يتفق المؤرخون، بلا استثناء، على أن أفضل الرؤساء في التاريخ الأمريكي هم جورج واشنطن (1789- 1797)، وابراهام لينكولن (1860- 1865)، وفرانكلين روزفلت (1932- 1945)، وهم يتناوبون المراكز الثلاثة الأولى في قائمة أفضل الرؤساء، في رأي جميع المؤرخين، وإن كانت الكفة ترجح دوما لصالح واشنطن أو لينكولن، فواشنطن هو واحد من المؤسسيين للإمبراطورية الأمريكية، والذين يطلق عليهم الآباء المؤسسون، وهو أول رئيس لأمريكا، والذي وضع اللبنات الأولى لما ستصبح أقوى دولة في العالم، أو إن شئت الدقة، أقوى دولة في التاريخ الإنساني، ومع أنه كان بإمكانه أن يستمر في السلطة لمدة أطول، فقد كانت شعبيته جارفة لدى تلك الأمة الجديدة، إلا أنه اكتفى بالحكم لفترتين رئاستين، ثم أتاح المجال لرفاقه لمواصلة الطريق، أما لينكولن فقد ارتبط اسمه بتحرير السود، وإعادة توحيد أمريكا، بعد أن دمرتها الحرب الأهلية، بين الشمال والجنوب، لعدة سنوات. فرانكلين روزفلت كان ثالث الكبار، وهو من أسرة نيويوركية ارستقراطية عريقة، وقد ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، ودرس في أرقى المدارس والجامعات، وهو وحيد والديه، فقد تزوج والده بابنة صديقه، والتي كانت تصغره بسنوات كثيرة، إذ تزوجها بعدما تقدم به العمر وولدت له ابنه فرانكلين، وقد تزوج فرانكلين من قريبته، الينور روزفلت، ورزق منها بستة أطفال، وكانت علاقته بها متذبذبة، حتى يقال إنهما كانا يعيشان منفصلين، خلال السنوات الأخيرة، وهذا وضع مشابه لعلاقة الرئيس بيل كلينتون بزوجته هيلاري، إذ المرجح أن آل كلينتون يعيش كل منهما حياته الخاصة، وما بقائهما متزوجين، رسميا، إلا لمصالح سياسية بحتة، والجدير بالذكر هو أن الينور روزفلت وهيلاري كلينتون يتشابهان من حيث الثقافة العالية، وقوة الشخصية، والطموح الكبير، فالسيدة الينور روزفلت لها مقولات شهيرة يستشهد بها الناس، ولا يزال اسمها حاضرا في المشهد العالمي حتى اليوم. ومن العجائب عن الرئيس روزفلت أنه أصيب بشلل الأطفال، في الأربعين من عمره، واصبح معاقا لا يستطيع المشي إلا على كرسي متحرك، أو بمساعدة، ومع ذلك فقد استخدم استراتيجيات لإخفاء ذلك، ومضى في مشواره السياسي، حتى أصبح واحد من أفضل الرؤساء، دون أن يعلم الشعب الأمريكي عن إعاقته، وقد ساعده في ذلك أن تكنولوجيا الأعلام لم تكن متقدمة في عصره، كما أنه هو الرئيس الذي قابل الملك السعودي، المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، في منطقة البحيرات المرة في مصر، وتم حينها وضع الأسس للعلاقات الأمريكية - السعودية، والتي لا تزال قائمة حتى اليوم، أما فترات الرئاسة «الإستثنائية» لروزفلت، فسنتحدث عنها في مقال مستقل.