«سلمان للإغاثة» يدشن مشروع توزيع مواد إيوائية في باكستان    مبعوث ترامب: أمريكا تريد من أوكرانيا إجراء انتخابات بعد وقف إطلاق النار    إيماموف يحسم مواجهته مع أديسانيا بالضربة القاضية    عبدالعزيز بن سعد يتوّج الراجحي بطلًا لرالي حائل تويوتا الدولي 2025    جامعة الملك عبدالعزيز تُتوج ببطولة تايكوندو الجامعات    إعلان المرشحين لجائزة الجمهور لأفضل محتوى رقمي    وكالة "فيتش" : التصنيف الائتماني للمملكة عند A+    «السداسية العربي»: لا للتهجير وتقسيم غزة    موكب الشمس والصمود    ملاجئ آمنة للرجال ضحايا العنف المنزلي    ثغرة تعيد صور WhatsApp المحذوفة    "معرض المنتجات" بالكويت يناقش التحديات التصديرية    إنتاج العسل    أمير منطقة جازان يرعى حفل افتتاح "مهرجان عسل جازان" العاشر غدًا    البريطاني «بيدكوك» بطلًا لطواف العلا 2025    في الجولة 18 من دوري روشن.. الاتحاد يقلب الطاولة على الخلود.. والفتح يفرمل القادسية    سعد الشهري.. كلنا معك    الزي المدرسي.. ربط الأجيال بالأصالة    خلال شهر يناير 2025.. "نزاهة" تحقق مع 396 موظفاً في 8 وزارات بتهم فساد    الأحساء صديقة للطفولة يدعم جمعية درر    وفاة صاحبة السمو الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    «بينالي الفنون».. سلسلة غنية تبرز العطاء الفني للحضارة الإسلامية    مهرجان فنون العلا يحتفي بالإرث الغني للخط العربي    إنفاذًا لتوجيه سمو ولي العهد.. إلزام طلاب المدارس الثانوية بالزي الوطني    الأسرة في القرآن    ذكور وإناث مكة الأكثر طلبا لزيارة الأبناء    خيط تنظيف الأسنان يحمي القلب    طريقة عمل ارز بالبشاميل وفاهيتا الدجاج    أمير حائل ونائبه يعزّيان أسرة الشعيفان بوفاة والدهم    أسرتا العلواني والمبارك تتلقيان التعازي في فقيدتهما    قطار الرياض وحقوق المشاة !    من ملامح السياسة الأمريكية المتوقعة..    المؤامرة على نظرية المؤامرة.. !    إعلاميات ل«عكاظ»: «موسم الرياض» يصنع التاريخ ب«UFC السعودية»    رحيل عالمة مختصة بالمخطوطات العربية    غالب كتبي والأهلي    عندما تتحول مقاعد الأفراح إلى «ساحة معركة» !    ضوء السينما براق    "نيوم" يعلن رحيل البرازيلي "رومارينهو"    السعودية والاستثمار البشري    تفسير الأحلام والمبشرات    كندا تبلغت بفرض رسوم جمركية أميركية بنسبة 25% اعتبارا من الثلاثاء    نصيحة مجانية للفاسدين    حزين من الشتا    وزير التعليم يُتوّج طلاب عسير بلقب الفرسان    رحل أمير الخير والأخلاق    خالد البدر الصباح: وداعًا أمير المواقف الشجاعة    اتفاقية تعاون لتوفير بيئة علاجية لأطفال القصيم    ندوة عن تجربة المستضافين    القبض على (3) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (54.6) كجم "حشيش"    الرويلي يفتتح المسابقة الدولية العاشرة في حفظ القرآن الكريم للعسكريين    3134 امرأة في قوائم مخالفي الأنظمة    غرامات مقترحة على «مطاعم التسمم».. 30,000 ريال عن كل متضرر    خيرية هيلة العبودي تدعم برنامج حلقات القرآن بالشيحية    ممثل رئيس الإمارات يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز    أمير الرياض يعزّي في وفاة الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا حادثة اصطدام الطائرتين في واشنطن    نيابة عن أمير قطر.. محمد آل ثاني يقدم العزاء في وفاة محمد بن فهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبر التاريخ حصل إيذاء للأسر من بعض أفرادها وفساد للمجتمعات من بعض المنتمين إليها
الأمن الفكري.. سد أمام طوفان غادر
نشر في اليوم يوم 06 - 03 - 2015

الأمن الفكري من المعطيات الحيوية لسلامة المجتمع والوطن، وهو دعامة أساسية تعزز كل أشكال الأمن في جميع مجالاته المختلفة، فحين يتأسس العقل على وعي شامل بالمتغيرات وإدراك للمعطيات يصبح الفرد أكثر شعورا بدوره في حماية ذاته ومجتمعه ووطنه من عوامل الاختراق، ما يجعله يقوم بدور وقائي مهم وكبير في حفظ الأمن والاستقرار.
