يعيش العالم هذه الأيام تصاعداً في موجة الإرهاب من قبل جماعات لها مصالحها السياسية وأجندتها الخاصة، أو جماعات متشددة تريد أن يكون الأغلبية على طريقتها في كل شيء، ما حدث يوم الجمعة الماضي في مسجد علي بن أبي طالب بالقديح التابعة لمحافظة القطيف، عمل إرهابي وإجرامي شنيع، بل تعدى إلى أبعد من ذلك، حيث قصد الناس الآمنين المصلين في مساجدهم ويتم قتلهم. الإرهاب لا دين له ولا وطن، ولذلك من ينفذ هذه الأجندة لصالح جهات خارجية كانت أو داخلية إنما تم خداعهم بأن هذه العمليات جهاد في سبيل الله، وهم لا يدركون مدى خطورة عملهم وما أقدموا عليه بأنه عمل لا يرضي الله ولا رسوله، الخليفة أبو بكر الصديق عندما تولى الخلافة وأراد أن يُسير جيش أسامة بن زيد الذي عقد لواءه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته بأيام، كان يمشي بين الجيش حتى اعتلا الغبار قدميه وهو يأمُرهم بأن لا يقتلوا طفلا ولا شيخا ولا يقطعوا شجرة ولا يهدموا صومعة أو يعتدوا على من فيها من الرهبان، وهذا يدل على سماحة الإسلام وعظمته منذ تلك الأيام، كذلك سيدنا عمر بن الخطاب عندما وصل إلى فلسطين ليتسلم بيت المقدس لم يأمر بهدم كنيسة القيامة بل تركها لهم، فأين نحن من سماحة الإسلام وعدالته اليوم؟، فكيف لمن يسمح لنفسه بتفجير بيت من بيوت الله؟. من قام بهذا العمل الشنيع والبغيض في قرية القديح ضرب خاصرة الوطن من خلال تأجيج الطائفية بين أبنائه، وهذا عمل مخطط له ويحاك ضد وطننا، ولابد أن نكون حذرين لمثل هذه العمليات التي تستهدف أبناءنا وتريد تفتيت لحمتنا الوطنية وإضعافها، من خلال بث روح الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، وإذكاء روح الطائفية النتنة التي تسعى الدولة جاهدة للقضاء عليها، ويجب أن يتنبه أبناء الوطن بمختلف أطيافه المذهبية والفكرية، بأن وطننا مستقصد من الأعداء في الخارج والداخل، ولذلك يجب أن نجند أنفسنا لحمايته من كل مخطط إرهابي يقصد به ضرب وحدتنا الوطنية. الجميع مسؤول عن التصدي لمثل هذه الأعمال الإجرامية من كُتاب ورموز التيارات الفكرية، فكلّ له أناس يتأثرون بأفكاره، فيجب أن يكون اتحادنا مع بعضنا الآن أكثر من أي وقت مضى، والعقلانية تتطلب في مثل هذا الوقت تغليب مصلحة الدين والوطن من الجميع، ونترك التنابز والتطاحن فيما بيننا، والتكاتف في حماية أمن وطننا، وأن نكتب من أجل الوطن خاصة في مثل هذه الظروف التي تموج بها الحروب والفتن في كل مكان. نعم هناك من يستغل مثل هذه الأحداث ويكتب ويطعن ويشكك في الوطن، ويحاول أن يضعف الولاء الوطني، من خلال نقل صور ومقاطع مصورة في أغلبها ملفقة وغير صحيحة، محاولة منهم إلى نشر الفتنة وإشعالها. وأقول لهم إنكم لن تستطيعوا إحداث أي ثغرة بين أبناء مجتمعنا، لأن أغلبية المجتمع واع ومدرك لأي مخطط يقصد به ضرب أمن الوطن، وسوف يفوت الفرصة على كل معتد يريد المساس بأرض الحرمين الشريفين. ما حدث قبل أمس من تفجير وما تم نقله عبر وسائط التواصل الاجتماعي، من التفاف بين المواطنين سنة وشيعة والتبرع بالدم للمصابين، إنما يدل على وعيهم وحبهم لوطنهم وحبهم لبعضهم، فهذا الترابط الجميل بين أفراد المجتمع يقطع الطريق على كل متربص بهذا الوطن يريد تهديد أمنه واستقراره. ختاما الإرهاب يهدف إلى نشر الفوضى في كل مكان ويهدد الأمن والسلم الاجتماعي، ويحاول زعزعة الأمن والاستقرار ببث روح الكراهية وزرع الفتنة من خلال تأجيج الطائفية، وليس من المستبعد تورط جهات خارجية في هذه الجريمة، وربما الجرائم المشابهه في السابق، وهذا يضاعف المسؤولية علينا جميعا باختلاف مواقعنا أن نعمل على تفويت الفرصة على هذه الجهات، فلنكن حذرين ونكون يدا واحدة ضد أي خطر يهددنا، ونسأل الله أن يتغمد روح الشهداء وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، وأن يحفظ الله وطننا من كل مكروه، إنه سميع مجيب.