أكد علماء ومختصون على أهمية كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي ركز فيها على ضرورة استشعار نعمة الأمن والرخاء التي نعيشها، بالإضافة إلى وجوب تكاتف الجميع والتزام وحدة الصف والحرص على مكتسبات بلادهم لدحر كيد الكائدين. وشددوا في حديث ل«عكاظ» على أهمية مطالبته حفظه الله بتشديد وتغليظ العقوبة على أولئك المغررين بالشباب والأطفال ويحرضونهم ويلقون بهم في أماكن النزاع وبؤر الصراع.. فإلى التفاصيل: بداية، قال أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ صالح بن غانم السدلان إن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كلمة نافعة وقوية ومفيدة، داعيا إلى سرعة تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع. ورأى السدلان أن إعلان الحكم، خصوصا فيما يتعلق بالحدود والتعازير، سريعا من غير تأجيل طويل ينسي الناس الحدث يقوي تأثير إقامة الحدود وزجر مرتكبيها؛ فتأجيل القصاص فيه ما فيه من إضعاف تأثير إقامة الحدود، وتعجيله يجعله أكثر ردعا وتأثيرا؛ لأنه عندما يكون الحدث ماثلا بين أعين الناس، فإنه يكون حديث مجالسهم. شعور أبوي أما رئيس حملة السكينة المتخصصة بتصحيح الأفكار المتطرفة، والتي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ عبدالمنعم المشوح، فقال: إن كلمة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله نابعة من شعور أبوي وعفوي منه حفظه الله تجاه القضية الأهم في الداخل، فالمملكة تحركت في مسار التوعية وتنبيه الشباب من مغبة هذا الأمر، في حين أن المسار الثاني هو المسار النظامي، بحيث أصدرت الأنظمة التي تكافح هذا الداء، وأصدر العلماء فتاوى تبين عدم جواز الذهاب لأماكن الصراع. وأضاف: الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله تكلم مع سماحة المفتي والحضور بكلام أبوي وعفوي لمس فيه الجرح الأهم في هذه المرحلة بالنسبة لنا وهو التغرير بالشباب وهذا أخطر ما يكون؛ فالشباب لديهم عاطفة إسلامية قوية، والجميع لديه هذه العاطفة، لكن يجب أن تكون في مكانها الصحيح، ثم وجه اللوم للمغررين بهم، وقال نريد شيئا أكثر من كونه عقوبة، فهناك برامج توعية وتوجيهات وخطباء المساجد والعلماء في الإفتاء والإعلاميون والمفكرون قاموا في هذه المرحلة بواجبهم بشكل كبير. وزاد «ما ذكره الملك المفدى مهم جدا، وهو أننا نحتاج أسلوبا أقوى وأمثل مع أولئك المحرضين أكثر من كونه مجرد عقوبة، وهذا ما نحتاجه في هذه المرحلة، فنحن نقرأ ونسمع أن هناك إعلانات للنفير في سوريا والشيشان ومالي، لكن إعلان النفير العام خاص بولي الأمر، نحن نؤكد هنا أن المملكة تساهم بشكل رسمي في الإغاثة، وهناك قنوات وجهات مأمونة رسمية للنصرة، صحيح أنه يؤلمنا ما يحدث في سوريا وكل مكان، لكن التعامل مع الأحداث يكون بطريقة شرعية، وشخصيا عندما سمعت خادم الحرمين الشريفين حفظه الله يتحدث شعرت براحة كبيرة، وقلت: إذا كان رأس الهرم يشعر بالألم والخوف على شبابنا ويطالب بإيجاد حلول، فهذا يستدعي ويستوجب أن نقف وقفة صارمة وقوية، سواء أكانت أمنية أو فكرية ضد المحرضين». جانب قانوني المحامي الدكتور ماجد بن محمد قاروب، أكد أن دعوة خادم الحرمين الشريفين دعوة أب يريد أن يحمي أبناءه من كل سوء أو مكروه، وهي أيضا دعوة حاكم يرغب في حماية الوطن وأبنائه، وهي توجيه كريم من ولي الأمر حفظه الله الذي يرأس الأجهزة التشريعية والقضائية والتنفيذية لكل مسؤول في هذه السلطات الثلاث أن يقوم بواجباته وأن يرقى إلى مستوى الخطر الذي استشعره ولي الأمر، ولذلك هي دعوة للجميع لحماية الأبناء، فلا يوجد مسؤول في أي جهاز على علاقة بالشباب والأطفال في منأى عن التوجيه المباشر في هذا الخصوص، ولذلك فإن الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ووزارة الإعلام والثقافة والمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون بما لديهم من مهام ومسؤوليات ومؤسسات كالأندية الرياضية والمدارس والجامعات ومحطات الإذاعة والتلفزيون والإعلام التقليدي من صحافة وإذاعة وتلفزيون، وكذلك الأمر من الإعلام الجديد أن ينهضوا بحماية شباب وأبناء الوطن في ضوء رؤية وتوجيه