
الذين كنت تعتني بهم وأنت تغوص في فصول أعمالك، والحزن الذي كان ينتابك بسبب أنك أوشكت على الانتهاء من رواية كنت تكتبها، وتحاملك على متاعب العمر هذه أسباب كافية لجعل عشرة قراء على الأقل يظلون أوفياء لك.. ولذاكرتك .. ومذكراتك.. وأقلامك.. للبوق الذي كنت تنفخ فيه الكثير من الأسرار والحكايات.. ولسنواتك (84) ا لتي انتهت في وقت متأخر من مساء الجمعة 19 فبراير.
- محمد أحمد عسيري
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.