تمثل الأموال المتأتية من دول الخليج موردا رئيسا لحزب الله في الخارج. يقوم وكلاء «الولي الفقيه» في الدول الخليجية بجمع «الخمس» الذي يفترض أن يوزع على الفقراء والمساكين؛ فيستقطعون منه نسبتهم الخاصة ثم يُحَولون ما تبقى منه إلى إيران. يتم توزيع تلك الأموال على الأعمال الإرهابية ومنها تمويل ميليشيا حزب الله في لبنان والخليج؛ وفيلق القدس؛ إضافة إلى جماعة الحوثي التي يُعتقد أنها أوشكت على إتمام استنساخ دور حزب الله اللبناني في اليمن. تضخمت أرصدة الحسابات التي تُدار من قبل «الولي الفقيه» واستغِلَت في جانبين رئيسين؛ يختص الأول بالإنفاق على الميليشيات التابعة؛ والعمليات الاستخباراتية والتخريبية والعسكرية؛ ويوجه الثاني نحو الاستثمارات المالية النوعية التي توفر العوائد المجزية؛ وتسهم في السيطرة على قطاعات تجارية ومالية قادرة على فتح أبواب الاقتصادات الخليجية وبما يحقق لها التأثير من الداخل. نجحت إيران في استقطاب قيادات شابة لمعاهدها الدينية في قم. نشطت الرحلات الجوية بين دول الخليج وإيران؛ ونشط الحرس الثوري في فتح معسكرات التدريب بغية تجنيد أتباعهم لاستغلالهم في حركاتهم التخريبية مستقبلا. فتحت معسكرات تدريب في جنوب لبنان؛ وسوريا. أنفقت إيران عليهم بسخاء؛ وحولت بعضهم إلى قيادات حزبية وأعيد غرسهم في دولهم من جديد. استخدمت إيران أموال الصدقات والزكاوات في تمويل خلاياها النائمة في دول الخليج؛ واستخدمتها في توفير التمويل لوكلائها التجاريين من أجل السيطرة على قطاعات تجارية؛ واستثمارات عقارية محددة؛ كانت تأخذ في الحسبان المناطق الحدودية الملاصقة للدول الخاضعة للنفوذ الإيراني؛ والتوزيع الجغرافي الذي يسهم في نشر أتباعها على مساحة أكبر من الدولة المستهدفة؛ والتغلغل في المناطق الصناعية والقريبة من منابع النفط. في لبنان؛ نجح الحزب في السيطرة الاقتصادية؛ وتحولت قطاعات تجارية كاملة لملكية وكلاء الحزب. شوارع تجارية وشركات ومصانع إضافة إلى مصارف عريقة باتت ضمن محفظة حزب الله الاستثمارية. تغلغل الحزب في مفاصل الدولة؛ معتمدا على ملاءته المالية؛ وسطوته الإرهابية؛ وسيطر على الوظائف الحكومية الحساسة ثم البرلمان ثم الحكومة وبالتالي الدولة. بعد نجاح الحزب في لبنان وسيطرته على الدولة؛ تمدد إلى دول الخليج؛ وأصبح هناك حزب الله الكويتي؛ وحزب الله البحريني؛ وحزب الله السعودي. برغم ما حدث في مملكة البحرين؛ وما يهددها من أخطار؛ تبقى الكويت أكثر تهديدا في الوقت الحالي؛ فالصفويون نجحوا في السيطرة المالية والاقتصادية والإعلامية؛ والبرلمانية؛ في الوقت الذي ينتشر فيه عملاء حزب الله وقادة من الحرس الثوري في غالبية القطاعات تحت غطاء العمل. تغلغل عملاء إيران في الكويت أشبه بتغلغل عملاء العراق قبل الغزو المشؤوم. أما السعودية فتبقى الهدف الأخير الذي يحتاج إلى تحقيق السيطرة الطرفية في الخليج واليمن؛ قبل الشروع في المخططات النهائية. أدارت الاستخبارات الإيرانية مخطط التغلغل الإستراتيجي في دول الخليج بكفاءة؛ مستفيدة من تقاعس بعض الدول عن المواجهة ووقف التمدد الصفوي فيها؛ وفضح مخططاتهم التخريبية وأطماعهم التوسعية. اختلاف الآراء الخليجية ساعد إيران على النجاح. اعتقدت بعض دول الخليج أن مداهنتها لإيران قد يمنع عنها الشر؛ ويجعلها في مأمن؛ وأن عمليات ميليشيا إيران؛ وخلاياها النائمة؛ المهددة لاستقرار بعض الدول الخليجية لا يمكن أن تطالها أبدا. أثبتت الأيام خطأ تلك الدول؛ وقصور رؤيتها الإستراتيجية وحنكتها السياسية. رفعت الثورة السورية القناع عن الوجه الإيراني القبيح؛ ونزعت عن أكف حزب الله قفازات الحرير لتتقاطر منها أنهار الدم والحقد والكراهية. بعض ما حدث في سوريا مرتبط بالتمويل الخليجي لحزب الله. صدقات المحسنين وزكاواتهم تحولت إلى أموال قذرة تُدفع للمرتزقة والإرهابيين. ما حدث في سوريا قد يحدث في أي من الدول الخليجية؛ إذا لم تنتبه حكوماتها للخطر الصفوي؛ وإذا لم تسعَ إلى توحيد الصف والكلمة؛ والوقوف أمام التهديد الإيراني والغربي بحزم وشفافية مطلقة. تمويل الحرس الثوري وحزب الله يجب أن يتوقف فورا؛ ويجب أن تبقى صدقات المحسنين في الداخل وأن تخضع لرقابة مالية مشددة. إضافة إلى ذلك فالحكومات الخليجية مطالبة بفحص ملكيات العقارات والشركات وتتبع قيودها المالية للتأكد من تبعيتها؛ وبما يحول دون استغلالها من قبل عملاء إيران. دول الخليج مطالبة بتفكيك «إمبراطورية» إيران الاستثمارية في الداخل؛ وكشف وكلائها التجاريين؛ وواجهاتها المالية المُدمجة في الاقتصاد. ويبقى الإتحاد الكونفيدرالي الخيار الأول والأمثل والوحيد أمام دول الخليج إذا ما أرادت مواجهة الخطر الصفوي؛ وإفشال المخطط الغربي؛ الداعم الأكبر لفلسفة «الدولة الصفوية الحديثة». [email protected]