وفي عصرنا الحالي الذي تنطلق فيه مفاهيم العولمة التي تذوب فيها الهويات والثقافات، تكثر مخاطر الاختراق التي تستهدف الأجيال وتعمل على سلخها من هويتها، وتشويه فكرها، خاصة لدى الشباب، وهو الأمر الذي يتطلب جهدا علميا ومنهجيا موازيا لتطبيق منظومات خاصة بالأمن الفكري تحمي المجتمع من تلك الصور الثقافية التي تستهدف اختراق الأمن الوطني والاجتماعي وتذويب الثقافات، والتحقيق التالي يطرح قضية الأمن الفكري ودوره المؤثر في الحفاظ على الهوية والأصالة.
فساد الخلق وسوء الطبع
يقول الدكتور عبدالرحيم بن إبراهيم السيد الهاشم «كلية الشريعة في الأحساء» إن العقول مهددة بالغزو الفكري الذي معناه حرب العقول. وهو أشد من الغزو البدني والمالي؛ إذ هو الطريق المؤدي إليهما، فمن غزي فكره فسد خلقه وساء طبعه، وأفسد دينه ونفسه وأهله ومجتمعه.
ويضيف الهاشم «لذا فعبر التاريخ حصل إيذاء للأسر من بعض أفرادها، وفساد للمجتمعات من بعض المنتمين إليها. وما يعيشه كثير من بلاد المسلمين الآن في اختلال الأمن إنما هو بسبب اختلال الأمن الفكري فتسلط الغزو الفكري على عقول شبابها فقطعوا أرحامهم وسفهوا علماءهم وحاربوا ولاة أمرهم ودمروا منشآتهم وأراقوا دماءهم، وهم يفعلون ذلك باسم الإصلاح وإظهار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما علموا أن فعلهم هذا هو من إظهار الفساد في الأرض».
ويشير الى أن الواجب على أولي الأمر من العلماء والحكام أن يحرصوا كل الحرص على تعزيز الأمن الفكري؛ فالأمة عموما والشباب خصوصا بحاجة ماسة لهذا التعزيز لاسيما مع انتشار أجهزة الاتصال الذكية التي تضرم النار في الهشيم؛ بما يبث فيها من ملوثات الأفكار ومفسدات الأخلاق، ووسائل الأمن الفكري كثيرة من أهمها: نشر العقيدة الإسلامية الصحيحة والأخلاق الفاضلة، وبيان الحقوق لذويها مهما اختلفت الآراء والتوجهات. وأخذ الحيطة من أعداء المجتمع مهما أبدوا من نصح وإرشاد؛ فالأصل في أعداء المجتمعات أنهم لا يريدون الخير لها، ولذا فهم يدسون السم في ملاعق العسل.
مطلب عظيم
ويرى علي بن يحيى الحدادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام وعضو هيئة التدريس بمركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية أن الأمن الفكري يمكن اختصاره في احترام المسلم لحرمة الأنفس والأموال والأعراض المعصومة شرعاً سواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة فلا يعتدي عليها بأي نوع من أنواع العدوان بغير حق، يقول صلى الله عليه وسلم (قيد الفتك الإيمان) ويقول صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن: من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) أخرجه الترمذي والنسائي.
ويقول الحدادي «فمتى انحرف الشاب عن الإيمان الصحيح الذي دل عليه الكتاب والسنة وفهمه الصحابة أفسد أمن المجتمع بجرأته على التكفير بغير حق، ونزع اليد من الطاعة، واستحلال الدماء المعصومة فضلا عما دون الدماء من الأموال والأعراض. فالأمن الفكري مطلب عظيم لا تصلح الحياة بدونه لأن الأمن إذا ذهب، تعطل كثير من مصالح الدين والدنيا وتأمل حال البلاد التي فقدت الأمن كيف هجر كثير من أهلها بيوتهم وديارهم وأموالهم واضطروا لحياة الملاجئ طلباً للأمن».
