عرفته عن قرب منذ زمن بعيد؛ فقد كان صديقاً لعمي عبداللطيف مراد مساعد أمين العاصمة المقدسة سابقاً - عافاه الله وشفاه -. كان - رحمه الله - شخصية فذة، مقداماً قولاً وعملاً، مخلصاً لله ولوطنه، قريباً للخير، لطيفاً، طيب المعشر، جواداً في الخير.. قدَّم لدينه ووطنه الكثير.. أحب الناس فأحبوه، لين الجانب، حازماً، صارماً، قوي الشخصية، مهاباً في غير ضرر، يخدم قاصديه أياً كانت حاجاتهم؛ فيبادر بشخصه متابعاً حتى تُقضَى الحاجة. له قبول منقطع النظير، بليغ يفرض الانتباه إليه، احترمه الجميع، وسيم يعتني كثيراً بزيه المدني والعسكري. أتذكر في الماضي عندما كان نقيباً في شرطة العاصمة المقدسة، وتحديداً في مركز شرطة المعابدة، كان يقصد عمي عبداللطيف مراد بعضٌ من أفراد المجتمع المكي بطلب مرافقتهم له، وطلب الشفاعة الحسنة عنده - رحمه الله - في القضايا المشمولة بالإحسان بين عباد الله، وكان أبو خالد للخير مقداماً، يعمل جاهداً في لملمة الكثير من القضايا الاجتماعية، التي تنتهي بفضل جهوده صلحاً وستراً دون المساس بضوابط النظام أو الإضرار بأطراف أخرى.. فهو يدرك تماماً أن ما يقوم به هو إصلاح بين الناس عملاً بمقتضيات وسماحة ديننا الحنيف؛ فلا ضرر ولا ضرار. له رؤى اجتماعية مستقبلية، تتعدى واقع حال تلك المرحلة فيما يخص مهامه ومسؤولياته وواجباته الأمنية. لا يقبل ولا يعترف بالمستحيل. يعمل على تطويع ما هو متاح بين يديه في الجهاز الذي يتولى مسؤوليته وتسخيره لخدمة المجتمع. لقد حقق بفضل هذه المجهودات إنجازات في كل القطاعات التي تولى قيادتها. أحبه مرؤوسوه؛ فهم دائمو الثناء عليه، وأدرك هو ذلك في حياته، وكان سعيداً بما قدم.. ونال الحب الكبير من الناس وولاة الأمر، وذلك دلالة على حب الله وتوفيقه له الذي صاحبه طيلة حياته. ربطتني الحياة العملية به - رحمه الله -، ووجدت في شخصه كل ما ذكرت حقيقة. وانطوت الأيام والسنون طياً، ورحل سعادة اللواء عبدالله بن حمود الحارثي (أبو خالد) مودِّعاً هذه الدنيا بدموع محبيه وبإرث عظيم، وسيظل ماكثاً في قلوب الناس وألسنتهم بدعوات دائمة وصادقة بإذن الله تعالى.رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته. وداعاً أبا خالد.