تأليف: فقيد الأمة العربية والإسلامية معالي الدكتور الأديب الوزير/ عبد العزيز بن عبد الله الخويطر - عليه من الله شآبيب الرحمة والغفران قراءة: حنان بنت عبد العزيز آل سيف - بنت الأعشى - جميل هو علم التراحم، فيه إيناس ومتعة وتزجية للوقت، وترويح عن النفس، والأجمل الحديث عن الذات لا سيما إذا اتفق القلم واتقن المترجم الأسلوب، وشاب كل ذلك الواقعية والصدق وجلاء الحقيقة، ولقد أصبحت التراجم الذاتية فن عصرنا هذا، وبرز فيه كثيرون، واختيار البعض الايجاز والاختصار، ووله الكثيرون بالاسهاب والاطناب، أقول هذا وبين يدي ثلاثة مجلدات من سيرة المرحوم - إن شاء الله - عبد العزيز بن عبد الله الخويطر - عليه من الله العفو والغفران - وأرقام هذه الأجزاء الثلاثة على التوالي هي التالية: (34) و (35) و(36). وهي سيرة ماتعة طويلة جداً يعرفها القراء الكرام وهي تسير على منوال واحد، وتتحدث بموال واحد، فارسها الخويطر رحمه الله، وأبطالها خاصة الناس من وزراء ورؤساء ومثقفين، وأرباب أدب، وعباد علم تأخذك الحيرة وأنت تقرأ، ويستهويك الاعجاب وأنت تتذوق فلا تدري أيهما أعجب الأدب أم الأديب، الكتاب أم الكاتب، وتذكرني كتب الخويطر حينما أخذت بتلابيبي ووجداني بسحر شعب بوّان وما ترغم به المتنبي بفرائد الشعر حباً وإعجاباً وانبهاراً وهو في طريقه إلى عضد الدولة البويهي. مغاني الشعب طيباً في المغاني بمنزلة الربيع من الزمان مغاني جنة لو سار فيها سليمان لسار بترجمان يقول بشعب بوان حصاني أعن هذا يسار إلى الطعان فهل تترك أدبيات الخويطر لشغل من أشغال الزمن وعلَّ من أخذه حب الأدب، والهيمان بالأثر تأتي اجابته وهي مستوعبة بالنفي، ولنترك للمرحوم - بإذن الله - عبد العزيز بن عبد الله الخويطر - ليحدثنا بماهية كتبه الثلاثة، يقول في مقدمة حبات العقد الرابع والثلاثين ما فحواه: (جاء هذا الجزء لينضم إلى ما سبقه من أجزاء ويكمل ما بدأته هذه الأجزاء، وجاء ليكون مثلها فيما جاءت عليه، وما رمت إليه، سار هذا الجزء على الطريق الذي اخترته له من تبيان لما مر بي في عام 1417ه - 1996 - 1997م في حياتي الخاصة وفي عملي الرسمي وفي صلتي بمجتمعي وأفراده وفئاته محاولاً - كما وعدت - في الأجزاء الأخرى أن أكون صادقاً فيما أقول، بعيداً عن تمجيد الذات وإعطائها أكثر من حقها، أو محاولاً أن أضيف على أديمها أو مُحها ما ليس طبعياً، وحاولت أن أكون واضحاً فيما أٌقول بأسلوب غير متكلف) ويسترسل الخويطر - رحمه الله - في مقدمة جميلة يعترف في آخرها بسمة الاستطراد التي يتميز به قلمه فيقول: (كنت أنوي ألا أطيل في هذه المقدمة، ولكن الأمر خرج عن يدي دون أن أدري، والذين يقرؤون هذه السلسلة من الذكريات يذكرون شكواي من قلمي المسيطر بحيث يستطرد رغماً عني ولعل خمسة الأصابع قد عقدت عهداً معه في أن يفعل هذا وهي تساعده والكثرة تغلب الشجاعة، فادعو الله معي أن يبقى القلم عاملاً والأصابع مساعدة حتى أتمكن بتوفيقه وبمنه بالصحة والعافية على إتمام ما بدأته).. هذه الكلمات النيرات هي آخر ما كتبه الخويطر في الجزء الرابع والثلاثين من ذكرياته غير أنه كما قال أبو ذؤويب الذهلي: وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع وعلَّ ظاهرة الاستطراد التي يشكوها إلى قراء ذكرياته هي من أجمل سمات أدب الخويطر، فقد جمعت هذه الذكريات منها إرثاً أدبياً ضخماً فيه أنس ولذة وطرفة وظرفة، وهي سمة هامة من أهم سمات موسوعي الثقافة والعلم حديثاً وقديماً، وعلَّ الجاحظ يأتي في مقدمة صفوفها المتقدمة، وقد أضفت على أسلوبه بهية، وهي سمة دارجة جاءت في كتبه المتطاولة (الحيوان) و(البيان والتبيين) فهو فيهما وفي غيرهما بين طرد واستطراد، كما فعلت الثقافة الأدبية الموسوعية بأديبنا المرحوم - إن شاء الله - عبد العزيز بن عبد الله الخويطر، ولو قدر لهذه الاستطرادات أن تجمع في بوتقة كتاب، فستأتي شذرة ذهبية من شذرات الخويطر الأدبية، وستكون سانحة ذهبية من سوانح الخويطر، الفكرية، وكم ترك الأول للآخر من معالم متطاولة، أفكار متناسبة، فما عليك إلا اعلان التحدي على الكسل وشحذ الهمة، وايقاد العزيمة. أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم والخويطر من ملة من يقال فيهم: إذا كان النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام وأما الجزء الخامس والثلاثون فمقدمته مختصرة جداً وهو يحفل بالحديث عن عام (1418ه - 1997 - 1998م) ولم يطل الخويطر في مقدمته ومما جاء فيها قوله: (ليس في المنهج تغيير، ولا في الخطة تعديل، ولا في السير تبديل، فقد أصبحت هذه كلها ثابتة ولم يتغير إلا الحوادث، وقتها وصورتها كما وقعت آملاً في أن يكون صاحبها أميناً على الحقائق، مصوراً لها بأصدق صورة وأدق تعبير). وكما اختصر رحمة الله عليه مقدمة الجزء (35) سار على نفس المنهاج في مقدمة الجزء (36) وهي تعنى وتخص سنة (1419ه) ويقول فيها: (أشعر في كل جزء أني كسبت تجارب أتت ببعض التحسين والتجارب كما تكلمت عنها هي أساس كل علم، وكلما زادت طفح اتقانه، وأثرى محتواه... انتهز فرصة هذه المقدمة وأشير إلى أن بعض الأحبة من القراء تمنى لو أني فصلت في بعض الحوادث المهمة، كأن أفصل هدف الرسالة التي حملتها إلى بعض الرؤساء تحريرية أو شفوية، وأتحدث بإسهاب عن مضمون اجتماعاتنا ونتائجها، وأن أصرح ببعض الأسماء التي تناديت ذكر أصحابها، وأقول لهم تركت شيئاً من هذا من أجل تفادي الإحراج، وأبعد عن حدود النميمة).. عزيزي القارىء أنا أقتفي أثر الخويطر ما قلته في السابق ينطبق برمته على اللاحق، ومن ألف فقد عاش والذكر للانسان عمر ثان أسكنه الله الفراديس. - عنوان التواصل ص.ب 54753 الرياض 11524