لم تكن عملية ضبط متفجرات جسر الملك فهد من العمليات العابرة؛ بل كانت جزءاً من عمليات تهريب منظمة للأسلحة والمتفجرات التي استهدفت السعودية؛ البحرين؛والكويت بشكل رئيس. عمليات متنوعة أحبطتها السلطات الأمنية في السعودية والبحرين؛ قادت نحو كشف مزيد من المخططات الإرهابية في المنطقة؛ وقدمت معلومات دقيقة لدول الخليج التي كادت أن تتعرض لعمليات تدميرية واسعة لولا لطف الله. لا يمكن النظر لعمليات التفجير في السعودية والبحرينوالكويت بمعزل عن الحرس الثوري الإيراني؛ وحزب الله؛ وهو ما أكدته التحقيقات الأمنية الموسعة. أزعم أن ضبط خلية حزب الله في الكويت ربما كان على علاقة بالتحقيقات المرتبطة بتفجير مسجد الإمام الصادق؛ والتفجيرات الأخرى في المنطقة؛ وعملية تهريب الأسلحة والمتفجرات الإيرانية إلى البحرين؛ إضافة إلى بعض المعلومات الاستخباراتية المتأتية من إحدى الدول الخليجية. ترتبط الأسلحة والمتفجرات بالعمليات الإرهابية والخطط الإستراتيجية التي وصل بعضها إلى عمليات انقلاب على الحكم استمد قوته من الدعم الإيراني؛ وشرعيته المزعومة من عملاء الداخل الذين يصنفون أنفسهم ضمن أحزاب المعارضة. الحديث عن المتفجرات والأسلحة والدعم اللوجستي؛ يقودنا إلى عمليات التمويل التي تحتاج إلى أموال؛ ووسائل آمنة لإيصالها للجماعات الإرهابية المنتشرة في الخليج. كانت إيران خلف تمويل الجماعات الإرهابية في المنطقة؛ وقد اعتمدت على قدراتها الداخلية والخارجية في إيصال الدعم المالي واللوجستي. تُرى ما الذي يربط بين «داعش» و»حزب الله» في الخليج؟. لسنوات طوال؛ اعتمدت إيران على عناصر حزب الله والحرس الثوري لتنفيذ عمليات إرهابية في السعودية وبعض دول الخليج. خسرت إيران كثيراً دون أن تحقق أهدافها الإستراتيجية ما دفعها إلى وضع آلية جديدة تحتفظ فيها بالقيادة والتمويل وتوفير الدعم اللوجستي وفق مخططها الإستراتيجي الشامل؛ مشروعها التوسعي؛ في الوقت الذي تعهد فيه تنفيذ العمليات لجماعات إرهابية محسوبة؛ مذهبيا؛ على السعودية ودول الخليج. تنظيم «داعش» كان الواجهة للعمليات الصفوية في الدول العربية. بُني على أسس استخباراتية صرفة؛ وأعطيت إيران حق الاستفادة من خدماته لتحقيق أهدافها؛ وفق مخطط صفوي غربي يعتمد تجزئة الدول العربية وتقسيمها. اعتمد تنظيم «داعش» على عناصر حزب الله والحرس الثوري في توفير الأسلحة والمتفجرات والأموال؛ وفق نظام منضبط لا يسمح لأي من الطرفين الالتقاء بالآخر. ضبط السلطات البحرينية شحنة المتفجرات القادمة من إيران فتحت مخزون المعلومات السرية للجهات الأمنية؛ وأكدت الشكوك؛ ووثقتها رسمياً. اعتمد النظام الإيراني في إستراتيجيته التخريبية في الخليج على أربعة محاور رئيسة ارتبط الأول منها بالتجهيزات الأرضية؛ وشملت التكتل الانتخابي في الدول البرلمانية؛ لضمان إيصال الموالين لها للبرلمانات؛ إضافة إلى التكتل البشري تحوطا لانتخابات برلمانية مستقبلية في حال تطبيقها في الدول التي تعتمد التعيين في مجالسها الحالية؛ والتوسع في شراء الأراضي في مناطق لم تكن خاضعة لنفوذ الموالين للفكر الصفوي؛ وتمويل عمليات شراء الأراضي بشكل توسعي في المناطق الحدودية والداخلية؛ وهو أمر كتبت عنه كثيراً منذ العام 2008م. المحور الثاني كان على علاقة بتشكيل لوبي ضغط على الحكومات الخليجية يمكن من خلاله توجيه الرأي العام؛ و السيطرة على ردود الأفعال الإعلامية؛ وشراء الذمم لضمان الصمت عن كشف الأخطار أو انتقادها. نجح اللوبي الصفوي في تكريس مفهوم الطائفية في أي نقد للعمليات الإرهابية المنفذة في الخليج؛ وأصبحت الطائفية سلاحا يواجه به الوطنيون في كشفهم مخططات الأعداء في الداخل. المحور الثالث كان على علاقة بالعمليات الإرهابية الإعدادية؛ لزعزعة الأمن وخلق الفتنة بين شعوب المنطقة؛ وتجهيز الأرضية للانقضاض للسيطرة على بعض دول الخليج من خلال وكلائها وعملائها في الداخل. ارتبط تخزين الأسلحة والمتفجرات بكميات كبيرة في الكويت بالمحور الرابع والأخير من المخطط الصفوي الذي يركز على الانقلاب على السلطة والسيطرة الكلية؛ ما كشف في الكويت ربما لم يكتشف بعد في بعض الدول الخليجية المستهدفة. صحيفة «الراي» الكويتية نقلت عن اعترافات بعض المتهمين قولهم « غالبية الأسلحة المخزّنة أدخلت إلى البلاد بحراً وهي قادمة من إيران ... وأن المخبأ من الأسلحة وقيد الإحضار أكبر بكثير من ترسانة الأسلحة التي تم كشفها، رغم ضخامتها». يوماً بعد آخر؛ تتكشف خيوط المؤامرة الكبرى التي تحاك ضد دول الخليج من قبل الغرب والنظام الصفوي في إيران. وهي وإن كانت واضحة جلية للسعودية والبحرين؛ بقيت عكس ذلك لدول الخليج الأخرى. المعلومات الأمنية التي ستكشف عنها التحقيقات الجارية في الكويت؛ ربما صعقت المشككين بالخطر الإيراني؛ وكشفت أنهم كانوا هدفا رئيسا للمخطط الإستراتيجي في مرحلته النهائية. المواجهة الفاعلة للمخطط الصفوي الغربي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال توحيد الجهود السياسية و الأمنية؛ واتخاذ موقف سياسي موحد تجاه إيران؛ إضافة إلى المضي قدما لتحقيق «الاتحاد الخليجي». دول الخليج في حاجة إلى تدعيم جبهتها الداخلية؛ ورفع درجات التحوط؛ والمراجعة الدقيقة؛ واجتثاث بقايا خلايا إيران النائمة؛ الداعشية منها والصفوية؛ وتجفيف منابع التمويل؛ والدعم الإعلامي الذي يقوم به اللوبي الإيراني في دول الخليج؛ ومقاضاة كل من يبرر أو يهون أو يشكك في العمليات الأمنية التي فضحت التغلغل الصفوي في الخليج. إضافة إلى المواجهة الخارجية وهي مواجهة يفترض أن تستخدم فيها الوسائل القانونية؛ الدبلوماسية؛ الإعلامية والاستخباراتية. لن تتوقف إيران عن ممارساتها العدائية حتى تُسقى من نفس الكأس التي سَقَت بها الآخرين.