من الملاحظ على منهجية داعش تركيزهم على عنصرين مهمين لهما تأثيرهما البالغ في المجتمعات ألا وهما استغلال المفردات الشرعية وتسخيرها لأهدافهم وخططهم الضالة (الجهاد - النصرة للإسلام والدفاع عن قضاياه ومقدساته - التكفير والحكم بالردة) معتمدين في ذلك على منهجية من المفردات والمصطلحات القائمة على التلاعب والاستغلال لعواطف الشباب وحماسهم وخصوصاً (صغار السن) والتأثير على العقول من خلال منظومة التكفيرات الفكرية وتطبيقها على أرض الواقع وبالأسلوب (الفج الخالي من الضوابط الشرعية) (والموانع والشبه الشرعية أو الفكرية) في صورة من صور الغلو والتشدد البعيد كل البعد عن سماحة الإسلام ويسر الشريعة وشمولية أحكامه وتطبيقاته.. فأصلت بناء على ذلك أحكاما مجانبة للصواب وبنت من خلال هذه المنهجية تصرفات خاطئة وسلوكيات منحرفة عن الطرق المستقيم (القتل والتفجير والترويع والتهديد) !! تحت شعارات كما قلنا براقة كالجهاد ونصرة الدين والذود عن قضاياه مستغلين عواطف الشباب وقلة علمهم وضعف إدراكهم ليزجوا بهم في مواقع (لا ناقة لهم فيها ولا جمل) !! ليزجوا بهم في ميادين وساحات لها أثرها ليس على الفرد أو الجماعة فقط بل على الأمة جمعاء في (دينها وأمنها واقتصادها) إما من خلال مواقع الانترنت أو ساحات الصراع الإقليمي نجد ذلك من خلال طرح لقضايا لها تأثيرها المباشر على أمن الأمة ورخائها، ووحدتها وتضامنها، متناسين في ذلك التوجيه الرباني للأمة بقوله: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) فهذه الآية المحكمة تبين بجلاء أهمية قضايا الأمة وخصوصا المصيرية منها وأن نقاشها والتحدث فيها والبت في جزئياتها والحكم على حيثياتها هو عائد في جميع الأمور إلى ولاة الأمر وإلى العلماء الراسخين الذين يدركون خلفيات الأمور وبواطنها ويقرؤون الواقع بخلفياته ولديهم بعد النظر في مستقبل الأمور وعواقبه، وأن الأمر لا ينطلق فقط من العواطف أو الحماس المجرد من العلم الراسخ والعقل المستنير من دون مرجعية علمية راسخة.. ولو كان الأمركذلك لما تم (صلح الحديبية) والذي سماه الله (بالفتح المبين) رغم أن ظاهره عند شباب الصحابة أن هذا الصلح فيه من الجور والظلم في حق المسلمين الشيء الكثير ومع ذلك فإن النبي -صلى اله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أقره ووقع عليه وشرع في تنفيذه فكانت العاقبة الحميدة والنصر المبين.. لذا الواجب على جميع مؤسساتنا التربوية وخصوصاً الإعلام والتعليم والأسرة أن يقوموا بدورهم من خلال إبراز مكانة العلماء والرفع من قدرهم وترسيخ عظم شأنهم في النفوس وأهمية الأخذ من فتاواهم وآرائهم النيرة ونشر علومهم والانطلاق من توجيهاتهم ونصائحهم.. وعلى علمائنا أن يفتحوا قلوبهم قبل بيوتهم للشباب وأن يستوعبوا أسئلتهم وأفكارهم وتوجهاتهم حتى ولو كانت خاطئة وذلك بأن يناقشوهم ويناقشوا شبههم (بالرفق واللين) ويبينوا لهم بالدليل الشرعي والعقلي خطر هذا الفكر وبطلان هذه الشبه.. وعلى التعليم أن يزرعوا أهمية الوحدة وخطر التفرق والاختلاف وأهمية التضامن وجمع الكلمة (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا) (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وأن يبينوا أهمية التقنية وإيجابياتها مع التحذير من الاستخدام السلبي لهذه التقنية.. وعلى الأسرة التي هي اللبنة الأولى والأساسية في تربية الشباب وصلاح توجهاتهم وذلك بزرع أولا مراقبة الله في قلوبهم وتربيتهم على الإيمان والخلق الحسن وعلى معرفة قدر ولاة أمرهم ومكانة علمائهم وأن يزرعوا في قلوبهم حب الوطن والمحافظة على منجزاته ويحذروهم من رفقاء السوء وخصوصا الذين يدخلون على الشباب من جهات شتى وشبهات مختلفة تحمل أسماء وشعارات شرعية وألقابا توعوية حماسية وخصوصا عبر الشبكة العنكبوتية.. ختاماً الشباب هم عماد المجتمع وذخره الحقيقي.. والأمن والإيمان والرخاء والاستقرار شريان الحياة السعيدة وقلبها النايض بكل خير ورخاء وصحة وهناء (من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا) والوطن هو محضن الطفولة ومرتع الصبا قدم لنا الشيء الكثير أفلا يستحق منا رد الجميل وأن نذود عنه ونحميه من كيد الكائدين وحسد الحاسدين.