الملك ولا نقلل هنا من دور وزارات الشؤون الاجتماعية والعمل والمالية من الأدوار الرئيسة لها في هذا الخصوص، وألا تتأخر وزارة الشؤون البلدية والقروية والمالية في توفير الإمكانيات والمحفزات والأموال والمواقع الخاصة بحماية الوطن ومقدراته. وأضاف: هي دعوة أيضا لأصحاب الفضيلة القضاة الحاصلين على ولايتهم القضائية من ولي الأمر، باعتباره القاضي الحاكم على البلاد والعباد شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعتبروا أن الظرف الحالي والمخاطر السياسية والأمنية المحيطة بالمملكة تحتم تغليظ العقوبة وتشديدها على كل من يخل بأمن واستقرار بلد الحرمين الشريفين ومواطنيها ويستغل حب وحماسة شباب هذا الوطن للدين في التغرير بهم والزج بهم في طرق الظلام والهلاك، بعيدا عن إرشادهم إلى الصلاح والفلاح والعمل والجد والاجتهاد والمثابرة لخدمة مجتمعهم ووطنهم بعيدا عن المهالك والمزالق. من جانبه، شدد عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ على أن الكلمة الوافية التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، والتي تدعو لتوحيد الصف وجمع الكلمة والتآلف هي من صميم ديننا الحنيف، فالله أمرنا أن نكون صفا واحدا وأن نتآلف ونتعاون، فقال سبحانه وتعالى: (إنما المؤمنون إخوة)، وقال جل ذكره، (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا). وقال: إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله أراد أن يذكرنا بهذه النعمة التي نعيشها، وهي نعم كثيرة وأهمها نعمة الإسلام والأمن والأمان في أرجاء البلاد، فأراد أن نتوجها بأن نكون متحابين ومتعاضدين مع ولاة أمرنا وعلمائنا، وأن نكون يدا واحدة ضد كل من يريد الإخلال بأمننا ومكتسباتنا ومقدراتنا. وأضاف: أولئك المغررون بالشباب ممن يزجون بهم في الطرق المهلكة لا شك أنه يجب الأخذ على أيديهم وردعهم بالضرب بيد من حديد، وهذا ما يؤكده الملك أيده الله في تمسك هذه البلاد بالكتاب والسنة وحرصه على المبادئ والأسس التي قامت عليها البلاد وما زالت تحت قيادته وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله. أمن وتكاتف أما الباحث الشرعي والمستشار الشيخ الدكتور رضوان بن حسن الرضوان، فقال: نحمد الله على إطلالة ولي أمرنا إطلالة مباركة، ونحمده جل وعلا في الوقت العصيب الذي تعاني منه الأمة من حوالينا وكل جهة، وعلى النعمة التي أولانا الله إياها من الأمن والتكاتف بين العلماء والقيادة والمواطنين في ظل هذه الأزمة التي تعيشها الدول من حولنا، فيجب أن نشكر الله عليها وعلى ما خصنا به. وأضاف: التنبيه الذي نبه إليه خادم الحرمين رعاه الله يتركز في أن هناك فئة ما زالت تحاول زعزعة الأمن من الداخل أولئك الذين يهيجون الشباب ويكونون السبب الرئيس، حيث يتبنون للأسف الخطاب الشرعي أو الفتوى الشرعية الخاصة بهذا الأمر ويحرضون الشباب على الخروج ويحاولون الزج بهم في محاضن التكفير والتفجير والتخريب، وولي الأمر متنبه لهذا ويعلم كل ما يدار في الخفاء ويحصل، لكن هناك أمرا خطيرا يتمثل في أولئك المتسببين ربما كانوا سببا رئيسيا في الزج بالشباب في ما يسمى بدعوى الجهاد التي ليس لها شعار وعلم واضح، وتكون مجرد دعاوى فيزجون بالشباب وهم يعيشون في رغد العيش وأمن وأمان، وقد كان المفترض منهم إذا كانوا صادقين أن يكونوا أول الذاهبين إلى هناك، نحن نقول: لا بد من عقوبة رادعة للمحرضين الذين يضحكون على الشباب بالفتاوى.. وغير ذلك. وزاد «هنا مشكلة مهمة تتمثل في الخطاب المنتشر في السابق الذي يحرض الشباب، ولا يزال أصحابه عليه ولم يتبرأوا مما كانوا يدعون إليه الشباب، ونحن في وقت مراجعات، لا بد من الذين كانوا يؤثرون على الشباب في محاضراتهم أن يبينوا للشباب توبتهم الحقيقية بوضوح وجلاء وبراءتهم من الفكر القديم إن كانوا فعلا صادقين في توبتهم ويريدون الخير لهذه البلاد ويخافون على أمنها، أما أن نترك الأمر كما كان عليه، فإن الأمر خطير، هناك ممن كان يكفر ويدعو للخروج بالأمس يحاضر اليوم ويؤلب الشباب دون أن يكون له موقف يتبرأ منه، أطالب مرة أخرى وأقول: لا بد أن يكون التوضيح واضحا وصريحا أما السكوت فإنه لا يجدي».