ويضيف «تحقيق الأمن الفكري يتطلب تضافر الجهود من كل مكونات المجتمع الحكومية والشعبية ولكني أخص في هذا المقام أصحاب الفضيلة من أئمة المساجد وخطباء الجمعة والدعاة الرسميين والمتعاونين فإن من الضروري أن يبذلوا الجهد في تعليم الناس عقيدة السلف الصالح ولا سيما في باب السمع والطاعة وأحكام التكفير والتحذير من فكر الخوارج وحرمة الدماء المعصومة وحقيقة الجهاد الشرعي والهدي الشرعي في التعامل مع المنكرات وتوضيح فتاوى كبار العلماء في حكم المظاهرات والاعتصامات وغيرها من مظاهر التمرد والثورة والعصيان المدني. ومتى كان الطرح بأسلوب هادئ، قريب من إفهام المخاطبين، مدعم بالأدلة الشرعية الصحيحة كان أثره أكبر».
ويتابع «إن التقصير في هذا الجانب كبير، ومن شواهده أن كثيراً ممن يطرح هذه القضايا يفاجأ بمن يقول له لم أسمع بهذه الأحاديث ولا بهذه الفتاوى ولا بطرح هذا الموضوع أصلاً من قبل. والسؤال لم لم يسمعوا بها مع كثرة ما سمعوه من الخطب والكلمات والبرامج الدينية الإعلامية وغيرهما. والجواب هو بسبب التقصير الظاهر في بيان العقيدة الصحيحة والتركيز على جوانب أخرى دونها في الأهمية».
الأمن نعمة
ويقول الأستاذ الدكتور أحمد بن سليمان الربيش عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية والأستاذ المتعاون بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام «يمكننا أن نعرف الأمن الفكري بأنه الحال التي يكون فيها العقل سالماً من الميل عن الاستقامة عند تأمله، وأن تكون ثمرة ذلك التأمل متفقة مع منهج الإسلام وفق فهم السلف الصالح، وأن يكون المجتمع المسلم آمناً على مكونات أصالته، وثقافته المنبثقة من الكتاب والسنة».
وحول أهميته في المجتمع، يضيف الربيش «إن الأمن الفكري أحد مكونات الأمن بصفة عامة، بل هو أهمها وأسماها وأساس وجودها واستمرارها، والأمن هو النعمة التي لا يمكن أن تستقيم الحياة بغيرها؛ ولذلك امتن الله بهذه النعمة على كفار قريش به. قال تعالى: (فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) [قريش: 3، 4]. وقال تعالى: (أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون) [العنكبوت: 67). وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم من توافر له الأمن كمن حيزت له الدنيا كلها، فقد أخرج الترمذي، وحسنه الألباني، عن سلمة بن عبيد الله بن محصن الخطمي عن أبيه وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا».
وفيما يتعلق بتعزيز الأمن الفكري، يقول «يجب أن يعنى بعدة أمور منها: حفظ العقل الذي يرتبط به الأمن الفكري ومن خلاله يتحقق، وبه يصلح كل شيء أو يفسد؛ فالعقل مناط التكليف وأساسه، ومن طرق تعزيزه أن الإسلام حرّم الانحراف الفكري المتمثل في التطرف والغلو في الدين باعتباره من أهم وأخطر مهددات الأمن الفكري، وقد ورد في مصادر التشريع الإسلامي الرئيسة (القرآن والسنة) آيات وأحاديث كثيرة تنهى عن الغلو وتذمه، ومن ذلك قوله تعالى: (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)، وقوله تعالى: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق) ومن طرق تعزيزه أن الإسلام دين قام على الوسطيّة والاعتدال، وعلى رفع الحرج والمشقة، وقد بني الإسلام على اليُسر الذي يُعد من أبرز خصائصه وسماته، فالتزام الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الإفراط أو التفريط يعدان من أهم الضمانات لتحقيق الأمن الفكري خاصة والأمن بمفهومه الشامل عامة، يقول الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، ويقول تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)».
