الطائفية والمواطنة كلما ارتفع منسوب مياه إحداهما انخفض منسوب مياه الأخرى، والعكس بالعكس، فأيهما أولاً؟! في بلد تصعد فيه قيمة المواطنة تتعزز وتتراجع الطائفية، وربما تختفي، بوحدتها التاريخية كمصر والسعودية. وفي بلد تضعف فيه المواطنة وتتراجع تتقدم الطائفية، وتسود بضعفها الوطني، كالعراق وإيران وسوريا. فالطائفية من مخلفات العصور ما قبل الدولة الحديثة، والمواطنة أحد شروطها. فوجود الطائفية يمنع ويُعطل كل اشتراطات البناء المدني نحمد الله لا نراها بترابنا السعودي . فالسنة والشيعة أمة واحدة، وحيدر المُقيلي ذو السنوات الخمس رمز خرج لصلاة أول جمعة في حياته ليتخرج من الروضة إلى المسجد، ومنه إلى جنة الخلد رحمه الله أصغر ضحايا التفجير الإرهابي بمسجد القديح. ليفتخر والداه، ولنفتخر به كلنا «سنة وشيعة»؛ فنحن ألم لأمة واحدة، إذا نزف دم أحدها تبرعنا له بأرواحنا لحمة للدم في كل مشفى مُلبين «دمت يا وطن»، ومنددين بألا إرهاب لنا. لعل ضحايانا يكشفون بمأساتهم في كل ركن من أركان الأسرة السعودية ألماً خطيراً بمجتمعنا ودولتنا، لكن النتيجة أنها أضحت موجودة، من جهة، ومن جهة أخرى هناك جهات وأطراف محلية وإقليمية مستفيدة من صعود هذه الظاهرة، بل إن بعضها قد يُغذيها ويُنميها لغرض في نفس يعقوب كما تفعل أطراف إقليمية معروفة. وليس سرًّا أن جماعات جهادية كالقاعدة و»داعش» وغيرهما تعتاش على الطائفية؛ لأنها بالأساس منظمات طائفية مغلقة ومنغلقة فكراً وفقهاً وعضوية وهدفاً. لذا فإن «شباب السعودية يد واحدة ضد الطائفية» عُدَّت أنموذجاً يَنُم عن دواخيل الوطن والوطنية لشبابنا الذين نادوا بتفعيل المادة (12) من نظام الحكم، التي تنص على: «منع كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام، واستصدار قوانين تُجرم خطاب الكراهية والعنصرية والتحريض ضد الآخرين، ويهدد نسيج الوحدة الوطنية»، مُبرهنين على لُحمة الصف السعودي في مجابهة الطائفية والقبلية والعنصرية، والعمل على نشر الوعي في المجتمع بمخاطر الطائفية والعنصرية، والتبشير بثقافة التسامح والوحدة الوطنية والإسلامية سعياً لتوثيق أية ممارسة عنصرية، واستنكارها، وأخذ الإجراءات الملائمة تجاهها. إن أعراض الشيعة وشرفهم تُمثلنا كما تُمثل أي شيعي، رافضين أية محاولة لزعزعة الوحدة الوطنية. وأخيراً: لا بد من تلاقي الآراء والأفكار تحت قبة الحوار لتجنب مزالق التنابز والتنافر والطائفية؛ فالوطن يسع الجميع بكل مذاهب الناس واختلافاتهم وتنوعهم.. فمن يُرِد بناء الدولة الحديثة فيجب أن يعزز قيمة المواطنة بالممارسة والفكر والثقافة، فضلاً عن القانون والدستور والتعليمات.. واليد الواحدة لا تصفق!