أرثي لحال عشرات الملايين من المسلمين الذين يعيشون خارج العالم الإسلامي هذه الأيام بعد أن أصبحوا هدفاً لوسائل الإعلام ولبعض الأحزاب والساسة والمفكرين وصُنَّاع القرار وبخاصة في أوروبا والولاياتالمتحدة. رعب يجتاح العالم وخوف وشكوك وسوء ظن وافتراض الأسوأ عن كل شيء يتعلق بالإسلام والمسلمين بعد تصاعد الأعمال الإرهابية وتفجيرات باريس وكاليفورنيا وتونس. هذه هي «الإسلاموفوبيا» التي تنتشر وتتزايد يوماً بعد يوم ليس في الغرب فقط بل حتى في آسيا وأفريقيا حيثما توجد الجاليات والأقليات الإسلامية! فَقَدَ المسلمون مصداقيتهم في المجتمعات التي يعيشون فيها وصار الناس يخشون مخالطتهم في أماكن العمل وفي الشارع ووسائل النقل وأماكن الترفيه ومجاورتهم في الأحياء السكنية. بعض المسلمين في أمريكا يضطرون أحياناً إلى إخفاء أسمائهم الإسلامية وانتحال أسماء أخرى كلما كان ذلك ممكناً مثلما فعل «مجدي علي» المتحدر من أصل مصري والذي يعمل في بيع العقار بإحدى الولاياتالأمريكية عندما وجد أن من الأسلم له أن ينتحل اسم «أليكس» بدلاً من اسمه الإسلامي كي لا يتعرض للأذى، بحسب تصريحه لإحدى وكالات الأنباء. كل مسلم يعيش في تلك البيئات أصبح في عيون الناس «إرهابياً محتملاً»، لأن بعض الذين قاموا بالتفجيرات، أمثال سيد رضوان فاروق وزوجته تاشفين مالك وآخرين، كانوا يبدون أشخاصاً عاديين ومسالمين ولا يثيرون أي شك في سلوكهم وتصرفاتهم، ثم فجأة يرتكبون مجزرة مثل تلك التي حدثت في سان بيرناردينو في ولاية كاليفورنيا بالولاياتالمتحدة والتي راح ضحيتها - حتى كتابة هذا المقال - أربعة عشر مواطناً أمريكياً. بالطبع هناك من الخصوم والأعداء من يصطاد في الماء العكر ويسعى إلى شيطنة الإسلام والمسلمين وتكريس سمعة سيئة لكل المسلمين في أمريكا وأوروبا رغم أن الإرهابيين الذين يقومون بالتفجيرات لا يمثلون سوى قيمة عددية متناهية الصغر بالمقارنة بملايين المسلمين الذين يعيشون هناك ويمارسون حياتهم بشكل عادي لا يختلف عن أي شخص آخر، ولكن هل نلوم بقية الناس في الغرب ممن يتابعون الأخبار ويخافون على حياتهم فيتحسسون من جيرانهم أو زملائهم في العمل عندما يحملون أسماء إسلامية أو تبدو ملامحهم شرق أوسطية أو يتحدثون اللغة العربية أو الأوردو!؟ لا يكفي أن نُحَدِّث الغربيين عما فعلته فرنسا في الجزائر أو أمريكا في فيتنام أو عن التاريخ الاستعماري المخزي للدول الأوروبية وممارساتها الوحشية في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، فهذا تاريخٌ لا يهم الإنسان العادي الذي يخشى على حياته حين يذهب إلى العمل أو التسوق. ما يهمه وما يريده من ساسة بلاده هو أن يوفروا له الحماية حتى لو اقتضى الأمر طرد كل المواطنين والمقيمين المتحدرين من أصول إسلامية. إنها محنة يعيشها المسلمون في الغرب، ونحن لا نملك سوى الدعاء لهم، فالإرهاب ضرب البلدان الإسلامية قبل غيرها ولم يوفر أرواح المسلمين وغير المسلمين. أما المحزن فهو أنه لا يبدو في الأفق ما يبشر بانفراج قريب، فلازال ثمة من يدافع عن داعش ويلتمس الأعذار لها حتى لو سمَّى الأشياء بغير اسمها، فوا أسفاه!