ويؤكد الربيش أن الإسلام نهى عن الابتداع في الدين، حيث إن من دواعي اضطراب الأمن الفكري واختلاله انتشار البدع التي تعود إلى استحسان العقول لما تراه وتغليبه على اتباع النصوص، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)، ويقول تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب).
ويستطرد «نهى الإسلام عن الفتوى والقول على الله بغير علم؛ فتوسيع دائرة الفتوى لتشمل غير المؤهلين لها يوقع المجتمع في الفوضى والاضطراب الفكري، حيث يقول تعالى: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) وأمر الإسلام بالتفقه في الدين، وحذر من الجهل به».
لزوم السنة
ويدعو الشيخ راشد بن رمزان الهاجري طالب دكتوراه في المعهد العالي للقضاء الى تكثيف الدروس والمحاضرات في التوحيد والعقيدة في المساجد وجميع وسائل الإعلام لتحقيق التوحيد وترسيخ العقيدة الصحيحة وبيان ما يخالفها لعدم الالتباس على الناس عامة والشباب خاصة، قال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)، وقال تعالى (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)، (وأن إلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم).
ويقول الهاجري «إضافة الى ما سبق يجب لزوم السنة بتعلمها والعمل بها ومعرفة مكانتها وأنها من شرع الله الذي يجب عدم المساس به قال تعالى (لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقال (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ولزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي الأمر المسلم في غير معصية الله, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة المخرج في الصحيح (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني) مشددا على فهم النصوص الشرعية من الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، قال تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) والرجوع للعلماء الربانيين مثل هيئة كبار العلماء وأخذ العلم منهم والفتوى, قال تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)» مشددا على «عدم اتباع الإشاعات ونشرها عبر وسائل الإعلام الحديث بدافع انشر تؤجر قال تعالى (وإذا جاءهم أمر من الخوف أو الأمن أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه المخرج في الصحيح (إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثًا إن الله يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال)».
أمام مفترق طرق
ويرى أستاذ الدراسات المدنية بجامعة نايف الدكتور سعد الشهراني أن مفهوم الأمن الفكري يجب أن يكون واضحا لدى شبابنا وهو الوسطية والاعتدال والبعد عن التطرف والغلو كما أنه يتضمن البعد عن الأفكار الشاذة والطوائف الضالة واتباع منهج السلف الصالح من هذه الأمة، مشيراً الى أن الهدف منه العمل على سلامة البيئة الفكرية في المجتمع.
ويضيف الشهراني «شبابنا اليوم أمام مفترق طرق وأمام انفتاح، حيث لا يمكن أن تغلق وسائل التقنية الحديثة، والإعلام الجديد التي أصبحت تصنع أفكارا جديدة. وأصبح البعض يتعمد تلويث أفكار شبابنا سواء كان تكفيراً أو تغريباً ولهذا لا يكفي المنع وحده بل لابد من اخذ التدابير»، مشيراً الى أن الإسلام حث على البحث والوقاية قبل وقوع المشكلة.
وحول وسائل تحصين الشباب من هذا الأفكار، يقول «يجب علينا ترسيخ الإيمان الصحيح الصادق في قلوب شبابنا وأن يكون هذا الإيمان عن قناعة جازمة لا تقليد، وأن تقوم المرافق والمؤسسات الدينية بواجبها، فالمسجد يجب أن يقوم برسالته ومنها تحصين الشباب وتحذيرهم من الوقوع في هذه الأفكار، كذلك المؤسسات التربوية كالجامعات والمدارس التي يتربى فيها الشباب ينبغي أن يقوم القائمون عليها بإدارج الأمن الفكري ضمن خططهم الدراسية، بأسلوب مشوق وعصري، ويجب أن يشعر الشباب أنهم جزء من هذا المجتمع، وأنه إذا اختل الأمن فلن يسلم أحد».
طرق علاج
ويؤكد الشيخ عبدالله بن صلفيق الظفيري المدرس بالمعهد العلمي وإمام وخطيب جامع معاوية بحفر الباطن أن الانحراف الفكري لدى الشباب ظاهرة خطيرة تعاني منها المجتمعات والدول ومنها بلادنا بلاد التوحيد والسنة فقد نالها من ذلك نصيب كبير من انحراف بعض أبنائها وذلك نتيجة تسليط أعدائها عليها من الذين غاظهم تمسك هذه الدولة بالتوحيد والسنة والعقيدة الصحيحة، ولهذا سلط الأعداء التركيز على الشباب لأن فيهم القوة والفوران الحماسي.
ويرى الظفيري أن العلاج لذلك بنشر العلم الشرعي وحثهم على الالتفاف حول العلماء الربانيين والرجوع إليهم، وربط الناس بأقوال السلف ومؤلفاتهم والتي توضح الدين الصحيح وترد على شبه أهل البدع وتبين معتقد أهل السنة في وجوب السمع والطاعة لولي الأمر بالمعروف وتحريم الخروج عليه وتحذر من فكر الخوارج. وتحذيرهم من دعاة الفتن وتفنيد شبههم. ومتابعة المدرسين والمدرسات في المؤسسات التربوية كالمدارس وحلق التحفيظ والدور النسائية وإبعاد كل من له تأثير سلبي على الطلاب والطالبات. وتكثيف اللقاءات العامة والمحاضرات الهادفة للعلماء الربانيين في المناطق والمحافظات والمراكز.
داء ودواء
ويشير رياض بن عبدالله البراك إمام وخطيب جامع عتبة بن غزوان رضي الله عنه والمعلم في ثانوية الإمام محمد بن سعود بغرب الدمام الى أن مفهوم الأمن الفكري يتمثل في صيانة عقول أفراد المجتمع ضد أي انحرافات عقدية مخالفة لما عليه شريعة الإسلام، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الافتراق والذي سببه البعد عن الصراط المستقيم الذي سار عليه رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم فقال عليه الصلاة والسلام محذرا من ذلك «والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار، قيل يا رسول الله من هم؟ قال: هم الجماعة» ففي هذا الحديث العظيم ذكر لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم الداء والدواء، ثم ذكر صلى الله عليه وسلم الحل، حيث إن العلاج يحتاج إلى الطبيب الحاذق والناصح الأمين، وهذا متمثل في توجيهات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك صلوات ربي وسلامه عليه، فقال عليه الصلاة والسلام: «فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة».
ويقول البراك: عرفنا الداء العضال وهي تلك الأفكار الضالة المنحرفة والتي تخالف دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وطريقة السلف الصالح، وهي ما يطلق عليها علماء أهل السنة والجماعة البدع، وسبب انتشارها وذيوعها أنها تلبس لبوس الدين والغيرة على الحرمات، فتنتشر بين بعض شبابنا بسبب التربية الحزبية والتي تقوم على أفكار بعض الجماعات الدعوية الضالة المنحرفة، فتقصي الشباب عن لزوم ركب العلماء الأكابر ويتولى تربية الشباب شباب مثلهم وهنا تكون المصيبة وتعظم الفاجعة، لذا إذا أردنا حلاً سريعاً وناجحاً بإذن الله تعالى، فعلينا بالسير على منهج السلف الصالح والذي سار عليه الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى وعاضده الإمام محمد بن سعود وقامت على إثره هذه الدولة الفتية قروناً طويلة متلاحقة ولله الحمد والمنة، فعلينا أن ننبه ونحذر الشباب من خطر الأفكار والتي تؤدي إلى زعزعة الأمن، لأن الخلل في التدين يؤدي إلى الخلل في الأمن قال تعالى «فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف».
تعريفات الأمن الفكري
* أن يعيش الناس في بلدانهم وأوطانهم وبين مجتمعاتهم آمنين مطمئنين على مكونات أصالتهم، وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية.
* أن يعيش المسلمون في بلادهم آمنين على مكونات أصالتهم وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية المنبثقة من الكتاب والسنَّة.
* إنه سلامة فكر الإنسان وعقله وفهمه من الانحراف والخروج عن الوسطية، والاعتدال، في فهمه للأمور الدينية، والسياسية، وتصوره للكون بما يؤول به إلى الغلو والتنطع، أو إلى الإلحاد والعلمنة الشاملة.
* الاطمئنان إلى سلامة الفكر من الانحراف الذي يشكل تهديدًا للأمن الوطني أو أحد مقوماته الفكرية، والعقدية، والثقافية، والأخلاقية، والأمنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.